عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25 Oct 2014, 02:49 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي تنبيهات لطلبة العلم والمحققين والناشرين / للشيخ الفاضل صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله

::: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم :::
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدا عبده ورسوله.

أمَّا بعد:

فهذه تنبيهات مهمَّة لطيفةٌ من الشَّيخ الفاضل صالح بن عبد العزيز آل الشَّيخ –حفظه الله- ذكرها استطرادا في معرض شرحه لقول الطَّحاوي –رحمه الله- في "عقيدته": «وإنَّه خاتِم الأنبياء» بكَسر التَّاء دون فتحها الَّذي هو قراءة عاصم من السَّبعة، لأنَّ الطَّحاوي المصنِّف ما كان يقرأ بها، بل كان يقرأ بغيرها وقراءة السِّتَّة الباقين بالكسر، ومن هنا جاء التَّنبيه لطلاب العلم والمحقِّقين والنَّاشرين أن ضبط الآيات يكون على قراءة المصنِّف لا قراءة المحقِّق والنَّاشر مما قد يؤدي إلى حصول الإشكال إلى تنبيهات أخر وفوائد ودرر أشار إليها –حفظه الله- ممَّا له علاقةٌ بالكتُب العلميَّة الَّتي حصل فيها هذا الخلل وغيره.

قال الشَّيخ –حفظه الله- في "شرح العقيدة الطحاوية"(1 /151-153) [طبعة: دار المودة]:

«...وهذا موضوع يحتاج من طلاب العلم إلى التنبُّه إليه، وإلى التنبيه عليه، وهو أنَّ كثيرين إذا نشروا كتبا أو حقَّقوا رسائل ضبطوا الآيات بما يقرأ به المحقِّق أو يقرأ به الباحث.

وهذا غلط لأنَّ حقَّ المؤلِّف أن تورد الآية بحسب قراءته، فإذا عرفت قراءته التي كان يقرأ بها فإنه تورد الآية على نحو ما كان يقرأ، فإن كان يقرأ بحفص فتثبت على حفص، وإن كان يقرأ بأبي عمرو أثبتت كذلك، وإن كان يقرأ على قراءة نافع فتثبت كذلك وهكذا.

فينبغي التنبُّه في ذلك، لأنَّ بعض العلماء يورد آية ويذكر وجه الاستدلال، وقد لا يذكره فيقع إشكال في أنَّ وجه الاستدلال أو أنَّ الدَّليل لا يطابق القضيَّة التي تُبحث، وذلك من جهة أنَّ الناظر أو المحقق أو الناشر أورد الآية على نحو ما يقرأ هو، ولذلك يقع في إشكال.

وهذه بالمناسبة قضية كبيرة؛ فالذين نشروا كتبا متنوعة أو ينشرون ينبغي لهم العناية بهذا الأمر.

وأعظم منها إذا نشروا تفسيرًا للقرآن فإنهم قد يجعلون التفسير بقراءة ليست هي قراءة المؤلِّف، كما في عامَّة طبعات ابن كثير، فإن ابن كثير الحافظ المفسِّر لم يكن يقرأ بقراءة حفص عن عاصم، وكما في غير ذلك.

وكذلك في كتب السُّنة، كتب الحديث، معلوم أنها روايات، والروايات مختلفة لكتب الحديث، فالبخاري له روايات متعددة، وأبو داود له روايات قد تكون عن أبي داود نفسه وقد تكون عمن تلقى عنه باختلاف، فيأتي الناشر ويثبت نصا للكتاب يخالف النص الذي شرح عليه الشارح، ولهذا كل النشرات أو الطبعات لكتاب فتح الباري ليست موافقة لرواية صحيح البخاري المثبت معها، فإن الحافظ ابن حجر –رحمه الله- لم يشرح البخاري على واحدة من الروايات المثبتة طبعا من نسخ فتح الباري، وهذه المسألة ينبغي لطلاب العلم أن يتنبهوا عليها.

وخذ ما جره الأمر في صحيح مسلم حيث أدخل بعض الناشرين التبويب في داخل صحيح مسلم، وكأن مسلما –رحمه الله- هو الذي بوب صحيحه، ومعلوم أن مسلما –رحمه الله- لم يبوب كتابه وإنما جعله كتبا، وأما التبويب الداخلي فإنه من صنع الشراح فلا ينبغي لطالب العلم أن يقول رواه مسلم في كتاب صفة القيامة باب كذا، أو في كتاب الصلاة باب كذا، لأن التبويب ليس من صنعه، والكتب ينبغي أن تراعى أيضا هل ذكرها في أولها أو لم يذكرها» اهـ.

أسأل الله تعالى أن يجزي الشَّيخ خير الجزاء، وأن يوفق المحقِّقين والنَّاشرين لإخراج الكتب على ما أراد مصنِّفوها، والله الموفِّق.

رد مع اقتباس