27 Jul 2014, 01:15 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 92
|
|
في حكم التكبير الجماعي للعلامة محمد علي فركوس
صنف: فتاوى الصلاة - العيد
في حكم التكبير الجماعيِّ أيَّامَ العيد
السؤال:
ما حكم التكبير الجماعيِّ بصوتٍ واحدٍ يومَ العيد وأيَّامَ التشريق؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالتكبير الجماعيُّ والاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ لم يُنقل عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم ما يقضي بمشروعيته، بل كُلُّ ذِكْرٍ لا يُشْرَعُ الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ، سواءٌ كان تهليلًا أو تسبيحًا أو تحميدًا أو تلبيةً أو دعاءً، شُرِع رفعُ الصوت فيه أم لم يُشرع، فكان الذِّكر المنفردُ هو المشروعَ برفع الصوت أو بخفضه، ولا تعلُّقَ له بالغير، وقد نُقِل ـ في حَجَّة الوداع ـ أنَّ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان منهمُ المكبِّر ومنهم المهلِّل ومنهم الملبِّي(1)، و«الأَصْلُ فِي العِبَادَاتِ التَّوْقِيفُ وَأَنْ لَا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ»، والمعلومُ في الاجتماع على صوتٍ واحدٍ أنه مِن عبادة النصارى في قراءتهم الإنجيلَ جماعةً في كنائسهم، ولا يُعلم ذلك في شرعنا. أمَّا الآثارُ الثابتةُ عن بعض السلف كابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكبِّرَانِ، وَيُكبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا»(2)، وما روى ابنُ أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ عن الزهريِّ قال: «كَانَ النَّاسُ يُكَبِّرُونَ فِي العِيدِ حِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ حَتَّى يَأْتُوا المُصَلَّى وَحَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ سَكَتُوا، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرُوا»(3)، فإنَّ المراد منها أنهم يقتدون به في التكبير وفي صفته، لا أنهم يجتمعون على التكبير بصوتٍ واحدٍ، كصلاة المأمومين مع إمامهم، فإنهم يُكبِّرون بتكبيره في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، [وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا]، ..»(4)، ولا شكَّ أنَّ المأموم بعد تكبيرة الإمام لا يجتمع مع غيره مِن المأمومين في تكبيرات الإحرام ولا الانتقال. لذلك ينبغي الاقتداءُ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والاستنانُ بسُنَّته وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين، وصحابته المرضيِّين السالكين هديَه، والمتَّبعين طريقتَه في الأذكار والأدعية وغيرهما، والشرُّ كُلُّ الشرِّ في مخالفته والابتداع في أمره، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(5)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(6)، وقال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 26 ربيع الأوَّل 1429ه
الموافق ل: 03 أفريل 2008م
(1) أخرجه البخاري في «العيدين» باب التكبير أيَّامَ منى وإذا غدا إلى عرفة (970)، ومسلم في «الحجِّ» (1285)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه.
(2) أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم في «العيدين» باب فضل العمل في أيَّام التشريق (1/ 329). وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (651).
(3) أخرجه ابن أبي شيبة (5629). وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (3/ 121).
(4) أخرجه البخاري في «الصلاة» باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة (734)، ومسلم في «الصلاة» (417)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه دون الفقرة الأخيرة فقد وردت عند أبي داود (604)، والنسائي (921)، وابن ماجه (846)، وصحَّحها الألباني في «صحيح الجامع» (2358). وقد وردت في حديثٍ آخر عن أبي موسى رضي الله عنه رواه مسلم في «الصلاة» (404).
(5) أخرجه البخاري في «الصلح» باب إذا اصطلحوا على صلحِ جَوْرٍ فالصلح مردودٌ (2697)، ومسلم في «الأقضية» (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(6) أخرجه أبو داود في «السنَّة» بابٌ في لزوم السنَّة (4607)، وابن ماجه في «المقدِّمة» باب اتِّباع سنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين (42)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. وصحَّحه ابن حجرٍ في «موافقة الخُبر الخَبَر» (1/ 136)، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (2735)
|