عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17 Dec 2014, 09:08 AM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي ٍآثار نفيسة في معرفة السلف لقدر العلماء وفيه مثال عصري بين الألباني والوادعي كتبه أسامة الفرجاني



الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :

فقد رأيت ورأى غيري أناسا درسوا نتفا من علم الحديث فظنوا أنهم صاروا بذلك من علماء الحديث وأصحاب الصنعة ، ولو أنهم اكتفوا بذلك لكان عيبا فكيف إذا ضموا إليه انتقاص (أمير المؤمنين في الحديث في العصر الحديث) الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- ، ولا أظن أحدا من السلفيين عامة وطلاب العلم خاصة يجهل قدر هذا الجبل ، وثناءات العلماء على الشيخ الألباني لو جمعت لوقعت في سفر كبير ، بل قد شهد له أعداؤه من الصوفية والمقلدة والرافضة وغيرهم بذلك .
وإنما المقصود بيان المسلك الرديء الذي يسلكه البعض ، إذا درس علما أخذ يحط من قدر المختصين بهذا العلم من العلماء الراسخين !
فهل نطلب العلم لنحط من قدر العلماء الربانيين !
هل نطلب العلم لنتعالى على الفحول الراسخين !
هل نطلب العلم لنتطاول على الكبار الثابتين !
أي حال وصلنا إليه : يدرس أحدهم (لمعة الاعتقاد) فإذا به يتوصل إلى أن (ربيعا) مرجيء !
ويدرس أحدهم (البيقونية) فإذا به يكتشف أن (الألباني) متساهل !
ويدرس أحدهم (الآجرومية) فإذا به يقول (فلان يلحن) !
مساو لو قسمن على الغواني
لما أمهرن إلا بالطلاق

يا طالب العلم : إياك أن تطلب العلم لهذه المقاصد الرديئة .
واعرف للعلماء قدرهم : أخرج أحمد في المسند والحاكم في المستدرك عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ ليس منا من لم يجل كبيرنا و يرحم صغيرنا و يعرف لعالمنا حقه]
وحسنه العلامة الألباني في صحيح الجامع برقم 5443

والسلف الماضون كانوا يعرفون للعلماء قدرهم ولو كانوا أدنى منهم علما ومنزلة !


فهذا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -وهو من هو ! يسأل التابعي (زر بن حبيش) عن العربية [تذكرة الحفاظ 57/1) .
وهذا عبد الله بن مسعود أيضاً يقول (للربيع بن خثيم) -وهو تابعي- : يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم ﻷحبك ، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين ! [تذكرة الحفاظ 58/1] .
وهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يعظم العلماء وينزلهم منزلتهم ، يقول أبو العالية الرياحي : كان ابن عباس يرفعني على سريره وقريش أسفل منه ! ويقول : هكذا العلم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس المملوك على الأسرة ! [تذكرة الحفاظ 62/1]
وهذا رجاء بن حيوة يعرف للعلماء حقهم ، يقول رجاء -رحمه الله - : إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر ، فإنا نفخر عليهم بعابدنا ابن محيريز ، والله إن كنت أعد بقاءه أمانا ﻷهل الأرض . [تذكرة الحفاظ 69/1]
قلت : وابن محيريز هو : عبد الله بن محيريز بن جنادة .
وهذا ابن عمر يعرف قدر العلماء ، فقد مر ابن عمر بالشعبي وهو يحدث بالمغازي ، فقال ابن عمر : شهدت القوم ، ولهذا أحفظ لها وأعلم بها مني . [تذكرة الحفاظ 82/1]
وهذا ابن المبارك يعرف قدر رجاء بن حيوة ، فيقول -رحمهما الله - : وصف لي حيوة فكانت رؤيته أكبر من صفته ! [تذكرة الحفاظ 185/1]
وهذا مجاهد بن جبر المكي يعرف قدر تلميذه (الأعمش) ويقول له : لو كنت أطيق المشي لجئتك . (كتاب العلم ﻷبي خيثمة ص39)
وهذا الأعمش (سليمان بن مهران) يعرف قدر (مسعر بن كدام) فيقال للأعمش : إن مسعرا شك في حديثه ! فيقول : شكه كيقين غيره ! [تذكرة الحفاظ 188/1]
وهذا حماد بن زيد يعرف قدر (شعبة بن الحجاج) فيقول : إذا خالفني شعبة تبعته ؛ ﻷنه كان لا يرضى أن يسمع الحديث عشرين مرة ، وأنا أرضى أن أسمعه مرة . (تذكرة الحفاظ 194/1) .
وهذا (شعبة) يعرف قدر (ابن عون) إذ يسأل عنه فيقول : سمن وعسل . (تذكرة الحفاظ 195/1) .
وهذا أحمد بن حنبل يعرف قدر شعبة ، فيقول : كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن ، يعني في الرجال وبصره بالحديث . (تذكرة الحفاظ 195/1)
بل كان أحدهم يتأدب في جلوسه إذا ذكر العلماء ! قال أبو زرعة : كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان ، وكان متكئا من علة فجلس ! وقال : لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ . (تذكرة الحفاظ 214/1)
وكان العالم يقدم أخاه العالم في الفتوى ، قال الوليد بن يزيد : كان الأوزاعي إذا سئل عن مسألة ، وسعيد بن عبد العزيز حاضر ، قال : سلوا أبا محمد . (تذكرة الحفاظ 219/1)
بل كان السلف يستغلون مواسم الحج للقاء العلماء ، يقول الإمام الذهبي رحمه الله : كان خلق يحجون ، والباعث لهم لقي ابن عيينة ، فيزدحمون عليه في أيام الحج . (تذكرة الحفاظ 264/1)
قلت : وفي هذا رد على من يتنقص السلفيين بحرصهم في مواسم الحج والعمرة على زيارة العلماء وعلى رأسهم الشيخ العلامة ربيع بن هادي حفظه الله ، وليت شعري : أي نقيصة في هذا ، بل هي منقبة جلية ، وطريقة سلفية ، وأما قولهم (يرى السلفيون أن زيارة ربيع من أركان العمرة) فكذب أصلع ، وحسيبهم الله .
وهذا إسحاق بن راهويه يذكر أبا عبيد القاسم بن سلام ، فيقول (الله يحب الحق ، أبو عبيد أعلم مني وأفقه) [الإيمان ﻷبي عبيد بتحقيق الألباني ص 3] .
فسلفنا كانوا يعرفون قدر العلماء ، قال أبو يحيى القتات : قدمت مع حبيب بن أبي ثابت الطائف ، فكأنما قدم عليهم نبي ! [تذكرة الحفاظ 116/1]
بل أمراؤهم كانوا يعرفون قدر العلماء ، فهذا أحد الأمراء وهو (المهدي) يحج فيدخل مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم -فلم يبق إلا من قام إلا (ابن أبي ذئب) فقيل له : قم ، فهذا أمير المؤمنين ! فقال : إنما يقوم الناس لرب العالمين ، فقال (المهدي) : دعوه ؛ فقد قامت كل شعرة في رأسي ! (تذكرة الحفاظ 192/1)
بل إن بيوت العلماء كانت كبيوت الأمراء ، قال عبد الرحمن بن واقد : رأيت باب مالك - ابن أنس -بالمدينة كأنه باب الأمير . (تذكرة الحفاظ 208/1)
وأعود إلى ما بدأت به من أمر الشيخ الألباني ، فهذا عالم من علماء الحديث المعاصرين كلكم يعرفه وهو : الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي ، يعرف للشيخ الألباني قدره ، ويفخم - وهو أهل - أمره ، فإليكم بعض أقوال العلامة الوادعي رحمه الله .
قال رحمه الله :

1)الألباني عالم من علماء المسلمين (شريط منهج أهل الحديث) .
وقال أيضاً :
2) أنصح جميع طلبة العلم الباحثين أن يقتنوا جميع كتبه (المصدر السابق)

وقال أيضاً :
3) الشيخ الألباني يعتبر إمام وقته في علم الحديث (إجابة السائل ص 549) .

وقال أيضًا :
4) أنا في كتبي وفي مؤلفاتي أقرر ما أراه حقا ولا أتعرض لمصادمة الشيخ ، فإني أهابه ! وليبلغ الشاهد الغائب .(المصدر السابق)

وقال أيضًا :
5 )الشيخ الألباني هو أعلم أهل زمانه في علم الحديث . (المصدر السابق) .

وقال أيضا :ً
6 ) أما علم الحديث فليس للشيخ ناصر الدين الألباني من يماثله (المصدر السابق) .

وقال أيضا :
7) كتب الشيخ الألباني لا يستغني عنها باحث . (قمع المعاند ص 534) .
وقال أيضاً :
8) لدى الشيخ الألباني اطلاع ليس لأحد . (إجابة السائل ص 567)

فانظر أيها الأخ الكريم إلى منزلة الشيخ الألباني في نفس الشيخ الوادعي رحمهما الله .
وأنبه في ختام مقالي على ثلاثة أمور :
الأول : أنه لا يراد بتعظيم العلماء الغلو ومجاوزة الحد ، وإنما توقير بلا إسراف ، وتعظيم بلا إجحاف !

الثاني : لا يراد بتوقير العالم عدم مخالفته أبدا بل العبرة بالحق والدليل ، والعالم ليس معصوما ،ولكن يحفظ للعالم قدره .
الثالث : أن توقير العلماء وتبجيلهم عبادة نتقرب بها إلى الله جل وعلا ، وكل عبادة لا تقوم إلا على ساق الإخلاص والمتابعة ، فليحذر العبد من أن يظهر توقير العلماء ليحظى بتزكياتهم ! فإنه مفضوح .
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .




كتبه : أخوكم أسامة الفرجاني .

رد مع اقتباس