عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 19 Mar 2015, 09:10 AM
عبد الرحمن رحال عبد الرحمن رحال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر / بسكرة.
المشاركات: 347
افتراضي

وهذه فائدة استفدتها من أخينا الفاضل خالد حمودة - حفظه الله - عند شرحه لمراقي السعود فذكر قاعدة عزيزة أصلها في كتاب "الموافقات" للشاطبي رحمه الله.

قال-حفظه الله-:" عد الشاطبي-رحمه الله- في المقدمة الرابعة من كتابه" الموافقات": أن كل ما لم تنبني عليه فروع فقهية، ولا آداب شرعية، وليس عونا في ذلك فإنه ليس من أصول الفقه ووضعها في أصول الفقه عارية.
مثاله: اختلافهم في تعريف التكليف، فبعض العلماء قال: التكليف: إلزام الذي يشق أو إلزام مافيه مشقة.
وآخرون من أهل العلم قالوا: التكليف: طلب مافيه مشقة. "

وهذا كلام الشاطبي رحمه الله في "الموافقات" بتمامه :

المقدمة الرابعة:

كُلُّ مَسْأَلَةٍ مَرْسُومَةٍ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا فُرُوعٌ فِقْهِيَّةٌ، أَوْ آدَابٌ شَرْعِيَّةٌ، أَوْ لَا تَكُونُ عَوْنًا فِي ذَلِكَ1؛ فَوَضْعُهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عَارِيَةٌ.

وَالَّذِي يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَمْ يَخْتَصَّ بِإِضَافَتِهِ إِلَى الْفِقْهِ إِلَّا لِكَوْنِهِ مُفِيدًا لَهُ، وَمُحَقِّقًا لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ؛ فَلَيْسَ بِأَصْلٍ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ فَرْعٌ فِقْهِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَإِلَّا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الْعُلُومِ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ كَعِلْمِ النَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَالِاشْتِقَاقِ, وَالتَّصْرِيفِ، وَالْمَعَانِي، وَالْبَيَانِ، وَالْعَدَدِ، وَالْمِسَاحَةِ، وَالْحَدِيثِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَحْقِيقُ الْفِقْهِ2، وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا مِنْ مَسَائِلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَلَيْسَ [كُلُّ مَا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الْفِقْهُ يُعد مِنْ أُصُولِهِ, وَإِنَّمَا اللَّازِمُ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يُضاف إِلَى الْفِقْهِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ فِقْهٌ؛ فَلَيْسَ] 3 بِأَصْلٍ لَهُ.
وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ عَنْ أُصُولِ الْفِقْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَدْخَلُوهَا فِيهَا؛ كَمَسْأَلَةِ ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ1، وَمَسْأَلَةِ الْإِبَاحَةِ2 هَلْ هِيَ تَكْلِيفٌ أَمْ لَا، وَمَسْأَلَةِ أَمْرِ الْمَعْدُومِ، وَمَسْأَلَةِ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَعَبَّدًا بِشَرْعٍ أَمْ لَا، وَمَسْأَلَةِ لَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِفِعْلٍ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي3 أَنْ يُعد4 مِنْهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، ثُمَّ البحث فيه في علمه وَإِنِ انْبَنَى عَلَيْهِ الْفِقْهُ؛ كَفُصُولٍ كَثِيرَةٍ مِنَ النَّحْوِ، نَحْوَ مَعَانِي الْحُرُوفِ، وَتَقَاسِيمِ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ، وَالْكَلَامِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَعَلَى الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَرَادِفِ، وَالْمُشْتَقِّ، وَشِبْهِ ذَلِكَ.
غَيْرَ أَنَّهُ يُتَكَلَّمُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْعَرَبِيَّةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى مسألة هي عريقة فِي الْأُصُولِ، وَهِيَ أَنَّ الْقُرْآنَ [الْكَرِيمَ لَيْسَ فيه من طرائق كلام الْعَجَمِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ] 1 عَرَبِيٌّ، وَالسُّنَّةُ عَرَبِيَّةٌ, لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَلْفَاظٍ أَعْجَمِيَّةٍ فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا يَشْتَمِلُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ فِي أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ وَأَسَالِيبِهِ عَرَبِيٌّ, بِحَيْثُ إِذَا حُقِّقَ هَذَا التَّحْقِيقَ سُلِكَ بِهِ فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُ وَالِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَسْلَكَ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي تَقْرِيرِ مَعَانِيهَا وَمَنَازِعِهَا فِي أنواع مخاطباتها خاصة؛ فإن كثير مِنَ النَّاسِ يَأْخُذُونَ أَدِلَّةَ الْقُرْآنِ بِحَسَبِ مَا يُعْطِيهِ الْعَقْلُ فِيهَا، لَا بِحَسَبِ مَا يُفهم مِنْ طَرِيقِ الْوَضْعِ، وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ كَبِيرٌ وَخُرُوجٌ عَنْ مَقْصُودِ الشَّارِعِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُبَيَّنَةٌ2 فِي كِتَابِ الْمَقَاصِدِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
فَصْلٌ
وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ يَنْبَنِي عَلَيْهَا فِقْهٌ؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنَ الْخِلَافِ فِيهَا اخْتِلَافٌ3 فِي فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الْفِقْهِ؛ فَوَضْعُ الْأَدِلَّةِ عَلَى صِحَّةِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ أَوْ إِبْطَالِهِ عَارِيَةٌ أَيْضًا، كَالْخِلَافِ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي الْوَاجِبِ المخير4،أَيْضًا، وَهُوَ: هَلِ الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ أَوْ غَيْرُهُمَا راجعة إلى صفة الْأَعْيَانِ1، أَوْ إِلَى خِطَابِ الشَّارِعِ؟ وَكَمَسْأَلَةِ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ2 عِنْدَ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ عَمَلٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي فَرَضُوهَا مِمَّا لَا ثَمَرَةَ لَهُ فِي الْفِقْهِ.
لَا يُقَالُ: إِنَّ مَا يَرْجِعُ الْخِلَافُ فِيهِ إِلَى الِاعْتِقَادِ [يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمُ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ تَحْرِيمٍ، وَأَيْضًا] 3 يَنْبَنِي عَلَيْهِ عِصْمَةُ الدَّمِ وَالْمَالِ، وَالْحُكْمُ بِالْعَدَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْكُفْرِ إِلَى ما دونه، وأشباه ذلك، وهو مِنْ عِلْمِ الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا جَارٍ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِهِ؛ فَلْيَكُنْ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ ما تقدم.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحمن رحال ; 19 Mar 2015 الساعة 09:27 AM
رد مع اقتباس