عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 03 Aug 2013, 05:22 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

سابعا : فيها شفاء للقلوب :
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى : '' و التحقيق بـ }إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} علما و معرفة ، و عملا و حالا : يتضمن الشفاء من مرض فساد القلب و القصد فإن فساد القصد يتعلق بالغايات و الوسائل .
فمن طلب غاية منقطعة مضمحلة فانية ، و توسل إليها بأنواع الوسائل الموصلة إليها كان كلا نوعى قصده فاسدا.''([1])
وقال رحمه الله :
أركان علاج القلب :
فإن هذا الدواء مركب من ستة أجزاء :

(1) عبودية الله لا غيره (2) بأمره و شرعه (3) لا بالهوى (4) و لا بآراء الرجال و أوضاعهم ، و رسومهم ، و أفكارهم (5) بالإستعانة علة عبوديته به (6) لا بنفس العبد و قو ته وحوله و لا بغيره.
فهذه هي أجزاء }إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فإذا ركبها الطبيب اللطيف ، العالم بالمرض ، و استعملها المريض ، حصل بها الشفاء التام . و ما نقص من الشفاء فهو لفوات جزء من أجزائها أو اثنين أو أكثر .
الرياء و الكبر من أشد أمراض القلب :
ثم إن القلب يعرض له مرضان عظيمان إن لم يتداركهما العبد تراميا به إلى التلف و لا بد ، و هما الرياء و الكبر ، فدواء الرياء بـ '' إياك نعبد '' ، و دواء الكبر بـ '' إياك نستعين '' ، و كثيرا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية _ قدس الله روحه _ يقول : '' إياك نعبد '' تدفع الرياء ، '' و إياك نستعين '' تدفع الكبرياء[2] ، فإذا عوفي من مرض الرياء([3]) بـ '' إياك نعبد '' ، و من مرض الكبرياء و العجب بـ ''و إياك نستعين '' ، و من مرض الضلال و الجهل بـ '' اهدنا الصراط المستقيم '' ، عوفي من امراضه و اسقامه و رفل([4]) في اثواب العافية و تمت عليه النعمة .و كان من المنعم عليهم }غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } و هم أهل فساد القصد ، الذين عرفوا الحق و عدلوا عنه ،}و الضَّالِّينَ} وهم أهل فساد العلم ، الذين جهلوا الحق و لم يعرفوه .
و حق لسورة تشتمل على هذين الشفاءين : أن يستشفى بها من كل مرض ... '' ([5])

-يتبع-
=======


[1]: التفسير القيم لإين القيم الجوزية (الصفحة 57 تحقيق العلامة حامد الفقي رحمه الله )

[2]: الكبرياء هي العَظَمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى [ لسان العرب لإبن منظور(5/125-126)].

[3]: الرياء مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة ليراها الناس فيحمدوا صاحبها. [فتح الباري (11/ 443) ].
و في الحديث : " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : و ما الشرك الأصغر ؟ قال الرياء ، يقول الله عز وجل لأصحاب ذلك يوم القيام
ة إذا جازى الناس : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ؟! " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 671):
'' رواه أحمد ( 5 / 428 و 429 ) و أبو محمد الضراب في " ذم الرياء " ( 277 / 2 /299/2) ، و البغوي في " شرح السنة " ( 4 / 201 / 1 ) عن عمرو بن أبي عمر و عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . و هذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمود بن لبيد ، فإنه من رجال مسلم وحده ، قال الحافظ : " و هو صحابي صغير ، و جل روايته عن الصحابة " .
قلت : له في " المسند " عدة أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
و قد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 217 / 1 ) عن عبد الله بن شبيب أنبأنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو به ، إلا أنه قال : عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مرفوعا .
قلت : و عبد الله بن شبيب واه ، فلا تقبل زيادته'' .إ.هـ.

[4]: رفل رفلا : جر ذيله و تبختر في سيره .

[5]: التفسير القيم ( ص 58-59). و انظر مدارج السالكين (1/65/66).

رد مع اقتباس