عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03 Dec 2013, 03:40 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي صدى الحركة الإصلاحية في الخارج أو صوتٌ من العراق (نصرة تقي الدين الهلالي لعلماء الجمعية)

صدى الحركة الإصلاحيّة في الخارج

أو

صوتٌ من العراق


أرسل إلينا حضرة العلامة السلفي المصلح العامل الناشط الأستاذ ( تقي الدين الهلالي) المغربي أصلا المشرقي سكنا و مهادا وهو من لا تخفى عن رجال الإصلاح مكانته العلمية و أعماله الإصلاحية و قد قرأوا له من المقالات في جرائدهم السابقة ما لا يحسب أنه نسوهُ أو ذهلوا عنه.

أرسل إلينا من العراق بمقال تحت عنوان ( تعليقات) هو برهان غيرته على هذا الوطن و دليل عنايته بهذه الناحية الإسلامية و شاهد ارتباطه الروحي بإخوانه رجال الإصلاح و إخلاصه إلى هذه الدعوة السلفية بارك الله لنا فيه و شد أزر الإصلاح بأمثاله من رجال العلم و الدين.

و ها نحن ننشر مقاله كما ورد علينا بنصه و فصه ، قال أحسن [الله]([1]) لنا و له في الحال و المآل:


﴿ تعليقات﴾

(البصائر)

من رأى بلادَ الجزائر كما رأيتُها أنا في العقد الرّابع من القرن الرّابع عشر الجاري ثمّ رآها في العقد التّالية وفي هذا العقد الحاضر لا ينقضي عجبُهُ من تبدّلها من الوجهة الدّينيّة والثّقافيّة وحتّى الأخلاقيّة. رأيت سيارة لشركة من العرب و الفرنسيين في ناحية جيرى فيل ( البيض)([2]) قد كتب عليها بخط عربي رديء ما صورته : ( فرانكو عرب كمباني سيداران) و معناه شركة عربية و فرنسية في جنوب وهران فتألمت كثيرا لموت اللغة العربية الأدبية في تلك الربوع و خامَرَني يأس لا أمل معه من بعثها من مرقدها.وكان ذلكَ في سنة 1339هـ أي منذُ ست عشرة سنةً فقط ولو أنّ مُخبِرًا أخبرني أنّه بعد عشر سنين أو بعد (50) سنة ستكون في الجزائر نهضةٌ أدبيّةٌ تُضاهي البلدان الإسلاميّة الرّاقية في صحافتها وفي إصلاحها وفي ثقافتها وتزيدُ عليها بوجود طائفة (ولا أقول جمعيّة لأنّها مُولّدة) من العلماء العاملين المهذّبين الحكماء يُجاهدون حقَّ الجهادِ لإنقاذِ شعبهم من هاويةِ شقاءِ الفوضى في الدّين والأخلاق تفتخرُ بهم العصور – أو قال لي قائلٌ لبادَرتُ إلى تكذيبِهِ. أمّا اليوم فقد أحيا اللهُ الجزائرَ بعد موتها بأولئك الرّجال المُخلِصين فها هي أرضها قد اهتزت و ربت وأخذت تنبت من كل زوج بهيج ، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[الحج:06]؛ لقد منَّ الله على سكانِ الجزائرِ برجالٍ من خيرةِ خلقهِ يبصرونهم من العمى و يحيون بإذن الله الموتى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه و كم من ضال قد هدوه و كم من غافل قد نبهوه و كم من نائم قد أيقظوه و كم من جاهل قد علموه فما أحسن أثرهم على الناس و ما أقبح أثر الذين لا يعقلون عليهم ، ففي سبيل الله ما تحملوا من أذى و ما كابدوا من محن وما قاسوا من زلازل و فتن ﴿فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾[آل عمران:146].

قام الإمام المصلح الشيخ ( عبد الحميد بن باديس) سليل البطل المغربي المجاهد ( المعز بن باديس)([3]) فرأى البلاد مظلمة الأرجاء متشعبة الأهواء دوية الأدواء يُحار فيها اللبيب و تعضل بالحكيم فشمر عن ساعد الجد و قيض الله له أنصارا أطهارا أبرارا آزروه و نصروه فبدأوا عملهم و صدعوا بما أمرهم الله و رسوله به و مر عليهم طور و فتنوا كما فتن المصلحون من قبلهم و ثبتهم الله بالقول الثابت حتى اقتحموا العقبة الأولى و هي أصعب العقبات و أخذت دعوتهم تُؤتي أكلها و أينعت ثمارها و دنا جناها و في أثناء ذلك ورد عليهم الأستاذ السلفي الداعية النبيل الشيخ ( الطيب العقبي) سليل الفاتح العظيم و الغازي في سبيل الله صاحب النبي صلى الله عليه و سلم ووارث هديه ونوره([4]) (عقبة بن نافع الفهري)([5]) طيب الله مرقده فكثروا به و كان مداداً لهم و رداء و انتشرت الهداية و انجلت غياهب العماية وأقبل الناس على الهدي النبوي الخالص و جدّد الله بهؤلاء الأئمة لأهل الجزائر دينهم و دنياهم و لا يرتأ([6]) عن أحد من التعبير بالإمام والأئمة فإنه إذا فتح بصره و نظر قليلا إلى لغة العرب و سنة خبر العرب وجد مدلول الإمام أوسع مما حصره فيه الإصلاح التقليدي قال الله تعالى : ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾[الفرقان:74]، فندب جميع المؤمنين أن يسألوا إمامة المتقين ولو علم الله أن الإمامة محمودة في تلك الحدود الضيقة لما ندب عباده لطلبها و قال :﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[السجدة:24]، فأخبرنا أن كل من أيقن بآيات الله و صبر كان إماما و كل من هدى الله على يده و لو شخصا واحداً فهو إمام.

بدأ السلفيون عملهم الكتابي بمجلة (الشهاب) المجاهدة الصابرة و أنشأوا بعد ذلك صحفاً أخرى قضت عليها الدسائس و لكن كلما غاب منها كوكب أضاء مكانه كوكب آخر:

نُجُومُ سَمَاءٍ كُلَّمَا غَابَ كَوْكَبٌ *** بَدَا كَوْكَبٌ تَأْوِي إِلَيْهِ كَوَاكِبُهْ([7]).

و نعم المسمى، طلعت علي (البصائر) في هذا الأسبوع فكأنها قميص يوسف فإنها صيرتني بصيرا و حلت عقالي و بعثتني على العمل و لو من بعيد و يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما و لكن إن لم يصبها وابل فطل([8]) و إني لأرجو أن يعم هذا الضياء بهذه (البصائر) الربوع المغربية جمعاء من برقة إلى السودان المغربي فإن أهل المغرب و الله في أشد الحاجة إلى هذه البصائر ، والمأمول أنهم سيبصرون لأن معدنهم كريم وفطرتهم سليمة وعزائمهم متينة ونيتهم صادقة حقق الله الرجاء و سلام على جماعة العلماء الجزائريين و على أنصارهم و بارك الله عليهم أجمعين.


مجلة (البصائر)؛ السنة الأولى، العدد (29)، (ص:2-3) .

- يتبع-

======

[1] : في الأصل : (لله).
[2] : أنشأ الجنرال بليسي أول قاعدة عسكرية في البيض سنة (1852) ، لهذا كان سيطلق عليها اسم ليني فيل نسبة للعقيد ديلني ، ولكن استبدل هذا الاسم بـ: (جيري فيل) نسبة للعقيد جيري الذي دخل المنطقة سنة 1843.
[3] : المعز بن باديس بن منصور[ بن بلكين بن زيري بن مناد الحميري ، الصنهاجي ، المغربي] : من ملوك الدولة الصنهاجية بإفريقية. ولد بالمنصورية (من أعمال إفريقية) وولي بعد وفاة أبيه (سنة 406 هـ) [وهو ابن سبعة أعوام أو ثمانية، فتولى توجيهه وتأديبه وزيره أبو الحسن بن أبي الرِّجال، الذي استماله إلى مذهب مالك وإلى أهل السنة والجماعة، وكانت إفريقية شيعية على المذهب الفاطمي منذ أن سيطر الفاطميون عليها، وكان ملوك صنهاجة يخطبون للخلفاء الفاطميين بإفريقية] وأقره الحاكم الفاطمي (صاحب مصر والمغرب) ولقبه بشرف الدولة. وساد الأمن في أيامه. وبنى بنايات ومساجد أنفق عليها أموالا وافرة، وقرب العلماء وأكرمهم. ونشبت بينه وبين قبائل زناتة حروب انتصر في جميعها.
وكانت خطبته للفاطميين، فقطعها (سنة 440) وجعلها للعباسيين، فوجه إليه المستنصر الفاطمي أعراب بني هلال وبني سليم من قبائل الحجاز، وأباح لهم الغارة على المغرب، فاحتلوا القيروان.
وحاربهم المعتز فتغلبوا عليه، فتقهقر إلى المهدية. واستمر وادعا إلى أن توفي فيها من ضعف الكبد. وهو أول من حمل الناس بإفريقية على مذهب مالك وكان الأغلب عليهم مذهب أبي حنيفة.[ أنظر: الأعلام للزركلي و ما بين معقوفتين زيادة من عندي].
[4] : لم تصح له صحبة كما قال الشيخ فركوس في الإعلام بمنثور تراجم المشاهير و الأعلام.
[5] : هو عقبة بن نافع بن عبد القيس القرشي الفهري الأمير، نائب إفريقية لمعاوية ابن أبي سفيان ولابنه يزيد، افتتح عامة بلاد البربر وبنى القيروان وله فضائل، ولم يصحّ له صحبة، توفي مقتولاً في واقعة تهودة على يد كسيلة بن لمرم الأودي (كذا ضبطه ابن الأثير) سنة (٦٣ﻫ)، ودُفن بالجنوب الشرقي لمدينة بسكرة الجزائرية.[ أنظر: الإعلام بمنثور تراجم المشاهير و الأعلام للشيخ فركوس حفظه الله (ص:242)].
[6] : رَتَأَ العُقْدَةَ بالهمز كمَنَعَ يَرْتَؤُها رَتْأً ورُتُوءاً كقُعُود إِذا شدَّها كرَتَاها من غير همز عن ابن دُريد . ورَتَأَ فلاناً : خَنَقَه . ورَتَأَ زيدٌ : أَقامَ . وقال الفرَّاء : خرج يَرْتَأُ شَديداً أَي انْطَلَقَ . والرَّتْآنُ محرَّكةً ممدودةً مثل الرَّتَكَانُ وزْناً ومعنًى . وأَرْتَأَ الرجُلُ : ضحِك في فُتورٍ . وقال ابن شُمَيْل : ما رَتَأَ كَبِدَهُ اليومَ بطعام أَي ما أَكلَ شيئاً يَهْجَأ أَي يُسَكِّنُ به جوعَه قال : وهو خاصٌّ بالكَبِدِ أَي لا يقال : رَتَأَ إِلاَّ في الكبدِ وكبده منصوب على المفعولية.[أنظرك تاج العروس للزبيدي].
[7] : هذه الأبيات لِلَقِيطِ بنِ زُرَارَةَ ، قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : أَنْشَدَنَا أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ لِلَقِيطِ بْنِ زُرَارَةَ:

وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ عَرَفْتَهُمْ*** إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ قَامَ صَاحِبُهْ

نُجُومُ سَمَاءٍ كُلَّمَا غَابَ كَوْكَبٌ*** بَدَا كَوْكَبٌ تَأْوِي إِلَيْهِ كَوَاكِبُهْ

أَضَاءَتْ لَهُمْ أَحْسَابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ*** دُجَى اللَّيْلِ حَتَّى نَظَمَ الْجَزْعَ ثاقِبُهْ.

[أنظر : المجالسة وجواهر العلم للدينوري (4/317) برقم (1476) طبعة ابن حزم بتحقيق مشهور حسن]
[8] : قال تعالى : ﴿فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾[البقرة:265]، قال الضحاك : هو الرذاذ ، وهو اللين من المطر.[أنظر: تفسير ابن كثير].


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 04 Dec 2013 الساعة 06:38 PM
رد مع اقتباس