منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07 May 2013, 09:42 PM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي النقل المسدّد لمناقشة الدكتور عيسى مُحمّد في تجويزه الحزب المرَدَّد [ الثالثة ]



النقل المسدّد لمناقشة الدكتور عيسى مُحمّد
في تجويزه الحزب المرَدَّد [ الحلقة الثالثة ]


هل صاحبنا من مجيزي الشطح والرقص والسماع الصوفي كحال ابن لب الغرناطي

استدل الدكتور في وريقاته (ص: 6 و 18)، بكلام فرج ابن لب الغرناطي وغيره ـ تقليدا وتعصبا ـ ، وليعلم المحب أن هذا الرجل - أعني: ابن لب-، كانت له شطحات صوفية، فقد سئل أبو البركات البلفيقي عن قوم يجتمعون في زاوية على الأكل والذكر، وإنشاد الشعر، ثم يبكون ويشطحون، فأجازه بقيد!!!

ثم عقب فرج ابن لب على فتواه بقوله: «
وقفت على السؤال والجواب ووافقت على صحة الجواب المقيد، وقلت بمثله، والله الموفق بفضله »، [ « المعيار المعرب » للونشريسي (11/ 38) ].

وكثير من ذلك مذكور في كتاب « المعيار » للونشريسي، ولولا خشية الإطالة لذكرت ما هنالك.

فلا أشك أن صاحبنا اطلع على فتاوى ابن لب، وانتقى منها ما أراد، فهل يوافقه على كل أقواله - لاسيما وقد ترجم له في آخر تسويده (ص: 22) -، أم أنه يتحفظ عن مثل هذا!!


وشتان بين السماع الرحماني الرباني « سماعِ المؤمنين وسلف الأمة وأكابر المشايخ كمعروف الكرخي والفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني ونحوهم، وهو سماع المشايخ المتأخرين الأكابر كالشيخ عبد القادر والشيخ عدي بن مسافر والشيخ أبي مدين وغيرهم من المشايخ - رحمهم الله - »، « ولهذا السماع من المواجيد العظيمة والأذواق الكريمة ومزيد المعارف والأحوال الجسيمة ما لا يتسع له خطاب ولا يحويه كتاب كما أن في تدبر القرآن وتفهمه من مزيد العلم والإيمان ما لا يحيط به بيان »،
[ « مجموع الفتاوى » لابن تيمية (3 / 428)، (10 / 80) ].
وبين السماع الشيطاني وهو « الاجتماع لسماع القصائد سواء كان بكف أو بقضيب أو بدف أو كان مع ذلك شبابة، وهذا لم يفعله أحد من الصحابة، بل ولا من التابعين بل القرون المفضلة ... لم يكن فيهم أحد يجتمع على هذا السماع لا في الحجاز ولا في الشام ولا في اليمن ولا العراق ولا مصر ولا خراسان ولا
المغرب ..... والقلب إذا تعود سماع القصائد والأبيات والتذ بها حصل له نفور عن سماع القرآن والآيات فيستغني بسماع الشيطان عن سماع الرحمن »، [ « مجموع الفتاوى » لابن تيمية (11 / 58)، بتصرف ].

ثم إن الاجتماع على الذكر والسماع من شروط الطرائق الصوفية، ومن تركه يعد عندهم متهاونا متكاسلا.

قال التيجاني: «
من الأوراد اللازمة للطريقة ذكر الهيللة بعد صلاة العصر يوم الجمعة مع الجماعة، وإن كان له إخوان في البلد فلا بد من جمعهم وذكرهم جماعة، وهذا شرط في الطريقة ».
وقال: الرباطي: «
وترك الاجتماع من غير عذر شرعي يعرض في الوقت ممنوع عندنا في الطريقة، ويعد تهاونا، ولا يخفى وخامة مرتع التهاون »، [ « تقديس الأشخاص » (1/ 336) ].

ولا يعزب عنا وعن صاحبنا مقاومة علماء المغرب للصوفية ووقوفهم في وجهها، وذمهم لبدعها، ومن بين أولئك العلماء:

أبو عبد الله الحفار المالكي (ت: 711 هـ)، وأبو محمد عبد الله الفشتالي المالكي (ت: 777 هـ)، والإمام الأصولي النحوي الشاطبي المالكي (ت: 790 هـ)، وعبد الله بن محمد العبدوسي المالكي (ت: 849 هـ )، وابن طوير الجنة الوداني المالكي (ت: 1266هـ)، وأحمد المرنيسي المالكي (ت: 1277هـ)، والغالي محمد الحسني العمراني المالكي (ت: 1289 هـ )، وأبو عبد الله محمد كنون المالكي (ت: 1302 هـ)، والمؤرخ أحمد الناصري المالكي (ت: 1315 هـ)، وعبد الحفيظ الفاسي الفهري المالكي (ت: 1383 هـ)، وعبد الرحمن محمد التنيفي الزياني المالكي (1385 هـ)، ومحمد بن اليمني الناصري المالكي (ت: 1391 هـ)، والعلامة تقي الدين الهلالي المغربي (ت: 1407 هـ)، والشيخ أحمد حماني الجزائري المالكي، ومفتي رابطة علماء المغرب محمد كنوني المالكي،
[ « علماء المغرب ومقاومتهم للبدع » لباحو (51، وما بعدها ) ].
فهلا اقتدى الدكتور بهؤلاء العلماء في إنكارهم للبدع والمحدثات، أم أنه يرى نفسه أهدى سبيلا منهم!


تنبيه:

ذكر صاحبنا في (ص: 22) من أوراقه أن:
أبا العباس، هي كنية فرج بن قاسم بن أحمد بن لب التغلـبي الغرناطي الأندلسي ( 701 ـ 782 هـ)، وليس كذلك فقد راجعت ما توفر لدي من كتب التراجم فلم أجد له كنية غير: أبي سعيد، ودعوى التصحيف بعيدة، فما بال صاحبنا، لا يفرق بين العبوس والسعادة.
وانظر ترجمته في:
[ « الكتيبة » (4/ 212) و « الإحاطة في أخبار غرناطة » (67) كلاهما لابن الخطيب، « نيل الابتهاج » (211)، « بغية الوعاة » للسيوطي (2/ 243)، « إنباء الغمر » لابن حجر العسقلاني (1/ 349)، « الديباج المذهب » لابن فرحون (2/ 139) ].

كما أنه لا يفرق بين الأنواء والأنواع، لما سمى كتاب القرافي في الفروق بـ: "أنوار البروق في
أنواء! الفروق"، [ انظر: (ص: 23) من أوراقه ].

من سنّ سنّة لا يعني من ابتدع بدعة

استدل الدكتور - كغيره - على جواز البدع الحسنة - زعموا -، بقوله صلى الله عليه وسلم: «
من سن في الإسلام سنة حسنة...»، [ رواه مسلم في « صحيحه » (8/ 61) ].
وسلفه في ذلك الغماري كما في كتابه « إتقان الصنعة » (ص:15)، والحميري في « البدعة الحسنة » (ص:103).


والجواب أن يقال أن « المراد بالاستنان في الحديث ليس بمعنى الاختراع، وإنما المراد به العمل بما ثبت من السنة النبوية، وذلك من وجهين:


1_ أن السبب الذي لأجله جاء الحديث هو الصدقة المشروعة، فالمتأمل يرى أن ذلك فيمن عمل بمقتضى الأمر المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حيث أتى بتلك الصرة، فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال:"من سن في الإسلام سنة حسنة"، فدل على أن السنة هاهنا مثل ما فعل ذلك الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنة، وهو لم يأت بشيء محدث.


2_ أن يقال: أن العقل والشرع يحسن ويقبح عند أهل السنة والجماعة، خلافا للأشاعرة، لكن لا يترتب على ذلك حكم ما لم يرد شرع، وذلك خلافا للمعتزلة، فالذوق والاستحسان لا يكون مبررا للإحداث»،
[ « الاعتصام » (1/ 312)، بتصرف ].

على أن يتنبه المستفيد إذا رجع إلى هذا الموضع من «
الاعتصام » فإن المؤلف - عفا الله عنه - قرر مذهب الأشاعرة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين.
وراجع لهذه المسألة العظيمة:
مفتاح دار السعادة » (2/ 2-118)، « مدارج السالكين » (1/ 230-257، 91 و3/ 407، 488، 492)، « شفاء الغليل » (435) كلها للعلامة ابن القيم الجوزية، « مجموع الفتاوى » (8/ 90، 91 و8 / 428-432، و3/ 114-115، و11/ 675-687، و8 / 75 و16/ 235-363)، و« درء تعارض العقل والنقل » (8/ 492-493) لشيخ الإسلام ابن تيمية، « لوامع الأنوار » للسفاريني (1/ 284-291)، « روح المعاني » للآلوسي (14/ 94 و15/ 37-42)، و« تيسير التحرير » لأمير بادشاه الحنفي (1/ 283-387)، وغيرها ].

إجماع مخترع على عمل مبتدع!
قال الدكتور المذكور في وريقاته (ص: 15):
«
وما قراءة القرآن الكريم على هذه الطريقة المعهودة إلا عمل جار منذ قرون بهذه الديار ففيما النزاع؟ ».
والجواب على هذا من وجهين:


1_ هل يعتبر الدكتور أن إجماع أهل تلك الأعصار والأمصار _ مع كثرة الجهل والبدع فيها _، حجة في الدين.

ألا يعلم أنه
« لم يذهب ذاهب قط إلى أن عمل غير أهل المدينة أو إجماعهم حجة، وإنما تنوزع في عمل أهل المدينة وإجماعهم: هل هو حجة أم لا؟»،[ « مجموع الفتاوى » لابن تيمية (22/ 429) ].
فليت شيخ الإسلام كان حيا ليزيد في كلامه السابق: " أنه لم يذهب ذاهب قط _ إلا الدكتور محمد عيسى وأضرابه
_... إلخ ".

2_ قد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن حكم رفع الصوت في الجنازة، لا سيما وقد صار إجماعا من الناس - كما ذكر السائل-، فبين - رحمه الله - أن أهل العلم بالسنن والآثار اتفقوا على أن هذا لم يكن على عهد القرون المفضلة ومما قال في رد هذه الشبهة:

«
وأما قول السائل: إن هذا قد صار إجماعا من الناس، فليس كذلك، بل مازال في المسلمين من يكره ذلك، وما زالت جنائز كثيرة تخرج بغير هذا في عدة أمصار من أمصار المسلمين.
وأما كون أهل بلد، أو بلدين، أو عشر تعودوا ذلك، فليس هذا بإجماع
، بل أهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم التي نزل فيها القرآن والسنة، وهي دار الهجرة، والنصرة، والإيمان، والعلم، لم يكونوا يفعلوا ذلك »، [ « مجموع الفتاوى » (24/ 294)].

وهذا مالك يقول عن الحزب الراتب أنه " لم يكن من فعل الناس"، وهو إمام عالم عارف بأحوال أهل المدينة، ولن يزال في الأمة _ إن شاء الله _، من ينكر هذه البدعة الوخيمة، ويقوم لله بحجته القويمة، على سَنَن إمام أهل المدينة، فالحمد لله على نعمته العظيمة.


على أن قد تقدم بيان ضعف استدلال الدكتور بهذه الشبهة في أول المباحث، والله الموفق.


المصلحة المرسلة ليست من البدع في شيء
قال الدكتور المذكور في وريقاته (ص: 15):
«
والعمل إذا تظافر عليه أهل الأمصار والأعصار، ولم يرد من الشرع ما يمنعه أو يقره، فهو من المصالح المرسلة التي تأكدت فيها المصلحة ».
أن يقال:

أولا:

إن كان المراد بالعمل: العمل الدنيوي فهذا مسلم.

ثانيا:

إن كان شرعيا - وهو مقصوده -، فإن الشرع قد دل على منعها كما تقدم، وليس للقراءة الجماعية مستند شرعي غير نصوص عامة، بل لم يكن يعرف هذا العمل على عهد السلف، والحجة فيهم.

بخلاف المصلحة المرسلة، فإن الشرع أتى بجلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، ولم يكن الصحابة ليتركوا هذا العمل مع ما ادعي له من المصالح، وهم أعلم الأمة بالمصالح والمفاسد، مع توفر الهمم والدواعي من قلة الحفظة والقراء وقتئذ.

ثالثا:

الضابط في تمييز المصلحة المرسلة من البدعة، هو أن المصلحة المرسلة لم يكن المقتضي لفعلها موجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان المقتضي موجودا لها لكن كان هناك مانع يمنع منه، والبدعة بعكس ذلك،
[ « اقتضاء الصراط المستقيم » لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 594) ]، فهل مسألتنا من قبيل البدع أم قبيل المصلحة المرسلة، والعاقل العارف يعرف الجواب!
رابعا:

أن كون هذه القراءة من المصالح زعم محض، فإنها تعارض أصل الاتباع المأمور به، وهل تعرف مفسدة بعد الابتداع وترك الاتباع، ثم إن فيها من المفاسد ما أحبب أن أشير إليه في هذه الأسطر القليلات:


1 _ كونها محدثة، وأي مفسدة بعد الإحداث، وقد تقدم قريبا.

2_ عدم الإنصات المأمور به، بل فيه جهر بعضهم على بعض وكلٌّ قد نهي عنه.

3_ اضطرار القارئ إلى التنفس مع استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن فتفوته بسبب كلمات لحظة تنفسه، وهذا محرم.

4_ أنه يتنفس في المد المتصل كـ: جاء، وساء، وباء، مما يجعله يقطع الكلمة نصفين، فتصير كلمتين، ولا يخفى تحريم هذا.

5_ أن في ذلك تشبها بأهل الكتاب في صلواتهم في كنائسهم.

6_ اعتماد القوم على الوقف الهبطي المحدث الذي صنفه صاحبه لهذا الغرض، مع عدم خلوه من شطحات الأشاعرة لمن تدبره.

7_ عدم الحضور والتدبر والخشوع المأمور به عند قراءة القرآن،
[ « الحسام الماحق » (99، 101) للعلامة تقي الدين الهلالي ].
8_ ما فيه من المباهاة في حفظه والتعالي على الناس،
[ « المعيار المعرب » للونشريسي (11/ 116) ].
9_ ما فيه من الجهر بالذكر، وترك المخافتة به، وقد قال تعالى: [ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ].

10_ صرف الناس عن المقصود الأعظم من القرآن الذي صرفت لأجله همم الأولين وهو: العمل بمقتضاه، إلى الههم الخسيسة المحدثة، إذ تلاوة كتاب الله عز وجل تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

تلاوة اللفظ، تلاوة المعنى، وتلاوة العمل، وكلها مقصودة، والأخير منها أعظمها،
[ « شرح رياض الصالحين » لابن عثيمين (4/ 706- 707) ].
وقال رجل للإمام أبي جعفر يزيد بن القعقاع المقرئ: هنيئا لك ما آتاك الله من القرآن، فقال له: «
ذاك إذا أحللت حلاله، وحرمت حرامه، وعملت بما فيه »، [ « سير أعلام النبلاء » للذهبي (5/ 288)].

فليت الدكتور يتفطن لهذا ويسعى في إصلاح الناس « فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم وتزيده يقينا وطمأنينة وشفاء.

وقد قال تعالى: { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } وقال تعالى: { هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين } وقال تعالى: { هدى للمتقين } وقال تعالى: { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون }، وهذا مما يجده كل مؤمن من نفسه »،
[ « مجموع الفتاوى » لابن تيمية ( 7/ 283) ].

وكيف يريد الكاتب للعامة أن ينالوا جزاء الاجتماع على مدارسة القرآن من: نزول السكينة عليهم، وغشيان الرحمة لهم وحف الملائكة إياهم، وذكر الله لهم في الملأ الأعلى، وهم ما قرءوه كما قرأه الأولون، ولا يريدون منه ما أراده السابقون، فالله المستعان على ما بلي به المتخلفون،
[ « شرح الأربعين النووية » للشيخ تقي الدين الهلالي المغربي (39، 40)، « التمسك بالسنن » للذهبي (120) ].

11- ما ادعاه في تسويده (ص:16)، من تنشيط الناس وحثهم على قراءة القرآن منقوض بأن العامي إذا اعتاد تلك الطريقة، فإنها تصرفه عن قراءة القرآن كلية إذا لم يجد من يشاركه في الاجتماع عليها، وهذا معاين مشاهد.

12- التمايل المبتدع أثناء قراءة القرآن،ولا تكاد تسلم هذه الطريقة من هذه الصفة والله المستعان.

13- الدعاء الجماعي بعد كل ختمة للقرآن، وصنع الطعام والاجتماع عليه.

14- اعتياد العامة على نغمة الحزب الراتب، فلا تكاد تجد أحدهم يرتل القرآن إذا قرأه حتى ولو تعلم علم التجويد، ومن شبّ على شيء شاب عليه.

15- من المعلوم أن هذه الطريقة تتسم بالسرعة في القراءة وعدم تحقيق الحروف، وهذا مما لا يجادَل فيه، ولاعتياد القوم لها ينصرف ذلك إلى صلاتهم، فلا يكاد المرء يتم الفاتحة مع أحدهم إذا صلى وراءه.


« العادة مُحَكَّمَة »، وعند الدكتور « مُشَرِّعَة »!!

قال في (ص: 4): «
... جريا على العرف الجاري بهذه الديار»، وقال (ص: 15): «العادة الحسنة إذا لم تخالف الشرع ولم تناقض أصلا من أصوله فلها اعتبارها، ولهذا قال العلماء: " الثابت بالعرف كالثابت بالنص" ».

والجواب أن يقال:

أن من حكمة الله جل وعلا أن جعل الدين جامعا بين « المرونة اللازمة لتطور الأحكام التي يجب أن تتكيف بحسب ظروف الحياة، وبين المحافظة على المبادئ الأساسية الثابتة »،
[ « المدخل الفقهي العام » لمصطفى الزرقا (2/ 882) ].
فالشريعة عدل كلها ورحمة كلها، وتحقيقا لذلك وكلت لأعراف الناس وطبائعهم الحكم في كثير من أحكام الشريعة، فهو - أي: العرف - « يعد مستندا عظيم الشأن لكثير من الأحكام العملية بين الناس في شتى شعب الفقه وأبوابه »،
[ « المدخل الفقهي » (2/ 850) ].
لكن ليس هذا على إطلاقه كما ظنه الدكتور وغيره، فإن « من الأعراف ما يكون في ذاته حسنا، ومنها ما يكون قبيحا، والمرجع في تمييز الحسن من القبيح إنما هو: أمر الشارع ونهيه »،
[ « المدخل الفقهي » (2/ 885) ]، وليس إلى شيوعه وذيوعه - ولو كان منكرا - كما قرّر الدكتور، بل هذا عين المشاقة والمحادة لله ورسوله، وقد تقدم بيان ذلك في مبحث استحسان البدع.
قال أبو المعالي الألوسي:

«
ولا تغرنك عوائد الناس فإنها السموم القاتلة والداء العضال، وعين المشاقة المؤدية إلى الضلال »، [ « غاية الأماني في الرد على النبهاني » (1/ 476) ].
« فإذا اعتاد الناس بعض العادات المنكرة شرعا بمقتضى النصوص الشرعية العامة، وتعارفوها في بعض المواسم والمآتم، فإنه لا يكون في اعتيادهم لذلك مسوغ ولا حجة، بل يجب منعه وقمعه.

واعتياد الناس شيئا من المنكرات لا يزيل علة تحريمها، لأن تحريمها لم يكن مستندا إلى عدم اعتيادها، بل إلى خبث نتائجها، وهذا يعم ويزداد باعتيادها ولا يقل »،
[ « المدخل الفقهي » (2/ 911) ]،

فليعلم الدكتور بهذا التقرير أن العرف إذا خالف نصا من نصوص الشريعة، أو بعض قواعدها وأصولها فإنه لا اعتبار له، وهذا هو الحال مع مسألتنا.


مسألة
وإن ادعى صاحبنا أن الزمان والمكان قد تغيرا فيوجب ذلك تغير الأحكام، إذ « الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان »، فالجواب:

أن « الفقهاء اتفقوا على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان والمكان هي "
الأحكام الاجتهادية"، دون الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة بإرسائها وتقريرها»، [ « المدخل الفقهي » (2/ 924) ]، ومن تلكم الأحكام الأساسية محاربة البدع في الدين ونشر السنن.
فكيف يجعل صاحبنا بعد هذا البيان والتقرير « قعود الهمم، وفساد الذمم، وقلة الورع، وكثرة الطمع والبدع، أعرافا يتعارف عليها الناس ويبنون عليها أحكامهم » ،
[ « المدخل الفقهي » (2/ 937) بتصرف ].

تعاهد القرآن بين دواء سنة الـنّبيّ، وداء البدعة والـعَـيّ

قال الدكتور في وريقاته معددا أُولىَ مصالح الحزب الراتب (ص:15)

«
تعهد القرآن الكريم، فهي تساعد على حفظه وضبطه ومراجعته وعدم نسيانه ».

الكلام معه في هذا من شقين:


1- إن من نعم الله على عبده أن يرزقه حفظ كتابه وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه المشروع الذي يرضيه، وإن من الخطايا أن يتوسد الرجل القرآن ويترك تعاهده ومراجعته حتى ينساه، وقد أشار الدكتور إلى أن قراءة القرآن على تلك الصفة المخترعة تثبت القرآن، على قاعدة: "
الغاية تبرر الوسيلة "، وإن حفظ القرآن لمن أهم الغايات ولكن لا ينبغي له أن يجعل هذا مبررا له في ابتداع طرائق لصونه والمحافظة عليه.

2- قد أرشد صلى الله عليه وسلم أمته إلى كيفية سُنّية سَنية تعود على المسلم بالأجور العظيمة سوى قراءة القرآن، ألا وهي الصلاة به ليلا ونهارا.

قال صلى الله عليه وسلم: «
إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه »، والحديث صححه العلامة الألباني في « صحيحته » (برقم: 597)، وهذا مما يُغبط ويُحسد عليه الإنسان، وقد قال صلى الله عليه وسلم في مثل هذا:
«
لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل، وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل، وآناء النهار »، أخرجه مسلم في « صحيحه » (815)، وغيره.
وهي طريقة مجربة مشاهدة الفوائد كالعيان، فشد على هذا الدواء يا حافظ القرآن، واترك ما سواه من الهذيان.


نيل الفضل بين المقطوع والمظنون
قال في الفوائد التي زعمها لهذه الطريقة (ص: 15):
«
ثالثا: التماس الفضل المذكور في حديث:" ما اجتمع قوم..." ».

يقال:

1_ أن المتبع للسلف في طريقة قراءتهم للقرآن _ لاسيما وقد أجمع عليها العلماء _، يقطع له بالنجاة والفوز ونيل الأجور العظام، ومن خالف ذلك فلا يقطع له بالسلامة، إذ قد علم أن في المسألة خلاف، وليس الخلاف في كثرة الثواب، بل الخلاف في صحة هذا العمل من فساده،
[ « إنارة الفكر » للبقاعي ( 131)، « المعيار المعرب » للونشريسي (11/ 169) ].
فكيف يترك الدكتور المقطوع للمظنون!!، والفاضل للممنوع!!


من أصول مالك: « مراعاة الخلاف »

2_ ثم إنه قد اشتهر في كلام كثير من الأئمة قولهم: « الخروج من الخلاف مستحب », حتى قال الحافظ ابن حجر في ذلك: « وترك ما يُشكّ فيه أصل عظيم في الورع », [ « الفتح » (4/343) ]، وقال النووي: « إن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف، إذا لم يلزم منه إخلال بسنة، أو أوقع في خلاف آخر »، [ « شرح مسلم » ( 2/23 ) ].
وشرطه عند أهل العلم: أن لا يؤدي مراعاته إلى ترك واجب أو إهمال سنة ثابتة أو خرق إجماع، بل الورع في مخالفته لموافقة الشرع،
[ « الأشباه والنظائر » للسيوطي (136)، ولابن السبكي (1/ 128)، « المنثور » للزركشي (2/ 128)، « المغني » لابن قدامة (1/221)، « القواعد الفقهية » للندوي (336) ]، فهل تدخل واحدة من هذه في "الحزب الراتب"، اللهم إلا إن تكون الثانية وكان صاحبنا على مذهب التيجانية في إيجاب الاجتماع على الذكر.

3- إن هذا الأصل - أعني: مراعاة الخلاف- أصل عظيم في مذهب مالك - رحمه الله -، بل قد علل به المالكية بعض أقواله،
[ « البيان والتحصيل » لابن رشد (3 / 419)، (4 / 157)، « الفكر السامي » للحجوي (1 / 455)، « منح الجليل » لعليش (6 / 472) وغيرها ]، فهلا راعى صاحبنا خلافه إمامه!، أم أن خلافه غير معتبر!!

قولهم: « لا إنكار في مسائل الخلاف »، ليس على إطلاقه

قال في تسويده (ص: 19):

«
على فرض عدم التسليم، واستصحاب الخلاف، فقد سبق سوق عبارات الفقهاء الصريحة في أنه:" لا إنكار في مورد الخلاف" ».

الكلام على هذا من وجهين:

الأول:

أن الدكتور بهذا التقرير يعرج بنا على القاعدة المشهورة عند أهل العلم والتي عبّروا عنها بقولهم: «
لا ينكر المختلف فيه, وإنما ينكر المجمع عليه »، « لا إنكار في مسائل الخلاف ».
وهذه القاعدة ليست على إطلاقها كما يوهم القراء بذلك، فقد استثنيت منها صور، منها: أن يكون ذلك المذهب بعيد المأخذ، بحيث ينقض، ولو كان ذلك في حكم الحاكم، فإن قولهم أيضا: «
الاجتهاد لا ينقض »، يستثنى منه هذه الصورة، وهي أن يخالف حكمه نصا من الكتاب أو السنة أو الإجماع.

وفي هذا البيان يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

«
وقولهم: "مسائل الخلاف" لا إنكار فيها ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل، أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة، أو إجماعا قديما وجب إنكاره وفاقا، وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه.
وأما الثاني وهو العمل: فإذا كان على خلاف سنة، أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار كما ذكرناه من حديث شارب النبيذ المختلف فيه، وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة، وإن كان قد اتبع بعض العلماء
».
[ « الفتاوى الكبرى » له (6/ 96)، بتصرف، وقد نقله تلميذه ابن القيم بنصه وفصه مع بعض الزيادات، وذلك في كتابه القيم: « إعلام الموقعين » (3/ 258)، وانظر:
« الأشباه والنظائر » للسيوطي (158), « المنثور » للزركشي (3/310) ].

الوجه الثاني:


أن يقال أن الخلاف في المسائل التي لها دليلها له حالتان، وذلك أن يكون:

_
الخلاف قويا: وذلك بأن يكون لكل من الفريقين دليله وحجته، فعلى هذا القسم ينزل قولهم: « لا إنكار في مسائل الخلاف ».
_
أن يكون الخلاف ضعيفا: كأن يتمسك المخالف بقياس أو نظر يخالف النص الواضح الجلي من كتاب أو سنة أو إجماع، فهذا ينكر على قائله ولا يسكت عنه.

وهل يقول الدكتور أننا نترك القول بأن « الحامل تعتد بوضع الحمل، وأن إصابة الزوج الثاني شرط في حلها للأول، وأن الغسل يجب بمجرد الإيلاج وإن لم ينزل، وأن ربا الفضل حرام، وأن المتعة حرام، وأن النبيذ المسكر حرام، وأن المسلم لا يقتل بكافر، وأن المسح على الخفين جائز حضرا وسفرا، وأن السنة في الركوع وضع اليدين على الركبتين دون التطبيق، وأن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه سنة، وأن الشفعة ثابتة في الأرض والعقار وأن الوقت صحيح لازم، وأن دية الأصابع سواء، وأن يد السارق تقطع في ثلاثة دراهم، وأن الخاتم من حديد يجوز أن يكون صداقا، وأن التيمم إلى الكوعين بضربة واحدة جائز، وأن صيام الولي عن الميت يجزئ عنه، وأن الحاج يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، وأن المحرم له استدامة الطيب دون ابتدائه، وأن السنة أن يسلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأن خيار المجلس ثابت في البيع، وأن المصراة يرد معها عوض اللبن صاعا من تمر، وأن صلاة الكسوف بركوعين في كل ركعة، وأن القضاء جائز بشاهد ويمين »،
[ « إعلام الموقعين » لابن القيم (3/ 224) ]، وغير ذلك من المسائل التي بان فيها الدليل واتضح، هل نترك القول بها لمجرد مخالفة المخالف مع ضعف مأخذه، و عدم الإنكار عليه، هذا - لعمر الله - عين الزلل والخطل في القول والعمل!!!

صور الاجتماع على قراءة القرآن
وفي ختام هذا البحث رأيت أن بعضهم قد جمع صور الاجتماع على قراءة القرآن، فانتقيتها وزدت عليها بعض الفوائد، فدونك أخياه تلك الدرر دون خوف ولا ضرر:

* الصورة الأولى:
أن يقرأ القارئ والباقي يستمعون، ومن عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة، فهذه الصورة مستحبة بلا خلاف، وهي طريقة الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين، [ « مجموع الفتاوى » لابن تيمية (5/345) ].

* الصورة الثانية:
أن يقرأ القارئ الحسن الصوت على الجماعة قصد صرف وجوه الناس والتكسب بذلك والسؤال به، فهذا قد كرهه مالك، ويزداد الأمر نكارة إذا كان القارئ يقرأ بالألحان والأوزان، كما اشتهر في بعض البلدان، كمصر والسودان، وترى المستمعين بعد القراءة مكبرين ومهللين، فواحسراتاه على أولئك المساكين، [ « الحوادث والبدع » للطرطوشي (96)، « الذخيرة» للقرافي (13/349) ].

* الصورة الثالثة:
أن يقرأ القارئ ثم يقطع ثم يعيد غيره ما قرأه، وهي مستحبة أيضا، [ « شرح مختصر خليل » للخرشي (1/353)، « مطالب أولى النهى» (1/598) لابن عبده الحنبلي، « كشاف القناع » للبهوتي (1/433)، « دليل الفالحين » لابن علان (3/ 39) ].

* الرابعة:
أن يقرأ القارئ جزءا ثم يقرأ غيره الجزء الذي بعده [ طريقة الإدارة ]، والجمهور على جوازها خلافا للحنابلة، إذ لا فرق بينها وبين التي قبلها إلا في إعادة المقروء، حاشية الصاوي على الشرح الصغير » (1/423)، « منح الجليل شرح مختصر خليل » لعليش (1/334)، « الفروع » لابن مفلح (1/554)، « الفتاوى الكبرى» لابن تيمية (5/345)، « التبيان » للنووي (103) ].

* الخامسة:
وهي مسألتنا التي اشتهرت في المغرب الإسلامي باسم: [ الحزب الراتب ]، والتي حاول الدكتور التحقيق فيها تحقيقا علميا موضوعيا، وقد صرّح أئمة المالكية بكراهتها -كما تقدم -، بل لم يختلف قول الإمام مالك في أنها بدعة مكروهة، فلا تعول على غير هذا القول، فإنما هو رواء غلّ أو ظبي تلّ.
بل كان من أجازها من بعض متأخري المالكية يجعل الانفراد بالقراءة وتركها هو الأفضل،
[ « المعيار المعرب » للونشريسي (11/ 169) ].

خاتمة نسأل الله حسنها

وفي الأخير أسأل الله أن أكون قد وفّقت في مناقشة الدكتور فيما نقلت عن أهل العلم، وأن يجعلني من المحسنين في ذلك، فإن من « جادل الخَصْمَ بحُجَجٍ صَحِيحة دَلَّ عليها النَّصُّ أو الإِجماع عند الحاجَةِ فَهُو مُحْسِنٌ إن صَلحت نِيَّتُه، وذلك من فُروض الكفايات والنّهْي عنه عدوان، ومن جادل بلا حُجج، وأعرض عن النُّصُوص، ومَشَى مع رأيِهِ وهواه كما يفعله كثير من المتكلّمين، فهو من المذمومين لاسيَّما إذا أوقعه حِجاجُه في التزام ما يخالف الكتابَ والسُّنَّة »،
[ « التمسك بالسنن » للذهبي (117) ].

كما أسأله سبحانه أن يريه الحق، وأن يجعله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، وأن يهديه للسنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


وكتب بقلمه/
عبد الله بن المبارك
الجزائري
ختم الله له ولوالديه بالحسنى




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08 May 2013, 01:43 PM
أبو الفضل عثمان المغربي أبو الفضل عثمان المغربي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
الدولة: المملكة المغربية/ جهة دكالة عبدة
المشاركات: 226
افتراضي

وَهَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ = جَمَاعَةً مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ

قَرَّرَهُ الْمُحَقِّقُ (الطُّرْطُوشِي)(6) = فَلَا تَكُنْ كَالْجَاهِلِ الْمَغْشُوشِ

من قصيدة النصيحة للعلامة محمد التقي الهلالي رحمه الله تعالى
http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=8225
بوركت أخي عبد الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مناقشةالدكتورعيسى, ردود


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013