طلبُ المعالي والإشتغالُ بالسّفاسفِ
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ النّاظرَ اليوم إلى السّوادِ الأعظمِ من هذه الأمّةِ ، بعين النّاقدِ البصيرِ ، يرى ـ و لا بدّ أن يرى ـ أنّ جُلَّ ما صارت تشتغلُ به ، سفاسفَ الأمورِ و مُحقِّراتِها ، و قعدت بها هِمّتُها عن طلب المعالي و السّعيِ و راء السُّؤدد
بعد أن كانت مضرِبَ المثلِ و معقدَ الأمل في سُموِّ الغايات و نبلِ المقاصد . قال أحد العقلاء قديما لصبيّ صغير من هذه الأمة : أيسرُّك أن يكون لك مائةُ ألف و أنّك أحمق ؟ قال الصبيّ : لا ، يا عمّ ، فقال الرجلُ : و لمَ ؟! فقال : أخاف أن يجنيَ عليّ حمقي جنايةً تُذهِب مالي و يبقى حُمقي .
و انظرِ الآنَ إلى من يُعدُّ من جملة العقلاء بل من الأعلام و الكُبراء ، و لا يهمُّه من أين حصّل المال ، و لو كان في مهنةٍ يُزري بها على نفسه و أهله و عشيرته ، ألست تراهم في الشاشات يقومون بما يوجب أن يتبخّر منه ماء الوجه خجلاً ، و يموتَ العاقلُ من فعله وجلاً . تراه عارٍ إلا من لُبسة المُتفضِّل ، و تراه ... ، و تراه ...... ، ممّا أُجلُّ مقالي هذا أن أذكره فيه ، فإنّ له كريحة الجيفة و لو نقلاً . و ترى الرجل الذي يشغَل فضاء شاسعا ، يُمثِّل ما جاء في كتاب ( خوارم المروءة ) باباً باباً ، و هو يشاهد مباراةً لكرة القدم ، و إذا أفاق لا يقرع على فعلته سنّ النّدم .
هذا ، و حدث و لا حرج ، و ربّ شدّة يعقبها فرج .
و خير الختام كلام سيد الأنام
قال صلّى الله عليه و سلّم
((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ وَأَشرَافَهَا ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا ))
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 131 ) ، وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1627 ) .
أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلمي تبلبالة يوم الأحد الثالث من صفر 1437 هـ
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 05 Apr 2016 الساعة 06:21 PM
|