عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20 Oct 2016, 04:59 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي يستدلون برحمة النبي و لينه في غير مواضعها ( مساجلة شعرية

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مساجلة شعرية وقعت بيني و بين أحد الشباب في أحد المنتديات
( و لست من فرسان الشعر و لا من رجّالته ، و لكنّه التطفُّل على موائد الشّعراء )
و كان هذا الرّجل قد ضاق ذرعا بمنهجنا ، و أشرقته دعوتنا ، فأخذ يشغب و يهوِّل و يكيل التُّهم و الادّعاءات
و كلما رأى أحد إخواننا نشر نصيحة أو موعظة أو فائدة ، أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر
حشر أنفه هناك ، و رمى كاتب الموضوع بالغلظة و القسوة ، و التحجر و الانغلاق ، و حب الرأي
و أنهم يخالفون هدي النبي صلى الله عليه و سلم و أنه كان رحيما و أنه لينا و رؤوفا .... إلخ
و كانت القطرة التي فاض بها الكأس ، يوم نشرتُ هناك موضوعا عنوانه : " نصيحة لكل من يسعى للإبداع و الأدب "
تعرضت فيه لنشر بعض أغلاط الحداثيين و العصرانيين ( الأدباء العلمانيين اللادينيين )
فانبرى هذا و من على شاكلته للرد تشغيبا على الموضوع و تعكيرا لصفو تلك النّصيحة
و كان صاحبنا هو الذي تولى كِبر التبليغ عن الموضوع للإدارة و أنّه مقال مخالف للقوانين و أنه صار مساحة للخلاف و الجدل
و التعرض بالتلميح لبعض الأعضاء و غير ذلك ... ، حتى حذف
ثم أعاد نشره بعض المشرفين الأخيار ، ثم أبلغ عنه مرة أخرى فأغلق
و ذلك كله لأنه محبُّ لأولئك الأدباء الحداثيين من أمثال أدونيس و قباني و درويش و الشابي و نازك و غيرهم
و حدث بيني و بينه نقاش انتهى إلى الفراق بيني و بينه لما علمت أنه مجادل و معاند و مكابر ( هداني الله و إياه )
... ثمّ بعد مدة ، و ضعتُ موضوعا اسمه : " استحثاثُ العقول لاستحداثِ الفحول "
و هو للمساجلات الشعرية ، و كانت بذرته موضوعا لأحد الإخوان ذكر فيه
أن أحد شعراء موريتانيا كان قد جارى البيت الشهير المنسوب إلى الشافعي ، و هو :
دعِ الايَّامَـ تَفعَلُ مَــــــــا تَشَاءُ ** وطِبْ نَفسًا إذا حَكمَـ القَضـــــاءُ
فجاراه و عارضه الشاعر الموريتاني ارتجالا :
قضاءُ اللَّهِ حُكمٌـ فِــيكَ ماضٍ ** فَـما يُجدِي التأسُّفُ والبُكــاءُ
فجاريتهما و نسجت على منوالهما قائلا :
وَ مَا يَدْرِي الكَنُودُ بِأَيِّ وَادٍ ** يُنَــادِمُهُ التَّــجَلُّدُ وَ الـــــــــــــرِّثَاءُ
فَكُلُّ الخَلْقِ يُــدْرِكُهُ الفَنَاءُ ** وَ نَهْجُ السُّخْطِ يَرْفُضُهُ التُّقَاءُ

ثم دعوتُ الأعضاء هناك إلى مطاردة البيتين ، ببيت من نسج عقولهم
مبتدئا بحرف الروي في البيت السّالف ( و هو حرف الألف المهموزة ) و هكذا دواليك .
و مشى الأمر على ما كان إلى أن وضع أحد الأعضاء هذا البيت :
نعصي الإله جِهارا ثم يسترنا .......... ما أعظم الله سِتّيرٌ لما بَرَجَ
فطاردتُه قائلا :
جَبَلٌ يَلِينُ وَ أَنْفُسٌ مَسْمُودَةٌ ........... وَ القَلْبُ قَاسٍ رَانَهُ مَكْسُوبُ
فتدخّل صاحبنا لحاجة في نفسه فطارد البيت قائلا ( نقلت الأبيات كما رسمها و بألوانها التي كتبها بها في الأصل ) :
{ بِاللِّينِ } تَكْسِبُ حُبَّ كُلِّ مَنْ دَعَوْ ** تَ وَإِنْ قَسَوْتَ فَفَاتِنٌ مَرْهُوبُ
شَهِدَتْ بِذَا آيُ الكِتَابِ وَبَيَّنَتْ ** فَالسَّالِكُونَ طَرِيقُهُمْ مَحْسُوبُ
دَرْبُ الهُدَى وَإِمَامُنَا خَيْرُ البَرِيـَّ ** ـةِ كُلِّهَا فَيَا عِبَادَ اللهِ أُوبُوا

و هو كلام حقٍّ أريد به باطل ، فأجبته مطاردا :
بالحقِّ تدعـــو و الخِصـــالُ سجــيحةٌ ***** و انْفِ المُـــداهِنَ إنّه مجـــبوب
ذَبٌّ على ديــــن النّـــبي محـــمّد ***** جَرْحُ الرُّواة و قولُــهُم : مكذوبُ
( و اغلُظ على ) مُتعــنِّت ذي سَوْرةٍ ***** صِفرُ اليقـــينِ و رأسُه مركوب
فعســى الحـــــــديدُ يردُّه و يصـدُّه ***** عن غيِّه و المــركبُ المصــحوب
فاللّين يُثمـر في الحصيف و شِبْـــهِهِ ***** لكنّه في شَمْــخَرٍ مَكْبُــــــــــــــوبُ

فردّ قائلا ( و لم يطارد كما ترى ! ) :
موسى الكليم قد مضى { باللين } يد ** عو من طغى، بآية تُعاضدُه
هي العصا، كذا يَدُه، وأخٌ لسا ** نهُ فصيحٌ؛ مُرسَلٌ يُسانِدُه
{ اللينُ } سلعةٌ لها من الجزا ** ءِ أوفرُه، والعنفُ بخسٌ عائدُه
يا صاحبي ! فأيَّ سلعةٍ ستقـ ** تني، لكَ الـقرارُ ، أنتَ سيِّدُه

فقلتُ و الرّوي هو الدال لأن الهاء لا تحتسب لأن الألف و الهاء لا يعتبران إلا إذا كانا جزءا من الكلمة :
دَلّ الذي ذكرتَه عن الكليمْ ***** عن حكمة بالغةٍ من العليمْ
و مثلُــه ما في الكتاب ذُكرا ***** في عبسٍ و نبإٍ و الشُّعــرا
فاللِّــــينُ في موضعهِ يُحبَّذُ ***** و الجَلدُ في موجِــــبهِ يُنفَّذُ
كذا الكليم في الدُّعاء قد جهرْ ***** بما به أرســله رب البشرْ
و كلُّ ما عن حـــــدِّه يَزيدُ ***** فاعلم بأنَّ ضـــــدَّه يُريدُ

فردّ مطاردا البيت الثاني (حرف الرّاء) لأن البيت الأول فيه تذييل ( و هو لا يدخل بحر الرجز ) فأضرب عنه صفحا ، قال :
رَوِيُّكُمْ مِنَ الهِجَا، أَمَامَكُمْ ! ** نَسَجْتُهُ يَا صاحبي ؛ هُوْ حَرفُ جَا
مُحَمَّدٌ نُورُ الدُّجَى، بِالحَقِّ جَا، ** سَبِيلُهُ مَا كَانَ يَوماً أَعْوَجَا
مَحَجَّةٌ بَيْضَاءُ، كان صُبْحُهَا، ** بلا مِرا ، لأولي البصيرةِ أبلجَا
بِرَحْمَةٍ مِنْ رَبِّهِ مُتَوَّجَا ** نَعَمْ نَعَمْ { باللينِ } قَادَ أُولِي الحِجَى
ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُهُمْ؛ { مِنْ لِينِهِ } ** { وَبِحُبِّهِ } ، لاَ بِالسِّلَاحِ مُدجَّجا

فرددت عليه قائلا :
جَدَّ المُصَاوِلُ فِي غُــــنْمٍ يَكُونُ لَهُ ***** جِدَّ المُطَارَدِ يَدْلُلْهُ عَلَــــى الرَّشَدِ
لِينٌ بِهِ العَبْدُ تَزَّيَّـــنْ جَوَارِحُــــــهُ***** لَهُ بَرِيقٌ بَرِيـــقَ النَّارِ فِي الصَّــرَدِ
كَذَاكَ لَا يُنْكِرُ المَشْــرُوعُ نَاقِضَهُ **** ( تَنْهَى الظَّلُومَ وَ لَا تَقْعُدْ عَلَى ضَمَدِ )
وَ ارْدَعْ جَهُولاً غَوَى غَيّاً لِمِحْنَتِهِ ***** رَدْعَ الرَّسُولِ إِذَا اسْتَوْلَى عَـلَى البَلَدِ
فأَهْدَرَ الدَّمَ مِمَّن لَــيْسَ يعْصِــمُهُ ***** لِتِسْعَةٍ عَزْمَـــةً فِي ذَلِكَ العَــــدَدِ
وَ أْذِ الضَّلِــيلَ وَ زِدْ ضَرْباً بِمَرْزُبَةٍ ***** ضَرْبَ الصَّبِـيغِ بِلَا عَقْلٍ وَ لَا قَوَدِ
وَ اعْلَمْ بِأَنَّهُمَا العَيْــنَانِ فِي رَأَسٍ ***** وَ احْكُمْ بِأَنَّهُمَا الطَّـرْفَانِ فِي جَسَدِ
قَدْ يَجْهَلُ الأَعْوَرُ المَرْصُوصَ فِي جِهَةٍ **** وَ يُبْدِلُ الأقْطَـــعُ اليَمِينَ بِالقَعَدِ

فردّ قائلا و مطاردا :
أقول وبالله التوفيق عن مشهد لم ولن يتكرر مثله في التاريخ - للأسف -
- بسبب قلوب البشر المليئة بالحقد والخالية من الرحمة ..
إنه مشهد فريد مع نبي المرحمة ؛ مشهد عنوانه : اذهبوا وأنتم الطلقاء .. !
عبرت عنه بهذه الأبيات المتواضعة ..

دَخَلْتَ مَكَّةَ مُنْكَبّاً عَلَى القَصَوَا ** لِلَهِ مُنْكَسِراً؛ تَدْعُو، وَتَشْكُرُهُ
أَمَّا قُرَيْشٌ، فَقَدْ جَاءَتْكَ مُشْفِقَةً؛ ** مِنَ العِقَابِ، وَحُكْمَ اللهِ تَنْظُرُهُ
فَكَانَ عَفْواً ! وَمَنْ سِوَاكَ يُصْدِرُهُ ؟ ** { بَرٌّ رَحِيمٌ }؛ كَمَا القُرْآنُ يَذْكُرُهُ
...
ذاك الحبيبُ فَهُبُّوا نَقْتَفِي أَثَرَهْ ** وَطَهِّرُوا النَّفْسَ مِنْ أَدْوَائِهَا الخَطِرَهْ

فقلتُ ردّا عليه لما صدّر أبياته بقوله : ( بسبب قلوب البشر المليئة بالحقد والخالية من الرحمة .. ) :
رِسْلاً عَلَى مَهْلِكَ بَاقِي الأَدْهُرِ ***** وَ لَا تُقَوِّلْـــــنَا بِمَا لَمْ نَنْطِقِ
فَقَوْلُنَا أَنَّ لِكُــــــــلٍّ مَوْضِعَهْ ***** فَاشْدُدْ بِهَا إِزْرَكَ ثُمَّ انْتَطِقِ
كَذَاكَ مَا ذَكَرْتَهُ لَا نُنْكِــــــرُهْ ***** وَ ذِكْرُنَا دَهَاكَ مَا لَمْ تُطِقِ
عَوْداً عَـلَى بَدْءِكَ بَاغِي الأَرْفُقِ ***** فَمَا بِذَا يَسِيـــرُ أَهْلُ المَنْطِقِ

و هنا صرّح المخيض عن الزّبد ، و سألني مغضبا عما أقصد بقولي : وَ ذِكْرُنَا دَهَاكَ مَا لَمْ تُطِقِ
و حدثت مناقشة حادة حاد فيها عن جادة الصّواب و حدود الأدب
فطلبت منه أن لا يتعرض لشيء من مواضيعي و أن لا يشارك في شيء منها
فحذف مشاركاته كلها ، و نشرها في موضوع مستقل ، و قال فيه بالحرف الواحد :
وهذه مقطوعات شعرية على بحر الكامل في الإشادة بالدعوة إلى الله بالرفق واللين والحب ..
كتبتها في مطاردة شعرية لكنها - للأسف - لم تلق استحسانا هناك فنقلتها هنا ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
و هؤلاء يزعمون أن النهي عن المنكر و بذل النّصيحة الواجبة و التحذير من البدع و أهلها
مجانب للين و الرّحمة و المحبّة و الدّعوة بالتي أحسن ، و هذا من شُبه القوم و تلبيساتهم
فإن من الرّحمة بالمخالف الأخذ على يديه و بذل النّصيحة له
و من الرّحمة بالخلق تحذيرهم ممن يريد أن يُوردهم موارد الهلاك و الخسران
و الشريعة التي أمرت بالرّحمة و اللين و الصفح و العفو ، هي التي أمرت بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
و بجلد القاذف و الزاني و قطع السّارق و رجم المحصن الزاني و غيرها من الحدود

هذا و الله أعلى و أعلم ، و له الأمر من قبل و من بعد
و رحم الله امرءا رأى خللا فسدّه أو خطأً فردّه
و اللهم تجاوز عنا خطأنا و تقصيرنا و إسرافنا في أمرنا

كتبه أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلـــــــــمي
تبلــــــــــــــــــــــــــبالة يوم الخميس 18 محرم 1438 هـ


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 20 Oct 2016 الساعة 09:31 PM
رد مع اقتباس