الثَّقَافَةُ العَامَّة وَالقَضَايَا الهَامَّة

الثَّقَافَةُ العَامَّة وَالقَضَايَا الهَامَّة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع هداه، أما بعد:

فما كنت أحسب أن من سيسير عكس تيار أهل الحق -في موضوع حملة التنبيه على خطورة التواجد الإيراني الرافضي في الجزائر- أناسٌ يلبسون لباس السلفية !!

ولكن، لله في خلقه شؤون..

تعالت الأصوات بالإنكار على الإخوة السلفيين القائمين على هذا الثغر العظيم، وهو كشف وصد مشروع تصدير الثورة الخمينية الإيرانية الشيعية الرافضية إلى الجزائر بقطع حبال جسورها من أول الأمر، من باب " دَفْعُ الضّرِّ أَوْلَى مِنْ رَفْعِهِ " أو بالجملة المشهورة: الوقاية خير من العلاج.
.
تعالت الصيحات من مختلف الوجهات، فمنهم الناصح ومنهم الشامت ومنهم المستفسر ومنهم المشفق، وكلٌّ أدلى بدلوه... شكراً للجميع.

ولكن عندما ينطق الرويبضة المتفيقهون المتشبعون بما لم يُعْطَوْا فإن عاصفةً هوجاء تثور في داخلي، لا أوقفها حتى تقتلع جذورهم -بإذن الله- من أصولها.

عندما ينطق أشباه الرجال وأنصافهم بكلام يحسبونه الحق وهو شبهة تشبه الحق، يكون الدافع لهم على ذلك أنهم قرءوا كلاماً أو سمعوه فظنوا أن الحق انحصر فيه، فأقاموا الحرب على كلّ ما سواه.

وعليه فإن الواجب على أهل الحق أن يأخذوا على أيديهم، ويسكتوهم بكل ما أوتوا من قوة، لأنهم يريدون أن يشبهوا الحق بالباطل فيتيه الناس ولا يُدركوا الحق.

قال أحد المعترضين:
[ المخول بطرد السفير الرافضي هو ولي الأمر.
وعليه فإن هذه الدعوات تنبني على منهج غير سليم في نصح ولي الأمر، حيث ينبغي لنا أن نتأدب بالآداب السلفية في مناصحة ولي الأمر سرا. ] ثم أتبع كلامه بذكر كلمة للشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- حول منهجية مناصحة ولي الأمر.

فأقول مستعيناً بالله:
ارحمونا بالسكوت يا معشر الجهال، فإن رأس مال الإنسان هو وقته، وصرفه في الأهم أولى من المهم، فكيف بالتكرار دائما في توضيح الواضحات؟ !!

يقول شيخنا الإمام ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله: وإنا لنأسف إذ نستنبط أمورا بديهية هي من باب تحصيل الحاصل ولكن ماذا نصنع وقد وجد في الناس من يتلقف أفكارا مسمومة هدامة تدس على المسلمين الهدف منها هدم الإسلام واقتلاع قواعد التوحيد من الأساس. ا،هـ ( أضواء إسلامية على بعض الأفكار الخاطئة )

لقد ابتلينا بأقوام أُتُوا من قبل سوء فهمهم وتقديرهم للأمور، فتراهم لا يفرقون بين تأليب الرعية على حاكمها، وبين تقديم النصيحة له، وبين التعاون على البر والتقوى معه.

قال النووي- رحمه الله-: أما النصيحة لأئمة المسلمين فمُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَطَاعَتُهُمْ فِيهِ وأمرهم به، وتنبيههم وَتَذْكِيرُهُمْ بِرِفْقٍ وَلُطْفٍ، وَإِعْلَامُهُمْ بِمَا غَفَلُوا عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، وَتَأَلُّفُ قُلُوبِ النَّاسِ لِطَاعَتِهِمْ. ا،هـ "شرح صحيح مسلم" (2/ 37) ..

وهذا الذي ندين الله تعالى به، ولا نخرج عنه قِيدَ أنملة إن شاء الله، فمن سار على هذا المنهج ساندناه، ومن أخطأ هذا المنهج فَهَّمناه، ومن نابذ هذا المنهج كشفناه، وحذرنا الناس منه ومن منهجه لما يعود بالضرر على عامة الناس حاكمهم ومحكومهم.

وحيث إن أهل السنة السلفيين متفقون في باب النصيحة لذي سلطان في خطئه، فإن الكلام سيكون بذكر أقول أهل العلم في باب التنبيه والتذكير والإعلام عما غفلوا عنه.

يقول الإمام العلامة شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
والمقصود أن الواجب على جميع المسلمين التعاون مع ولاة الأمور في الخير والهدى والصلاح حتى يحصل الخير ويستتب الأمن، وحتى يقضى على الظلم، وحتى ينصر المظلوم، وحتى تؤدى الحقوق، هذا هو الواجب على المسلمين التعاون مع الولاة، ومع القضاة، ومع الدعاة إلى الله، ومع كل مصلح في إيجاد الحق والدعوة إليه، وفي نصر المظلوم، وردع الظالم وإقامة أمر الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير والتخلص من الباطل، ويجب التعاون والتناصح لمن حاد عن الخير فينصح ويوجه إلى الخير وأسباب النجاة حتى يحصل الخير العظيم، والمصالح العامة، وحتى يقضى على الفساد والشر والاختلاف بالطرق الشرعية، والناس في خير ما تناصحوا وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا تعاونوا على الباطل وعلى الشر والفساد ساد البلاء، ونزع الأمن، وانتصر الباطل، ودفن الحق، وهذا هو الذي يحبه الشيطان، والذي يدعو إليه شياطين الإنس والجن، فالواجب الحذر مما يدعو إليه شياطين الإنس والجن، والتواصي بكل أسباب الأمن، وبكل أسباب الخير والهدى، والتواصي بالتعاون مع ولاة الأمور في كل خير، ومع كل من يدعو إلى الخير، وإقامة أمر الله، وفي نصر الحق، وفي إقامة المعروف، والتعاون مع كل مصلح فيما يدحض الباطل وفي التحذير من الباطل، والتحذير من أسباب الفرقة والاختلاف.
هذا هو الواجب كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾، وقال جل وعلا: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾، وقال سبحانه: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ﴾، هذا هو الذي فيه النجاة والإيمان الصادق والعمل الصالح والعاقبة الحميدة، وبهذا يكثر الخير ويحصل التعاون على البر والتقوى، ويدحض الشر، وتأمن البلاد، ويستتب الأمن، ويحصل التعاون على الخير، ويرتدع السفيه المفسد وينتصر صاحب الحق وصاحب الهدى. ( بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة ).

ويقول الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله:
مما لا شك فيه أن الأمن فائدته للجميع، فيجب على الجميع أن يحافظوا عليه، وكل واحد من المسلمين والمواطنين في هذا البلد فإنه رجل أمن، لا يقتصر ذلك على الجنود، لأن فائدة الأمن ترجع على الجميع، وهذا من التعاون على البر والتقوى، فلا يجوز التستر على المجرم أو كتمان الخبر، إذا كان أحد عنده خبر منه أن يخبر به المسؤولين لأن هذا من التعاون في حفظ الأمن في البلاد ومن التعاون على قمع المجرمين. ا،هـ من تسجيل بعنوان: ( الشيخ صالح الفوزان يحث المسلمين على التبليغ عن الخوارج ).

وبين سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ في خطبة جمعة أن:
المسلم لا يرضى بالشر لبلاده ولا يعين المفسدين ولا يأويهم ولا يتبعهم، بل يتعاون مع رجال الأمن لكشف هؤلاء المجرمين ومخططاتهم وأن هذا التعاون مطلب شرعي، لأن في التعاون وكشف سترهم أخذ على أيديهم أما التستر عليهم فهو نشر للجريمة والفساد، فالواجب إعانة رجال الأمن في تحقيق مهمتهم في القضاء على الفساد وأهله. ا،هـ

وسألت شيخنا العلامة محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله- عن كيفية معاملة المنحرفين منهجيا، فأجاب بالتالي:
الواجب على طالب العلم أولا، وعلى العاقل ثانيا أن يَنْهَرَ هؤلاء وأن ينكر عليهم وأن يبيّن لهم سوء ما هم عليه ومغبّة وسوء حال ومآل ما ينتهي إليه فعلهم، فإن انتصحوا وكفّوا فالحمد لله، وإن لم ينتصحوا ولم يكفّوا واستمرّوا في غيّهم فالواجب إبلاغ الحكومة عن هؤلاء، لأن هؤلاء أهل إفساد، وإذا لم يؤخذ على أيديهم أهلكوا الحرث والنسل، هذا هو الواجب لأن الله جل وعلا يقول: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾، فمن طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقام في وجه هؤلاء إذا لم يعتدلوا وإذا لم يرجعوا، فيُوقَفَ في وجههم بكل قوة، وتُخْبَرَ الجهات المسئولة عنهم حتى يأخذوا على أيديهم، ففي ذلك الخير للناس عموما ولهم أنفسهم خصوصا، يخففون عليهم الآثام قبل أن يرتكبوا المحرمات العظيمة والتي من أعظمها بعد الشرك سفك الدماء المعصومة، فالواجب على من رأى من هؤلاء من طلاب علم أو عقلاء فالواجب عليه أن ينصح لهؤلاء وأن يحذّرهم وأن يبيّن لهم سوء حالهم ومغبّة ما هم فيه، فإن رجعوا فالحمد لله، وإلا بلّغ الحكومة عنهم وهو في ذلك على خير ومأجور إن شاء الله، لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وأما تركهم هذا إعانة لهم على الباطل، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾، فإن السكوت على هؤلاء وأمثالهم إعانة على الباطل وإعانة على الإثم وإعانة على العدوان. ا،هـ
من كلمة سجلتها مع فضيلته بعنوان ( الأَقْوَالُ الشَّرْعِيَّة حَوْلَ مَا حَدَثَ فِي الجَزَائِرِ مِنْ أَفْعَالٍ إِجْرَامِيَّة ) سنة 1428هـ

فهل بعد كل هذا النقل يأتي جاهل ويخلط بجهله بين النصيحة لولاة المسلمين في أخطائهم وبين التعاون معهم على البر والتقوى؟!!

بل نأتيهم بأشد من حملة التحذير من الرافضة، عندما أطلق الملك عبد الله -رحمه الله- حملة ( الحوار بين الأديان ) كان موقف الشيخ صالح الفوزان يومها حازما جداً، بل كان كلامه شديداً للغاية، فإنه لما سئل عن حكم من يدعو إلى وحدة الأديان، قال: هذا أصلا ما هو مسلم، ما يميز بين الكفر والإيمان. ا،هـ

فما موقفنا؟

أما الجهال فإنهم يضعون هذا الكلام في خانة التشهير بالحكام، وأما أهل السنة السلفيون فيضعونه في خانة وجوب بيان الحق ورد الباطل، تماماً كالذي حدث في فتنة القول بخلق القرآن مع الإمام أحمد رحمه الله.


تعلموا -أيها الجهال- أرشدكم الله لطاعته، وأيقنوا أنكم -وبعد كل الشوط الذي قطعتموه- ما حَصَّلْتُم سوى ( ثَقَافَة عَامَّة ) فظننتم أنكم نبغتم في ( القَضَايَا الهَامَّة )..

ويحسن فيكم قول القائل:
نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عقالُ ** وَأَكْثَرُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلالُ
وَأَرْوَاحُنَا فِي غَفْلَةٍ مِنْ جُسُومِنَا ** وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا ** سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا

اللهم ارزقنا الفقه في الدين..

أقول قولي هذا وأستغفر الله عز وجل..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وكتب: أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي

[أبو أنس يعقوب الجزائري]

جزاك الله خيرًا وبارك فيك وجعل ما كتبت في موازين أعمالِك ، ليتهم توقفوا حين تكلم المشايخ .. واللّه المستعان.

[أبو عبد السلام جابر البسكري]

جزاك الله خيرا أخي حاتم ونفع بك وبدفاعك عن الحق وأهله.
وصدقت : لقد ابتلينا بأقوام أُتُوا من قبل سوء فهمهم وتقديرهم للأمور، فتراهم لا يفرقون بين تأليب الرعية على حاكمها، وبين تقديم النصيحة له، وبين التعاون على البر والتقوى معه.إهـ
ومن هؤلاء المطبل البندير في منتدى الضرار الحلبي ، فقد أحمى بنديره ضد شيخنا أزهر ولكن سيكتوي بنار حقده وتلفح وجهه ، وما أراهم إلا كالقصابة و الرحابة بمنتدى الحلبي، فلا علم ولا وازع ديني يردعهم عن غيهم .

وإياكم بارك الله فيكم..

وأرجو التنبيه أخي أبا عبد السلام أن الكلام المنقول ليس من كلام شيخنا ربيع حفظه الله..

وفقكم الله..

[أبو عبد الله محمد بن عامر]

سلمك الله أبا حاتم و بارك في جهدك و وقتك .
ليت القوم يسكتون ، ففي سكوتهم و الله راحة للأمة عموما و للسلفيين خصوصا ، حيث يتفرغون لتعليم الجاهل و هداية الحائر ، و نشر التوحيد و السنة في الأمة ، أما يكفي أمتنا ما هي فيه حتى يزيدوها من شبهاتهم الواهية ، و ترهاتهم البالية ؟! لله في خلقه شؤون.