الطريق إلى الله واحد ولا يتعدد بأنفاس الخلائق.
إن أصل دين الله هو إتباع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وذلك في اتباع طريقه واقتفاء أثره ، وهو الطريق الصحيح في السير إلى الله ، ﻷنه طريق مكلل بالوحي إلى المعصوم ، والذي نسخ طرق أهل الجاهلية ، وما سيحدث من
طرق في تزكية النفوس، فهو موكول إلى اﻷنبياء عليهم السلام وليس لغيرهم ،
قال ابن القيم في "المدارج " : (2/356)
" إن تزكية النفوس مسلم إلى الرسل ، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إياها وجعلها على أيديهم ، دعوة وتعليما وإرشادا ، فهم المبعوثون ﻹرشاد الأمم ؛ وتزكية النفوس أصعب
علاج اﻷبدان وأشده .
فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم يجئ الرسل بها ، فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه ، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب ؟؟!
فالرسل أطباء القلوب ، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من
طريقهم وعلى أيديهم وبمحض اﻹنقياد والتسليم لهم ،
والله المستعان ." انتهى
وعلى هذا يتأكد باطل من أصل لعلم التزكية طريقة يضاهي بها طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتخذ منهج التصوف ومشيخة اﻷوراد المخترعة ، والخلوة والرؤا والمكاشفة والمبايعة سبيلا إلى ذلك ..
جاء في "الحلية" لأبي نعيم : (10/255)
قال الحسن بن يحي الفقيه ، سمعت الجنيد يقول : الطرق كلها مسدودة على الخلق ، إلا من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتبع سنته ولزم طريقته ، فإن طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه ".
وهذا الكلام واضح ، يقطع دابر كل من تنكب طريق النبي صلى الله عليه وسلم ، في تزكية النفوس ، كما لا يبعد عثره وظهور ما ينفر عنه ،
قال ابن الملقن في " طبقات اﻷولياء " ص : (127)
قال الجنيد : من طلب عزا بباطل أورثه الله ذل الخلق ."
وكذا من رام المكاشفة واﻹلهام والخلوة وبدع الذكر ..
قال الشاطبي في " الموافقات " : ص : (203)
لا يصح أن تراعى - اﻹلهام والمكاشفة والرؤا - وتعتبر إلا بشرط ألا تخرم حكما شرعيا ،ولا قاعدة دينية ، فإن من يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ، ليس بحق في نفسه ، بل هو إما خيال أو وهم ، وإما من إلقاء الشيطان ، وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه ، وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع ، وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ، عام لا خاص ، وأصله لا ينخرم ولا ينكسر له اطراد ، ولا يحاش من الدخول تحت حكمه مكلف ، وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل
الذي نحن بصدده مضادا لما تمهد في الشريعة : فهو فاسد باطل . "
وساق الخطيب في "تاريخ بغداد " (9/ 192) بإسناده إلى أحمد ابن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا سليمان الداراني يقول : " ليس لمن ألهم شيئا من الخير أن يعمل به ، حتى يسمعه من اﻷثر ، فإذا سمعه من اﻷثر عمل به وحمد الله ، حيث وافق مافي قلبه . " اه
وأما طريق اتخاذ الخلوة فهو باطل من جهة الشرع ، بعد بعثته صلى الله عليه وسلم .
يقول ابن تيمية في "المجموع"(9-10/ 226 - 227 )ط . ابن حزم جزء رقم : 5
" وأما الخلوات فبعضهم يحتج فيها بتحنثه بغار حراء قبل الوحي وهذا خطأ ... وهو من حين نبأه الله لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراء ولا خلفاؤه الراشدون ...
وقد جرب أن من سلك هذه العبادات البدعية أتته الشياطين وحصل له تنزل شيطاني وخطاب شيطاني ، وبعضهم يطير به شيطانه ."
وأما اختراع الذكر فقال عنه (نفس المصدر) :
" والذكر باﻹسم المفرد ، ومضمرا بدعة في الشرع ، وخطأ في القول واللغة ، فإن اﻹسم المجرد ليس كلاما إيمانا ولا كفرا
وقد ثبت في الصحيح : "أفضل الذكر اا إله إلا الله " ...
ومقصودهم بذلك أن تجتمع النفس حتى ينزل عليها الشيطان
ومنهم من يقول : إذا كان قصد وقاصد ومقصود فاجعل الجميع واحدا ، فيدخله في أول اﻷمر في وحدة الوجود ." اه
فالطريق واحد ، وضل عن الحق من عد الطريق إلى الله بأنفاس الخلائق ، ليستدل على باطله بكثرتها ومشروعيتها ،
يقول ابن تيمية : "المجموع" 10/ 260 جزء 5ط بن الجوزي
وقد سئل عن الطريق إلى الله هل هو بعدد أنفاس الخلائق ؟
فقال : " إن أراد بذلك اﻷعمال المشروعة الموافقة للكتاب والسنة ، كالصلاة والصدقة والجهاد والذكر والقراءة فهذا صحيح ، وإن أراد إلى الله طريقا مخالفا للكتاب والسنة فهو باطل ."
وذكر في " اﻻستقامة " ص : (58) وكذا
الشاطبي في " اﻻعتصام " (1/123)
نقلا عن أبي علي الجوجزاني أنه سئل كيف الطريق إلى الله ؟
فقال : الطرق إلى الله كثرة ، وأوضح الطرق وأبعدها عن الشبه ، إتباع السنة قولا وفعلا وعزما وعقدا ونية ، ﻷن الله يقول : " وإن تطيعوه تهتدوا"
فقيل : كيف الطريق إلى السنة ؟
فقال : مجانبة البدع واتباع ما أجمع عليه الصدر اﻷول من علماء اﻹسلام ، والتباعد عن مجالس الكلام وأهله ولزوم طريق اﻻقتداء ، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم ". اه
هذا " وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شآء لهداكم أجمعين " وصلى الله وسلم وبارك على محمد.وآله وصحبه .
وكتب : إسماعيل القارئ
أبو سرآء
منتقى من مذكرتي (ذكرايات طيبة)
التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 17 Oct 2016 الساعة 07:13 PM
بارك الله في الشيخ إسماعيل على ما كتب،ومرحبا بك بين إخوانك،ومن جميل ما تسر به أخي الكريم،أن كانت أول الكتابة في موضوع مهم له علاقة بواقعنا الأليم من حيث نشر الطرقية مذهبهم الباطل،مع تعليق الأخوين الشيخ خالد والشيخ محمد مرابط،زادهما الله توفيقا وعلما وتواضعا مع إخوانهم ومشاركة لهم في الخير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله على توفيقه وكرمه وامتنانه وأنا بين إخواني الفضلاء وبعد تكرم أخي الشيخ أزهر و العزيز علي
بهذا الالتحاق في ركب العلم والتعلم على هدي السلف الصالح أسأل الله الثبات على الحق والدعوة إليه وأن
نلقاه تبارك وتعالى على حسن الختام - وجز الله القائمين على هذا السرح السلفي المتين خير الجزاء.
وصلى الله على محمد وآل وصحبه .
دفاعا عن دعوة الحق
دعوة التوحيد "السلفية المباركة"
قال الله تعالى : " له دعوة الحق " اﻵية .
قال علي رضي الله عنه : " هي دعوة التوحيد "
وبه قال : ابن عباس وقتادة وابن زيد .
الطبري (485 /486 / 13)
وهذا تفسير سلفي من سادات الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، تدرك منه سر قوة الدعوة السلفية المباركة ومحل سندها من الدعوات إلى سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم .
لا شك أن "الدعوة المباركة"من كان سندها موصولا صحيحا إلى سيد الدعاة ، وعن طريق فهوم من زكاهم الله ورسوله ، إعتبارا بالمعاصرة ومشاهدة التنزيل وتطبيقاته الحسنة ، مع بذل الصدق واﻹخلاص .
هذا وقد شدد ابن مسعود رضي الله عنه حينما قال : "أما إنكم ستحدثون ويحدث لكم... فعليكم باﻷمر الأول "،
والمنصف المتدبر ﻷصول الدعوة السلفية يجدها الدعوة المباركة التي تحضى بصفآء المنهج والوضوح والرسوخ وسلامة المعتقد وصحة السند الموصول ، الذي لا تنافسها فيه أي دعوة خلفية طرقية كانت أو كلامية أو حركية قطبية إخوانية تجيد التكفير و السرية . وما عداها فهو إما ضعيف مبتور أو مقطوع السند ، فضلا عن الهدامة منها والتي لا صلة لها باﻹسلام وأصوله، كالقاديانية واﻹثنى عشرية "الرافضة" والبهائية ... ، فأهل البدع على اختلاف مشاربهم مهما صنفوا وقرروا وشوهوا وقدحوا وكذبوا أوتحزبوا وفرخوا وتفرخوا ..
فلا بد وأن ينظر في سند علمهم ومشيختهم ، حجة وفهما ، أثرا وسلوكا ، وهل له نصيب من صحة الوصول إلى الرعيل اﻷول المسددين ، في فهومهم وإجماعاتهم فهم " سبيل المؤمنين" اﻵية "وصالحوا المؤمنين" اﻵية ؛ فإن شهد له التنزيل وصحيح السنة وفهم سلف اﻷمة خير القرون ، فهو الحق الذي عليه الجماعة ويجب قبوله ، بغض النظر إلى قائله ، وإلا فهو رد وفاسد اﻻعتبار مهما كان قائله وأنصاره ، ﻷن هذا العلم دين ثابت صحيح ومحفوظ . "و أن تقولوا على الله مالا تعلمون ". الآية .
قال الخطيب في تاريخه (9/145) وابن مندة في" التوحيد" : ( قدم علينا شريك بن عبد الله منذ خمسين سنة فقلنا ياأبا عبد الله : إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث -أحايث الصفات - (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا ) (وإن أهل الجنة يرون ربهم ) ....
فحدثني شريك بنحو من عشرة أحاديث في هذا ثم قال : وأما نحن فأخذنا ديننا عن التابعين وعن الصحابة فهم عمن أخذوا ؟؟ ).
إنتبه أخي الكريم والمنصف إلى قوله : " فهم عمن أخذوا ...؟؟؟!!!"
تدرك جيدا أصول هذه "الدعوة السلفية المباركة" ، وماكان عليه القوم من الهدى ودين الحق .
ولله در اﻹمام مالك حيث قال: وخير اﻷمور السالفات على الهدى# وشر الأمور المحدثات البدائع .
وقال ابن القيم رحمه الله :
العلم قال الله قال الرسول قال الصحابة ليس بالتمويه #
ماالعلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه .
جزاك الله خيرا شيخنا إسماعيل
مرحبا بك في هذا المنتدى المبارك بين إخوانك المشايخ وطلبة العلم
كانت بداية موفقة مسددة ومشكور على نزولك عند رغبة والدنا لزهر-حفظه الله ومتع به-
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبدالله عمر ; 26 Nov 2016 الساعة 11:14 AM
جزى الله خيرا الشّيخ إسماعيل على ما جادت به قريحتُه وخطَّه بنانُه
وهي كلمت حقٍّ صدح بها المصلحون قديما وعلى رأسهم العلّامة الإبراهيمي -رحمه الله- حين صرّح بملء فيه: "لا صوفيَّةَ في الإسلام"
ونحن على طريقهم سائرون بإذن الله