|
|
|
|
|
|
|
|
|
25 Dec 2011, 09:43 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
|
|
تذكير الأنام في حكم إطلاق الشهادة على الأعيان
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجميعن, أما بعد:
فقد كثر في عصرنا الحاضر إطلاق لفظ الشهادة على الأعيان, وأصبح مبتذلا على لسان كل أحد, كلٌّ يعطى هذا الوسام وهذا الشرف العظيم, حتى ولو قتل نفسه متعمدا, كمن يحرق نفسه بالبنزين, أو يطعن نفسه بحديدة, أو يرمي نفسه من شاهق, فأصبح هؤلاء عند كثير من الناس هم الشهداء, مع أنهم في حكم الشرع هم من قتلة أنفسهم, وموعودون بالوعيد الشديد من رب العالمين, وعلى لسان رسوله الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم, والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا, كقوله صلى الله عليه وسلم (من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا, ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا, ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) صحيح أخرجه مسلم وغيره, ويجمع ذلك كله (من قتل نفسه بشيء في الدنيا فهو يعذب به فيه نار جهنم ) صحيح روي من طرق كثيرة في الصحاح وغيرها.
فما كنا نتوقع يوما من الأيام أن يطلق على مثل هؤلاء أنهم شهداء, حتى أصبحنا نسمعها في القنوات والإذاعات, وعلى لسان من يدعي العلم والثقافة الإسلامية, ولم يعلم هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من إطلاق لفظ الشهادة على الذي يقتل في المعركة التي دارت رحاها بين المسلمين والكفار, لأن الله - عزوجل - أعلم بمن يجاهد في سبيله, وهو أعلم بمن يكلم ويقتل لإعلاء كلمته, فهو المطلع على السرائر والضمائر, ولأنه قد توجد هناك موانع تمنع من الحكم على المعين بالشهادة, كمن يغل من الغنائم قبل قسمتها, ولو كان شيئا يسيرا, وكمن يقاتل حمية أو عصبية أو غضبا لنفسه وقومه, ونحو ذلك من الموانع, فإذا كان ذلك كذلك فمن باب أولى أن لا يطلق على أولئك لفظ الشهادة, بل يقال قولا جازما لا يجوز إطلاق ذلك عليهم, بل إن من أطلق عليهم لفظ الشهادة فهو محاد لله ورسوله, نسأل الله السلامة والعافية.
وقد بوب البخاري - رحمه الله - في صحيحه باب لا يقال فلان شهيد, قال ابن حجر (أي على سبيل القطع بذلك, إلا إن كان بالوحي)
وعن الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد, فلان شهيد, حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلاَّ إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة" ) رواه مسلم.
ومن أجل هذا الحديث قال عمر الفاروق في خطبته المشهورة: (وأخرى تقولونها - وفي رواية يقولونها - لمن يقتل في مغازيكم أو مات: قتل فلان شهيداً, - أو مات فلان شهيدا-, ولعله أن يكون قد أوقر دفتي راحلته ذهبا أو ورِقا يبتغي به الدنيا, - أو قال التجارة- , فلا تقولوا ذاكم, ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل في سبيل الله -أو مات- فهو في الجنة ") رواه أهل السنن وغيرهم, قال ابن حجر وهو حديث حسن.
وحديث الرجل المشهور الذي رواه البخاري ومسلم, وغيرهما والذي كان لا يدع لهم شاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه, فقال الصحابة: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما إنه من أهل النار) ففزع الصحابة رضي الله من قوله هذا.
فمما يستفاد من هذه الاحاديث والآثار أنه لا يجوز الحكم على الأعيان بالشهادة, وإن قتلوا في معركة بين المسلمين والكفار, لكن يقال نرجوا أن يكونوا شهداء, أو يقال على وجه العموم من قتل في سبيل الله فهو شهيد, وما أشبه ذلك.
فهذا تنببيه لطيف قصدت من وراءه النصح لنفسي ولإخواني المسلمين, وإلا فالموضوع متشعب الأطراف, كثير الفروع والمسائل, ولعل الله ييسر من هو أقدر على الإلمام بالموضوع, وإعطائه حقه ومستحقه, والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 26 Dec 2011 الساعة 04:52 AM
|
26 Dec 2011, 02:42 PM
|
|
جزاك الله خيرا يا أيها الفاضل على تنبيهك الذي جاء في وقته المناسب
|
26 Dec 2011, 09:15 PM
|
|
جزاك الله خير ا أخانا ٍِ بوفلجة- على الموضوع,وليعلم العبد أن وصف من هب ودب بالشهيد قد أصبح اليوم سمة بارزة للحزبيين,المتبعين للعواطف.فغدوا يقولون: شهداء الفكر,شهداء الثورة الشعبية,شهداء الحرية!!!.والله المستعان,وعليه التكلان.
|
26 Dec 2011, 09:35 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
|
|
نعم أخي الفاضل محمد رحيل - وفقك الله لكل خير - هم شهداء الفكر؛ أي أن شهادتهم لم تكن في سبيل الله, ولإعلاء كلمته, بل كانت من أجل أفكارهم, وهكذا شهداء الثورة والحرية, ففي مقولاتهم تلك محذوران: المحذور الأول هو الحكم على الذين يموتون من أجل أفكارهم أنهم شهداء, وأن الذين يموتون في الثورات الشعبية المناهضة للحكام أنهم شهداء, وهذا وضع للشهادة في غير موضعها, فالشهادة إنما تكون لمن يقاتل في سبيل الله - عزوجل - ولإعلاء كلمته, كما قال صلى الله عليه وسلم (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله).
المحذور الثاني: وهو الحكم على الأعيان بالشهادة, وهذا فاسد من وجهين: أحدهما: أنه لا يجوز إطلاق وصف الشهادة على الأعيان كما جاءت الأحاديث بذلك, والثاني: أن هؤلاء الذين ماتوا من أجل أفكارهم ونحو ذلك لم تكن موتتهم في سبيل الله, وهذا كله مما يدلك على فساد منهج هؤلاء القوم.
بل إنك لتعجب أخي الفاضل محمد أن الشهادة أصبحت تطلق على غير المسلم, كالمسيحي واليهودي الثائر على الحاكم, والأعجب من ذلك أن يكون صاحب هذا الحكم والمقالة هذه هو ممن ينتسب إلى العلم, وممن يتصدر الفتوى في دين الله - عزوجل -, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
|
26 Dec 2011, 09:45 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2011
الدولة: سعيدة
المشاركات: 254
|
|
السلام عليكم
بارك الله فيك أخي بوفلجة على التنبيه وفقك الله
|
26 Dec 2011, 11:57 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر، تلمسان
المشاركات: 41
|
|
حفظك الله وسدد أقوالك
التعديل الأخير تم بواسطة نقادي محمد سفيان ; 27 Dec 2011 الساعة 12:03 AM
|
26 Dec 2011, 11:59 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر، تلمسان
المشاركات: 41
|
|
حفظك الله أخي بوفلجة على التنبيهات الغنية بالفوائد الوفية، لإتمام الفائدة فقد سأل شيخ الإسلام إبن تيمية عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق فهل يموت شهيدا؟
فَأَجَابَ : نَعَمْ مَاتَ شَهِيدًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا بِرُكُوبِهِ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْغَرِيقُ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْحَرِيقُ شَهِيدٌ وَالْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ فِي نِفَاسِهَا شَهِيدَةٌ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ شَهِيدٌ " . وَجَاءَ ذِكْرُ غَيْرِ هَؤُلَاءِ .
وَرُكُوبُ الْبَحْرِ لِلتِّجَارَةِ جَائِزٌ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ . وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ : إنَّهُ شَهِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ. الفتاوى (24/293)
هدا إدا كان غالب ضنه السلامة فما بالك من تعمد وقصد الإنتحار أو إستعمل أحد ألوسائل، وما بالك إدا كان عاصيا فهدا حائل للشهادة، و لاحظ السؤال " ركب البحرللتجارة" يعني استعمل البحر لمقصود شرعي ، فما ضنك من تقصد البحر للأمور غير شرعية كسياحة مثلا.
إدا نقول أنه لايجوز أن نشهدَ لشخصٍ بعينهِ أنه شهيدٌ ، حتى لو قُتل مظلوماً ، أو قُتل وهو يدافعُ عن الحقِ ، إلا من شهد له النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، أو اتفقت الأمةُ على الشهادةِ له بذلك. أنظر " المناهي االفظية " ( ص 78 – 80 ) للإبن عثيمين رحمه الله
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
| |
| |