النجوم النيرة في مختارات من كتاب نبذة مختصرة من نصائح الوادعي وسيرته العطرة لأم عبدالله الوادعية
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فإن مما يشحذ الهمم ويعلو بالنفس الى الارتقاء الى القمم القراءة في سير من كان قائدا مجددا لدين خير الأمم: أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
و ممن بذل نفسه ووقته وعمره لخدمة السنن محدث اليمن : أبو عبدالرحمن مقبل بن هاادي الوادعي ثم الهمذاني رحمه الله.
فهو والله بحق مجدد محدث عالم ورع زاهد وضع الدنيا تحت قدمه ، له مواقف تشهد أنه من الرعيل الأول.
و مشهور و مذكور و مزبور ما للأدب والسمت والهدي والدل والأخلاق من مكانة رفيعة ومنزلة راقية في ديننا الحنيف حتى قال ابن المبارك رحمه الله: اذا وصف لي رجل له علم الأولين والآخرين لا أتأسف على فوت لقائه ، وإذا سمعت رجلا له أدب النفس أتمنى لقاءه وأتأسف على فوته.
وقد جاء في الآداب الشرعية للمقدسي قوله رحمه الله:ويقال مثل الإيمان كمثل بلدة لها خمسة حصون ، الأول من ذهب ، والثاني من فضة والثالث من حديد ، والرابع من آجر ، والخامس من لبن فما زال أهل الحصن متعاهدين الحصن من اللبن لا يطمع العدو في الثاني فإذا أهملوا ذلك طمعوا في الحصن الثاني ، ثم الثالث حتى تخرب الحصون كلها ، فكذلك الإيمان في خمسة حصون : اليقين . ثم الإخلاص ، ثم أداء الفرائض ، ثم أداء السنن ، ثم حفظ الآداب ، فما دام العبد يحفظ الآداب ويتعاهدها فالشيطان لا يطمع فيه . فإذا ترك الآداب طمع الشيطان في السنن ، ثم في الفرائض ، ثم في الإخلاص ، ثم في اليقين والله أعلم انتهى كلامه .
و عودا على بدء فقد ترجم للشيخ العلم رحمه الله العديد من طلابه ما بين شريط مسموع وكتاب مطبوع ولعل من أبرز تلك التراجم ما خطه يراع بنت الشيخ رحمه الله : أم عبدالله الوادعية في كتابها الموسوم بـ: نبذة مختصرة من نصائح والدي العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وسيرته العطرة .
وقد كنت بحثت عن الكتاب سابقا في الشابكة لمطالعته فلم أجده مصورا ولا مفرغا وقد من الله علي باقتناء الكتاب مؤخرا ولما شرعت في قراءته هالني ما رأيته من درر ونوادر فجال في خاطري تفريغ ما ندر ولم يشتهر عن الشيخ في موضوع متجدد ينشر في الشابكة والله وحده المعين وهو الموفق والهادي الى سواء السبيل.
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 11 Aug 2014 الساعة 11:00 AM
إعلم أخي وفقك الله أني اخترت ترتيب الفوائد وسردها على وفق ما جاء في عناوين الكتاب و ذلك للحفاظ على مقصد المؤلفة من تقديم و تأخير للمواضيع.
قالت أم عبدالله الوادعية في مقدمة الطبعة الأولى ما نصه:
أيها القارئ الكريم، هذه الكلمات المختصرة التي بين يديك كان جلُها مكتوبا في حياة الوالد رحمه الله، ولم يُرد الله طبعها إلا بعد وفاته، وإني عندما عرضت على الوالد الكتابة في هذا الموضوع كان ردُه علي:
كل فتاة معجبة بأبيها !
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 11 Aug 2014 الساعة 02:48 PM
هو الشيخ ،الزاهد، العلامة، الفقيه، المحدث، إمام عصره، شيخ الإسلام، أبوعبدالرحمن مقبل بن هادي بن مقبل بن قايدة الوادعي ثم الهمذاني.
مات أبوه رحمه الله وهو صغير لا يعرفه، فعاش يتيما، وبقي في حضانة والدته رحمها الله فترة، وكانت تطلب منه أن يشتغل في المال، وتأمره أن ينظر الى حال مجتمعه، كي يكون مثلهم فيعرض عن ذلك ويقول لها: سأذهب أدرس.
فتقول له: الله يهديك. تدعو له بالهداية كما أخبرتني غير واحدة (1) من القريبات اللاتي أدركن ذلك الحين، ولعل دعوته والدته وافقت ساعة استجابة فصار من المهتدين، وصار هاديا مهديا، وعالما شهيرا،نحسبه زكيا.
(1): كنت قد سألت الوالد رحمه الله عن هذا لأتثبت، فابتسم، وقال : ما أدري.
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 11 Aug 2014 الساعة 12:53 PM
فحقا لقد ابتلي ابتلاء عظيما، فقد كان يواجه أُمة من الجهلة و ذوي الأهواء و هو بمفرده، فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر!و لقد كان في الأعراس في بدء دعوته يأتي اليهم ويصرخ بأعلى صوته: إن إختلاط الرجال بالنساء منكر، فيقول قائلهم : النساء بين الرجال كالريحان. هذا صنف، وصنف آخر يهاب من الوالد ويختفي، كما أخبرتني إحدى النساء اللاتي أدركن ذلك.
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 11 Aug 2014 الساعة 02:45 PM
بيد أنه -ولله الحمد- قد قيظ الله لوالدنا وشيخنا رحمه الله بقدرته التامة بعضا من عشيرته يحمونه ويدافعون عنه، بل و ممكن أن يسلم الشخص منهم نفسه في الدفاع عن عرض الوالد.
وقد قال ذات مرة في درس له معبرا عما في نفسه من محبة العلم بتاريخ: يوم الاثنين آخر يوم في شهر صفر سنة 1420 هـ: ما أحسن العلم ، أحسن من الذهب والورق، وأحسن من النساء الجميلات، و أحسن من المُلك.
فهو لا يفخر على أحد زلا يغتر بنفسه ولا يتكبر على أحد، ومن خالطه عرف ذلك.
وهو يقول : أنا مقصر.
ويقول :لست راضيا عن نفسي.
وأخبرنا رحمه الله أنه عند أن بدأ الشيب يظهر في لحيته تألم وقال لنفسه: ماذا قدمت للإسلام والمسلمين.
و يقول في الدعوة حين ظهرت وعلت وانتشرت: هذا شيئ أراده الله، فليس بقوتنا ولا بفصاحتنا ولا بكثرة علمنا، ولا بكثرة مالنا.
ويقول : في حالة المختلطين من الرواة والمحدثين عبرة، بالأمس في زمرة العلماء، واليوم في زمرة المجانين، فيجب أن لا يفتخر بالذكاء ولا بالحفظ.
ويقول : الكبر من أعظم الصوارف عن الخير، قال تعالى:"سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق " الأعراف 146، والمتكبر مبغوض لدى الناس، ولو كال لهم الذهب بالزنبيل كيلا.
وقال غير مرة لطلابه: أنا أعتبركم زملائي.
ويقول رحمه الله : أنا أفرح غاية الفرح اذا بُين لي خطئي، سواء أكان من محب أم من كاره، من عدو أم من صديق!
فعنده ثقة قوية، ولذا تراه يكل الأمور إلى الله ، ويقول : التيسير بيد الله.
وتراه إذا أنفق يقول: يخلف الله، ويقول : يبارك الله، ولا يسأل لنفسه شيئا، وإنما إذا شفع عند أهل الخير تكون لذوي الحاجات الضرورية من طلبة العلم ولبغضه للمسألة ألف رسالة بعنوان "ذم المسألة" رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.