عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 31 Dec 2007, 03:14 PM
بشير ابو عبد الرحمن بشير ابو عبد الرحمن غير متواجد حالياً
bachir-dellys.blogspot
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 600
إرسال رسالة عبر MSN إلى بشير ابو عبد الرحمن
افتراضي الإكمال بتقريب شرح نواقض الإسلام (2) الشيخ عبدالعزيز بن ريس الريس

الإكمال بتقريب شرح نواقض الإسلام (2) الشيخ عبدالعزيز بن ريس الريس



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فما زلنا في بيان نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها شيخ الإسلام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ونواقض الإسلام ليست عشرة فحسب ولكن اقتصر الشيخ رحمه الله تعالى على ذكر هذه العشرة لأنها الأكثر وقوعا بين الناس كما بينه في آخر النواقض.


ولقد ذكرت لك الناقض الأول وهو الشرك في عبادة الله تعالى أما الناقض الثاني الذي ذكره الشيخ رحمه الله تعالى فهو:

من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعا.


وهذا شرك لأنه صرف عبادة لغير الله، وتقدم أن صرف العبادات لغير الله شرك أكبر . قال ابن تيمية: فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين ا.هـ(1).


وقال الشيخ سليمان بن عبدالله معلقاً على هذا الإجماع: وهو إجماع صحيح، معلوم بالضرورة من الدين، وقد نص العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم في باب حكم المرتد على أن من أشرك بالله فهو كافر، أي عبد مع الله غيره بنوع من أنواع العبادة ا.هـ(2).


¼ فائدة: القول بأن الرسل وسائط لها معنيان: صحيح، وباطل.
أما الصحيح: أنهم وسائط بمعنى ينقلون إلى الخلق الأحكام الشرعية.
أما الباطل: فبمعنى أنهم يُعبدون ليتوسطوا للخلق عند الله، وهذا هو الشرك الأكبر، وهو فعل كفار قريش(3).


¼ تنبيه: سبب إفراد المصنف لهذا الناقض بعد الناقض الأول مع أنه داخل فيه هو التأكيد عليه لأهميته وكثرة وقوع الناس فيه.
وقبل أن انتقل من هذا الناقض، فإليك الحديث حول ثلاثة أمور أشار إليها الشيخ ـ رحمه الله- الدعاء والشفاعة والتوكل.

الأول: الدعاء
الدعاء لغة: دعوت فلاناً أي صحت به واستدعيته . قاله الجوهري.
وقال الفيومي في المصباح المنير: دعوت زيداً ناديته وطلبت إقباله.
وقال الراغب: الدعاء والنداء واحد، قد يتجرد النداء عن الاسم، والدعاء لا يكاد يتجرد.
وقال في مجمع البحار: الدعاء النداء، ويستعمل استعمال التسمية، والسؤال والاستغاثة ا.هـ(4).


ومما يدل على أن الدعاء يطلق على النداء قوله تعالى: (هُنَالًكَ دَعَا زَكَرًيَّا رَبَّهُ) "، وقولـه: (ذًكْرُ رَحْمَتً رَبًّكَ عَبْدَهُ زَكَرًيَّا . إًذ نَادَى رَبَّهُ نًدَاءً خَفًيّاً) إلى قولـه: وَلَمْ أَكُنْ بدُعَائًكَ رَبًّ شَقًيّاً) فسمى النداء دعاء، وقولـه تعالى:(وَأَيُّوبَ إًذْ نَادَى رَبَّهُ أَنًّي مَسَّنًيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحًمًينَ)لكن دعاء الله ونداؤه مغاير عن دعاء المخلوقين وندائهم ا.هـ(5)، وسيأتي إيضاح أكثر.

ويتعلق ببحث الدعاء مسائل:

الأولى: الدعاء في الكتاب والسنة نوعان:
أ- دعاء العبادة: وهو مطلق التعبُّد كالصلاة والزكاة وهكذا .
ب- دعاء المسألة: وهو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره(6)، ودعاء المسألة منه ما يكون خاصاً بالله ومنه ما يصح لغير الله ـ على ما سيأتي تفصيله ـ(7).
وإذا ورد في القرآن لفظ الدعاء فإنه يشمل دعاء المسألة والعبادة إلا بقرينة (8)، ومن القرائن ما أفاده ابن تيمية بقوله: كل موضع ذكر فيه دعاء المشركين لأوثانهم فالمراد به دعاء العبادة المتضمن لدعاء المسألة . ا هـ (9).


كقولـه تعالى (إًنَّ الَّذًينَ تَدْعُونَ مًنْ دُونً اللَّهً لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوً اجْتَمَعُوا لَهُ) الآية.
ومن أمثلة إطلاق الدعاء والمراد به دعاء المسألة ما روى الشيخان واللفظ للبخاري عن ابن مسعود قال " التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تقولوا السلام على الله فإنه الله هو السلام، ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء أو بين السماء والأرض أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو» فالمراد بقوله من الدعاء دعاء المسألة لأنه من أول الصلاة لا زال في دعاء العبادة، ومن أمثلة إطلاق الدعاء الذي يشمل المسألة والعبادة قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجًدَ لًلَّهً فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهً أَحَداً).


فائدة: كلُّ دعاءً عبادة مستلزمي دعاء المسألة وكلُّ دعاءً مسألةي متضمني دعاء العبادة(10).


الثانية: دعاء المسألة

قد جاء إطلاقه على الله فهو عبادة وعلى غير الله كما قال تعالى: (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولً بَيْنَكُمْ كَدُعَاءً بَعْضًكُمْ بَعْضاً)"، وقوله: (نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنًسَاءَنَا وَنًسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ)، فهو إذاً على أقسام فمنه ما هو شرك أكبر كدعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، كأن يسأل أحداً غفران الذنوب أو دخول الجنان، ومنه ما هو مباح كسؤال المخلوق الحي الحاضر ما يقدر عليه مما هو جائز غير محرم.
أخي القارئ سأذكر لك إن شاء الله في المقال القادم أمر الشفاعة والتوكل فتابع معي نفعني الله وإياك بالعلم النافع ورزقنا العمل الصالح.

عبد العزيز بن ريس الريس

هوامش

(1) مجموع الفتاوى (1/124) .
(2) تيسير العزيز الحمد ص229 .
(3) أفاده بمعناه ابن تيمية . انظر: مجموع الفتاوى (1/121) .
(4) منتقى من صيانة الإنسان لمحمد بشير السهسواني ص428 - 432 .
(5) الدرر السنية (1/541) .
(6)انظر مجموع الفتاوى (15/10) وجلاء الأفهام ص254 وصيانة الإنسان ص431 ،432، والتيسير ص 218 وفتح المجيد (1/301) وحاشية كتاب التوحيد ص 114 والقول السديد ص 43 (1/295-296) .
(7) راجع القول المفيد (1/149) .
(8) نص على ذلك ابن تيمية في مجموع الفتاوى (15/10-11) وابن القيم في جلاء الأفهام ص 254
(9) مجموع الفتاوى (15/13).
(10) هكذا قال ابن تيمية ونقله وقرره في التيسير والفتح وقد سبق العزو إليهم وقال ابن قاسم في حاشية كتاب التوحيد: كلاهما متلازمان.

تاريخ النشر: الثلاثاء 20/2/2007
جريدة الوطن الكويتية

رد مع اقتباس