عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13 Apr 2016, 06:28 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي الجهاز الجديد لإنعاش الأعياد الشركية و البدعية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده لا إله غيره و لا رب سواه ، و الصلاة و السلام على من أُمرنا بالإقتداء بسنته و الإهتداء بهداه ، و الحمد لله الذي من علينا بنعمة التوحيد و الإتباع ، و جنبنا مصارع الشّرك و مزالق الإبتداع .
و بعد :
فإنّني من بُليدةٍ تحيط بها الأضرحة و القباب جغرافيّاً من كل ناحية ، فمن ضريحٍ بين النخيل و الجنان ، و قبرٍ بسقط اللوى بجانب الكثبان ، و أثرٍ لوليٍ صالحٍ ـ زعموا ـ في قمة الجبل ، يقصده أهل الجنون و الخبل .
لما بلغتُ سنّ التمييز و الإدراك ، وجدت الكل ينذر لها النذور و يذبح لها الذبائح و تُقصد بالدّعاء رغبة و رهبة ، و يخشاها الناس ما لا يخشون ربّهم ، و تقام عندها الزردات و تكرر قربها الوعدات ، و كانوا يعتقدون أن هؤلاء المقبورين يحفظون بلدتنا و أهلها ـ و العياذ بالله ـ و يسمونهم ( رجال البلاد ) فمن حالَ حائلٌ دون أمرٍ كان أزمعَ فِعلَه ، قالوا له ـ مُعزِّين ـ لم يشأ رجال البلاد لك هذا ، فيقرِّبُ إليهم شيئا لييسِّروا أمره ...
و كانت الزيارات و الزردات عند مشاهدهم و قبابهم على مدار العام ، فهذا موسم سيدي عبّاد و هذا موسم سيدي عيسى و هذا موسم سيدي سالم و أكبر موسم هو ( وعدة سبعة رجال ) و كانوا يسمُّون مقبرتهم
( جمعَ الصّالحين ) و لذلك لكثرة الأضرحة و القباب و الأولياء بها بزعمهم . و ما يُذكَرون عند أحدٍ إلا وضع الرُّسغَ على الرُّسغِ و قال : ( مسلمين و مكتفين ) يعنون بذلك : مستسلمين خاضعين .
كان الأمر هكذا ثمّ فتحتِ الدنيا على الناسِ ، فانشغلوا بالدرهم و الدينار و ألهتهم السيارات و البساتين عن بعض ما كانوا فيه ، صحب ذلك شبهُ صحوةٍ ، قام بها بعض الشباب الذين قد تأثروا برسائل و كتب و أشرطة العلامة ابن باز و الشيخ ابن عثيمين و الشيخ الألباني و غيرهم من أهل العلم التي كانت ترسلها مؤسسة الحرمين الخيرية و فتاوى اللجنة الدائمة التي كانت ترسلها وزارة الشؤون الإسلامية ، بغية نشر العقيدة الصحيحة .
و المهم أن تلك الزيارات و الوعدات و جل الإعتقادات ، صارت في تراجع و اضمحلال إلى أن جاء اليوم الذي بلغ فيه شبابٌ سن الإدراك ـ بل ناهزوا الحلم ـ و لم يروا و لم يسمعوا بشيء يقال له وعدة أو زردة ، لبعد العهد بها ، و لم تبق إلا بعض الأفعال الفردية التي يقوم بها من شب على الأمر القديم و لم يُطق طلاقه ، و كذا بعض الأقوال الشركية التي علقت بألسنة بعض كبار السّنّ .
ثم ظهر المنهج السّلفي عندنا ، و قام بعض إخواننا ببيان الحق و تعليم الشباب و بعضَ الرجال عقيدةَ التوحيد و حذروهم خطر الشرك و مغبة الوقوع في البدع ، و وزعوا الرسائل و المطويات و كثيرا من الأشرطة و الأقراص وحصل خير كثير ، بالرغم من أهل المنابر كانوا ضدنا ، لكن الحق عليه نور كما يقال ، فانشرحت صدور كثير من الناس إلى دعوة الحق ، و أصبحوا لا يثقون في أئمة الزوايا و أصحاب المنابر عندنا ، و صاروا يسألون عن الدّليل و يتثبتون من درجة الحديث ، و أصبحوا يقصدون الإخوة السلفيين بمسائلهم و يقولون ما يقول علماؤكم في القضية الفلانية و في كذا و كذا ، و يقولون نريد الحق و الصّواب و لم نعد نثق في هؤلاء .
و قد مضى على انقراض تلك الشركيات ثمانة عشرة سنة أو تزيد ، فالحمد لله أولا و آخرا
... و لمّا بتنا نَحسِبُ أنها لن تعود حتى يرجع القارظان العنزيان ، كما قال الشاعر :
حَتَّى يَئُوبَ القَارِظَانِ كِلَاهُمَا ............. وَ يُنْشَرَ فِي القَتْلَى كُلَيْبٌ لِوَائِلِ
فإذا بالشيطان يوحي إلى أولياءه و أهل طاعته ، من سنتين أو ثلاث ، استقدامَ الجمعيات الثقافية و استحداث المهرجانات و الفلكلور ، فأحيوا الوعدات و أولموا الولائم و احتفلوا بالأعياد البدعية ، و أسسوا جمعيات خيرية لتجهيز آلات العزاء و المآتم من خيم و طاولات و صحون و غيرها .
و لئن كان الأقدمون يُخصصون لوعدة سبعة رجال هؤلاء ثلاثة أيام ، فإن المُحدثين تفضّلوا عليهم بسبعةٍ كاملة و الله المستعان .
فقل لي بربك كيف يقصد قبر لا يُعرف صاحبه أصلا ، جنّاً كان أو إنساً ؟
فإن قصتهم ـ كما يزعمون ـ أن رجلا من أهل الزمان الأول خرج يوم الجمعة فرأى أكواما سبعة من الترابِ ، فظنها كنزا أو مالا ، فانتظر اجتماع الناس لصلاة الجمعة فحفر الركام الأول فوجدهُ قبراً فيه رجل ذو لحية بيضاء و عليه ثياب مثلها عليه نور يقرأ في كتاب عنده فقال : ما جاء بك يا جبور ؟ فقال : الطمع ياسيدي . فقال : لو لا الطمع لكان لي معك شأن آخر ، و لكن اذهب و لا تعد .
فلا نسبَ لهم معروفاً ، و لا يُدرى من هم و لا من أين جاءوا ، هذا على فرض ثبوت هذه الأسطورة الخرافية ، و إن كان قوم نوح قد عبدوا ودّا و سواعا و يغوث و يعوق و نسرا ، و كانوا رجالا صالحين كما في أثر ابن عباس ، فإن قومنا يعتقدون في قبور لا يُعلم لمن هي .
و يزعمون أنهم أولياء صالحون دفنوا في مراكش المغرب لكن أرواحهم اختارت تبلبالة مقاما و مستقرا إلى يوم القيامة ، فحدثت تلك القبور بين عشية و ضحاها .
و لهذا كانوا يتغنون بهذا الكلام الشركي ( و هو بالعامية ) في الوعدة المقامة في السنة السالفة بمعيّة ضرب الدّفوف و صوت البارود :
زَايْرِينْ بَلْبَالَة وْ حَافْظِينُ امَّالِيهَا ............ شَايْلاَّهْ آرْجَالْ لبْلَادْ سَبْعَةُ رِجَالْ
و قد قامت قنوات تلفزيونية جزائرية عديدة بنشر الحدث و الترويج له ، فالله المستعان
و أصبحت هذه الجمعيات تتقاضى مالا وفيرا من إحياء هذه الأعياد الشركية و المناسبات البدعية ، ناهيك عما يتّصل بذلك من العهر و الفجور و التحلل و التفسخ و الإختلاط و الخمور ...
و بهذا فقد وجد الشيطان جهاز إنعاش جديدا يُنعش به تلك المواسم الآثمة و الأعياد الفاجرة ، جمعيات ثقافية و خيرية و قنوات و مجلات و جرائد و مواقع و منتديات للدلالة على الشرك و الهداية إليه ـ نسأل الله تعالى السّلامة و العافية ـ
و هي دعوة إلى المُجدِّين في نشر العلم الصحيح و محاربة الشركيات و البدع ، لإعانة إخوانهم في الأماكن التي تفتقر إلى المشايخ و الدُّعاة و طلبة العلم ، بالرسالة و المطوية و القرص و الزيارة و المحاضرة و غيرها من سبل الدعوة و نشر الخير
و حفظ الله علماءنا و مشايخنا و بارك في جهودهم و سعيهم
هذا ما جاش في الخاطر و ترجمته كَلِماً في الحاضر


كتبه : أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلمي
تبلبالة بعد ظهر الأربعاء الخامس رجب 1437 هـ


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 13 Apr 2016 الساعة 10:40 PM
رد مع اقتباس