عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 21 Apr 2010, 08:58 AM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

" بقايا الباطنية " (3)


بقلم الإمام العلامة :


عبد الحميد بن باديس الجزائري رحمه الله






لا يزال القراء على ذكر مما نشرناه في بعض الأجزاء السابقة عن الطريقة القاديانية بالهند وعقيدتها الحلولية عن مجلة "المنار" الكبرى، تلك الطريقة التي نشرت الجريدة العليوية مقالا لأحد دعاتها مبتهجة به مظهرة تمام السرور بتوطد العلاقات بينها وبين حزبه، واليوم ننقل رد "المنار" على القادياني الدجال وبعد ذلك سنعرض الكتب المنسوبة لشيخ العليويين وننشر منها على القراء نبذا تكشف لهم عن عقيدته وحقيقة أمره غير معتمدين في ذلك إلا طريق البحث والإستدلال.

قال "المنار": إن بين مسيح الهند الدجال وبين باب إيران شبها في أن كلا منهما كان مصابا بجنون الهوس الديني حتى لا يبعد أن يكون معتقدا لما ادعاه وفي أن تأثيره كان محصورا في الأعاجم؛ إذ تصدى كل منهما لتأويل القرآن والأحاديث بجرأة وجهل وإسراف في الكلام؛ فافتتن بهما بعض جهلة الأعاجم إذ صدقوا أنهما بالإلهام والوحي أمكنهما أن يجولا تلك الجولات الواسعة في كيان الله عز وجل، ولو كانوا يفهمون العربية لسخروا من هوسهما ووحيهما الشيطاني.

وكان القادياني أعلم بالعربية وآدابها من الباب، فهو قد عني بفنونها وآدابها كل العناية، فكان يحفظ مقامات الحريري والمعلقات السبع وكثيرا من المنظوم والمنثور، وكلنه على هذا كله لم يحصل ملكة الإعراب ولا ذوق الآداب فيها، فكان كثير اللحن والغلط فما يقول ويكتب؛ وكثير الخطأ والشطط فيما يفسر به الكلام، وكان لصا جريئا على السرقة يمزح شعره ونثره بما يحفظه بعينه أو بتغيير ما فيه، فكان أتباعه يخدعون الأعاجم بذلك وتجرأ هو على دعوى إعجاز كلامه كالقرآن العزيز، ولذلك عظم عليه الأمر عندما قلت في ردي على كتابه (إعجاز أحمدي) أنه كثير اللحن والغلط، واللغو الذي لا يفهم له معنى صحيح في هذه اللغة، وألف كتابا خاصا في الشكوى والتبرم من ردي ظهر فيه من ضعف نفسه، واضطراب حدسه، ما يدل على أنه مخذول لا مؤيد من الله تعالى، ولو لا تناقض هؤلاء الموسوسين لعددت هذا دليلا على أنه معتمد لقول الزور، غير مخدوع بنفسه ولا مغرور فقد عهد مثل هذا التناقض من أمثاله:

ادعى رجل سوري النبوة وجاء ليظهر نبوته في مصر، فلما بلغ بورسعيد أرسل منها برقيات إلى الخديوي ولورد كرومر ورئيس النظار ورئيس تحرير الأهرام وصاحب المنار. يبشرهم وقت تشريفه لعاصمة ملكه، وكان يتردد علي ويقول لي أنك ستكون مني كأبي بكر من النبي صلى الله عليه وسلم ثم كان يقبل يدي أحيانا و يتذلل لي لأساعده على إظهار دعوته، مثال ذلك أنه ترجح عنده أن يستبدل الأستانة بالقاهرة، فكلفني أن أكلم رؤوف باشا المعتمد العثماني بأن يطلب له من الدولة أسطولا أو بارحة حربية لأجل نقله إلى الأستانة؛ قلت له إني إن أطلب هذا من رؤوف باشا يعتقد أنني سلبت عقلي ولو طلب هو هذا من الأستانة يعتقدون أنه جن ويستبدلون به غيره، وأما أنت فيمكنك أن تدفع تهمة الجنون عن نفسك بمعجزة تظهرها للباشا أن كنت نبيا كما تقول...

قلت: إن هؤلاء قد ضلوا بجهل العربية وهذا شاهد قطعي على وجوب هذه اللغة على كل مسلم، فإذا كان من ادعى أنه المسيح المؤيد بالإعجاز في كتبه يزعم أن البسملة تدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى مسيحيته هو، فلا عجب إذا ادعى هو وأتباعه أن قوله تعالى: ﴿اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم﴾ [الفاتحة: 6 و7] يدل على طلب النبوة بدليل أن المنعم عليهم "إنما هم الأنبياء" فعلى هذا يكون المفروض على كل مسلم أن يطلب من الله تعالى في كل ركعة من صلاته أن يجعله نبيا يوحى إليه !!


هذا الفهم الذي جاءنا به هؤلاء الأعاجم قد فات الصحابة والتابعين من العرب الخلص ومواليهم، وفات جميع واضعي فنون هذه اللغة لضبط ألفاظها ومعانيها وفلسفتها وآدابها وأسرار بلاغتها، وجميع من فسر القرآن من السلف والخلف – حتى قام بعض أعاجم الهند في القرن الرابع عشر يزعمون أنه أصل الإسلام وركنه الأعظم الذي امتاز به على جميع الأديان !!!

لقد كنت أظن أن ضلالة هؤلاء المسيحيين القاديانيين قد وقفت عند حد لا تتجاوزه هو دعوى ظهور المسيح والمهدي المنتظرين، وأن هذه الدعوى ستموت ويخجل أهلها منها بظهور كذب مسيحهم في دعواه أنه أبطل الحرب والجهاد من الأرض، واستبدل بهما السلم العام؛ وقد ادعى البهائية عين هذه الدعوى، إذ كان كل منهما يتوهم أن أوربة تريد ذلك، ثم كذبت أوربة الدينين الجديدين، بحرب اطرابلس الغرب وحرب البلقان، ثم بالحرب العامة التي لم يسبق لها نظير في تاريخ العالم باتساع شرها؛ وعظائم ضرها، ولكن ظهور كذب دعوى البهاء والقادياني لا يرجع زعماء أديانهما عنها، وترك هذه الرياسة ونعيمها وثروتها، ولا يرجع من قلدوهم تقليدا أصم أعمى؛ كما أن رد السواد الأعظم من المسلمين والنصارى لدعواهما لم يمنعهما من الإصرار على ادعاء هداية أهل الدينين وتغيير حال الأرض!!! اهـ.(1)


******

(1) جريدة " الشهاب " : العدد (103) الصادر بتاريخ : الخميس 30 ذي الحجة 1345ه / 30 جوان 1927م.






نفس المصدر

و الشكر موصول لأخينا أبي إبراهيم خليل الجزائري حول هذا الموضوع

رد مع اقتباس