دور السلفي في المساهمة في الحفاظ على الأمن والأمان / للشيخ أبي عبد الله أزهر سنيقرة حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
دور السلفي في المساهمة في الحفاظ على الأمن والأمان
في مجتمعه و وطنه خاصة ما تعلق بالتبليغ .
للشيخ أبي عبد الله أزهر سنيقرة حفظه الله
سؤال : أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل ، كيف يمكن أن يكون للسلفي دور فعال في المساهمة في الحفاظ على الأمن والأمان في مجتمعه و وطنه خاصة ما تعلق بالتبليغ عن مختلف الحوادث و الانحرافات والمخاطر المهددة لأمن وسلامة المواطن أو الوطن و ذلك في ظل توفر وسائل التبليغ لمختلف الجهات الأمنية ، بارك الله فيكم .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه ، - أنا في الحقيقة كنت أحبذ تأخير هذا السؤال للقاء القادم لطول الإجابة فيه و لكن ما دام أن الشيخ خالد طرحه نقتضب الإجابة ونختصرها ، و نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه و أن يؤمننا في أوطاننا وسائر بلاد المسلمين .
موضوع الأمن في الحقيقة هو موضوع الأمم كلها وخاصة في هذه الأزمنة المتأخرة لما قل الأمن في الناس ولما وقعت هذه الأحداث والحوادث المؤلمة التي تأتي على الأخضر و اليابس ، هذه الأحداث التي ربما بهذه الصورة و بهذه الطريقة لم تعرف من قبل أبدا ، يعني لم تعرف من قبل لا في ديننا ولا في الأديان السابقة أن يصبح الإجرام و التقتيل بهذه الصورة وان تستهان الدماء خاصة الدماء المعصومة بمثل هذه الصورة نسأل الله جل و علا العفو والعافية ، و لهذا كانت النصوص الشرعية مبينة و مؤكدة على أن الأمن هو من أعظم نعم الله تبارك وتعالى على عباده ، الله تبارك و تعالى قال : (فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ * الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خوْفٍ ) ، فالأمن هذا نوع من أنواع الأمن وإلا فالأنواع كثيرة و أولها وأخطرها الأمن العقدي والذي يسمونه الأمن الفكري و نحن نسميه الأمن العقدي ، يعني كيف نؤمن العقيدة الصحيحة في قلوب أبنائنا ممن قد يفسدها أو مما قد يلوثها من هذه العقائد الباطلة و المذاهب المنحرفة التي تتسمى بإسم الدين و تنتسب زورا وبهتانا لهذا الدين العظيم ، قبل أن نؤمن أوطاننا من هذه الفتن ومن هذه المخاطر و هي من الأمور التي يجب الاهتمام بها ويجب تحقيقها وهذه مسؤولية الجميع ليست خاصة برجال الأمن دون غيرهم ، مسؤوليتنا جميعا لأن الأمن إذا فقد فينا نتضرر جميعا و نعيش ما يعيشه إخواننا ، أنظروا الى إخواننا في بلاد اليمن و في بلاد العراق و في بلاد الشام و في غيرها و قريبا في ليبيا و ما يحدث فيها ، كان ربما عندهم سلطان جائر و ثاروا على السلطان الجائر و ماذا حققوا بعد ذلك ، جاءوا بالإمام المقسط العادل ، جاءوا بالويلات والتقتيل و الإجرام والفساد و الإفساد نسأل الله تبارك تعالى العفو و العافية .
و لهذا يعرف الناس الآن قدر العلماء الربانيين الذين ينظرون في مآلات الأمور ، ولهذا كانوا يقولون العالم الفتنة يعرفها قبل أن تأتي أما الجاهل لا يعرف الفتنة إلا بعد أن يقع فيها ، يقول لك والله نحن في فتنة ، أما العالم قبل أن تقع يحذرك منها ، والنصوص في هذا كثيرة متوافرة ولله الحمد و المنة .
ولهذا يا إخوان الواجب علينا وخاصة في بلدنا هذا أن نكون حازمين وأن نكون يقظين و أن نكون منتبهين ، أن نكون منتبهين لكل دعوة من الدعوات المغرضة بأي صفة كانت و تحت أي عنوان كانت ، يأتون يلبسون على أبناءنا و إخواننا باسم العدالة الاجتماعية و باسم إحقاق الحقوق و باسم رد المظالم و بإسم كذا و كذا و كذا من هاته الشعارات التي أكفر الناس بها من يرفعها ، أكفر الناس بها من يرفعها ، نحن لا نعتقد ولا نسير إلا وراء من نثق بدينه و بخلقه وبعلمه ، ولهذا الأمة مأمورة أن تكون تابعة لعلمائها ، والعلماء لا يقودون الناس للمهالك أبدا ، العلماء يقودون الناس للخير و الصلاح والإصلاح ، يبينون لهم ، يأمرونهم ، يأمرونهم بالشكر عند النعم ، يأمرونهم بالصبر عند النقم ، الإمام و العالم الرباني إذا إختلت الأمور ووقع الظلم في بعض الأمور لا يأتي مباشرة ويقول لك ثُر على الظالم ، يقول لك اصبر ، اصبر أولا ثم بعد ذلك الله عز وجل ييسر الأمور ويفرج و هكذا .
فالواجب علينا إذن أن نكون بهذا الاعتقاد و بهذا التوجه العام ، و لا ننخدع بأي نوع من أنواع هذه الخدع و الأكاذيب وما أكثرها ، و أن نكون متبعين لكبرائنا ، مجتمعين على كلمة سواء، متحدين عليها ، سائلين الله تبارك وتعالى أن يؤمننا في أوطاننا و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن .
و ينبغي علينا كذلك أن نسعى لنشر الخير و نشر هذه الدعوة التي فيها الخير ، و أنا أوجه هذا الكلام الى المسؤولين عندنا ، نحن لو نظرنا نظرة سريعة ، يقال أن في الجزائر ما يقارب عشرون ألف مسجد ، وهذا في الحقيقة عدد قليل جدا ، و مع الأسف الجزائر تعتبر من أقل البلدان في عدد المساجد ، و إن كانت العبرة ليست في الكثرة إنما العبرة بالنوعية ، عندنا في هذا الباب إحصاء من الإحصائيات أن أكبر مكان يتواجد فيه أكبر عدد من المساجد هو مدينة او بلدية في الجزائر و هي بلدية حامة بوزيان بقسنطينة ، يقال أنها مكان فيه أكبر عدد من المساجد ، بلدية ربما بها خمسة وعشرون مسجدا ، المهم هذه المساجد لو أن الله تبارك وتعالى وفق ولاة الأمر عندنا و جعلوا في هذه المساجد الأئمة الذين لهم رسالة ، لهم زاد علمي ولهم زاد ديني و لهم عقيدة صحيحة ، ودعوة صحيحة يبثونها في الناس و يوجهون الناس على هذا الأساس ، كيف يكون حال هذا البلد ؟
الله تبارك وتعالى دفع الشر عن بلدنا بجهود المخلصين الخيرين من أهل هذا البلد و بجهود ودعوة الدعاة المصلحين الذين ركزوا في دعوتهم على مجانبة الفتن و عدم السير وراء هؤلاء أذناب الكفرة الذين هم أبواق لأعدائنا الذين لا يريدون الخير لنا ، فالواجب علينا أن ننتبه لكل هذا و نسعى للحفاظ على نعم الله تبارك وتعالى علينا ، ومن هذه النعم نعمة الأمن ، نعمة الأمن في الأوطان ، النبي صلى الله عليه وعلى آله و سلم يقول في الحديث الصحيح : ( منْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا ) ، يعني كل الدنيا جمعت له ، لأن الله جمع له هذه الأمور ، نعمة الأمن آمنا في سربه ، معافى نعمة المعافاة في الأبدان و هي نعمة الصحة التي قال عنها عليه الصلاة و السلام كما في حديث ابن عباس : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ )
و بالتالي ينبغي علينا أن نجتهد في مناصحة إخواننا و أبناءنا و الحرص على عدم انزلاقهم وراء هذه الدعوات المبطلة ، مازال عندنا الآن من يلتحق بداعش ، هذه أمور لابد أن تعالج ، من أين يأتي هؤلاء الشباب ؟ من يخالطون ؟ و من يسمعون ؟ نحن نعلم أن وسائل الاتصال و هذا الانترنت و ما إلى ذلك له دور في هذا ، و لكن في مقابل هذا لابد أن يكون للدعاة المصلحين الخيرين دور كبير في هذا التحذير من هذا الشر و من هذه الفتن ، نأخذ بأيدي أبناءنا وإخواننا ، ننصحهم ونبين لهم أن هذا مسلك خطير و أن هذا مزلق من المزالق الموبوءة و أصحابه ليسوا على خير و لا على هداية ، الخير كل الخير في إتباع النبي عليه الصلاة والسلام و من كان معه من أصحابه الكرام ، والسير وراء العلماء الربانيين الذين يدعون إلى الخير ويدلون عليه .
نبين هذا لإخواننا و نحذر من نراه قد تلوث بمثل هذا الفكر ، ناسٌ فينا عندهم الفكر الخارجي ، هؤلاء نحذر منهم إخواننا ، نبين إذا كان فيهم مغرر بهم ، نبين لهم وننصحهم و نقيم عليهم الحجة ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يدفع عنا الشر و البلاء ، و إذا علمنا وأيقنا أن بعض الناس بصدد إفساد وإجرام واجب علينا أن نبلغ عليهم و أن نأخذ بأيديهم ، هذا واجب علينا ، لأننا إذا سكتنا شاركنا ، والساكت على مثل هذا الشر ومثل هذا الباطل متواطئ عليه ، متواطئ عليه، نسأل الله جل وعلا أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها و ما بطن و أن يوفقنا و إخواننا وولاة أمورنا لما يحبه ويرضاه وأن يدفع الشر عنا و عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين .