الموضوع
:
المُدْهِشُ فِي سِحْرِ الكَلِمَة
عرض مشاركة واحدة
#
1
04 May 2016, 10:04 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي
عضو
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
المُدْهِشُ فِي سِحْرِ الكَلِمَة
بــــسم الله الرحمن الرحيــــم
الحمد لله الذي جعل الكلام دليلا على المعاني ، و شرّف لغة العرب بحسن المباني ،
فأنزل أعظم كتبه بلسان عربي مبين ، و أرسل أفضل رسله من العرب الأميين .
أغنى لغة و أثراها ، ذات مخيضٍ و زبد ، و غيرُها حمّالة الحطب في جيدها حبل من مسد .
اللّغة العربية
لها سحرٌ كسحر الكهان ، و نور كنور الكوكب ذي اللّمعان .
لكنها كقاضٍ مرتشٍ ، و سكران مُنتشٍ .
قال رسول الله ﷺ :
«إن من البيان لسحرا»
[صحيح البخاري 5434]
و إن من اكتسب البلاغة و البيان ، كان كفارس الميدان ، يضرب بالصّارم و السّنان ،تهاب لقاءه الشّجعان ، و تفرّ من صولاته الأقران .
إن كان في صف الحقّ فنعم المُضارب ، و إن كان في صف الباطل فبئس المُجانب .
قال النبي ﷺ لصحابته حين آذته شعراء قريش :
«اهجوا قريشاً فإنه أشد عليها من رشق النبل»
[صحيح مسلم 2490]
فهذا حين يكون صاحب البلاغة و البيان نصيرا للحق .
و حين يكون ظهيرا للباطل فلا حول و لا قوة إلا بالله .
قال ﷺ :
«إن أخوف ما أخاف على أمتي كلّ منافق عليم اللسان»
[السلسلة الصحيحة 3 / 11]
و إن من سحر البيان و صف الشيء الواحد بالحسن تارة و بالقبيح تارة ، و لا يكون في الحالتين إلا حقا .
كقول الشاعر :
ففي زخرف القول تزيين لبــــــــــــــاطله .............. و الحق قد يعتريه سوء تعـــــــــــــــبير
تقول هذا مجاج النحل تمــــــــــــــــــدحه .......... و إن تشأ قلـــــــــــــــــــت ذا قيء الزنابير
فمدحا و ذما وما جاوزت و صفهما ........... سحر البيان يُري الظلماء كالنور
و قيل أن ملكا رأى رؤيا فأفزعته ، فعبّرها معبّر فقال له : يموت أهلك و جميع أولادك و تُخلَّفُ بعدهم ، فقتله .
و عبرها له آخر فقال له :
إنك أطول أهلك عمرا
، فأحسن إليه .
فالتعبير واحد لكن حسن البيان و منتهى الأدب غيّر الصورة .
و يحكى أنَّ الرَّشيد رأى في داره حزمة خَيْزُران، فقال لوزيره الفضل بن الرَّبيع: ما هذه؟ قال:
عروق الرماح
يا أمير المؤمنين، ولم يقل الخَيْزُران لموافقته لاسم أمِّه.
ونظير هذا أنَّ بعض الخلفاء سأل ولده -وفي يده مِسْوَاك- ما جَمْع هذا؟ قال:
ضدُّ محاسنك
، يا أمير المؤمنين. خشية أن يقول مساويك.
وخرج عمر رضي الله عنه يَعُسُّ المدينة باللَّيل، فرأى نارًا موقدةً في خِبَاء، فوقف، وقال:
يا أهل الضَّوء
. وكَرِه أن يقول يا أهل النَّار
و قيل للعبَّاس بن عبد المطَّلب: أيُّما أكبر، أنت أم النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
هو أكبر منِّي
، وأنا وُلدت قبله
فمن حباه الله بهذه النعمة الجليلة و المنحة الجزيلة . فليكن ركنا من أركان الحق . و لا يكن مِعول هدم يشتغل في جسد هذه الأمّة .
فالله الله في الكلمة فإنها سهم مُصوّب ، و القوس بيدك فاختر من تُصيب .
فإما رمية في سبيل الرحمن و إما رمية في سبيل الشيطان .
و إن الحفظة منها لبمكان ، و الله المستعان
كتبه أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلمي
تبلبالة
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 09 Sep 2017 الساعة
11:53 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عاصم مصطفى السُّلمي
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عاصم مصطفى السُّلمي