للفائدة وتذييلا لهذا البحث المفيد، أنقل هنا كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله من سلسلته الصحيحة (1/474/رقم237):
237 - " كان إذا صلى الفجر أمهل ، حتى إذا كانت الشمس من ههنا - يعني من قبل المشرق -
مقدارها من صلاة العصر من ههنا - من قبل المغرب - قام فصلى ركعتين ثم يمهل ،
حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق ، مقدارها من صلاة الظهر من
ههنا - يعني من قبل المغرب - قام فصلى أربعا ، و أربعا قبل الظهر إذا زالت
الشمس ، و ركعتين بعدها ، و أربعا قبل العصر ، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على
الملائكة المقربين ، و النبيين ، و من تبعهم من المسلمين ، [ يجعل التسليم في
آخره ]" .
قال :
أخرجه أحمد ( رقم 650 / 1375 ) و ابنه ( 1202 ) و الترمذي ( 2 / 294 ، 493 -
494 ) و النسائي ( 1 / 139 - 140 ) و ابن ماجه ( 1 / 354 ) و الطيالسي
( 1 / 113 - 114 ) و عنه البيهقي ( 2 / 273 ) و الترمذي أيضا في " الشمائل "
( 2 / 103 - 104 ) من طريق شعبة وغيره عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال :
" سألنا عليا عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار ، فقال : إنكم لا
تطيقونه ، قال : قلنا : أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا ، قال : " فذكره .
و قال الترمذي :
" حديث حسن ، و قال إسحاق بن إبراهيم : أحسن شيء روي في تطوع النبي صلى الله
عليه وسلم ، في النهار هذا . و روي عن عبد الله بن المبارك أنه كان يضعف هذا
الحديث .
و إنما ضعفه عندنا - و الله أعلم - لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي صلى الله
عليه وسلم إلا من هذا الوجه عن عاصم بن ضمرة عن علي ، و هو ثقة عند بعض أهل
العلم " .
قلت : و هو صدوق كما قال الحافظ في " التقريب " . و قد وثقه ابن المديني و غيره
و قال النسائي : " ليس به بأس " ، فهو حسن الحديث .
و الزيادة التي في آخره للنسائي .
و روى منه أبو داود ( 1 / 200 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 1 / 187 ) من
طريق شعبة عن أبي إسحاق به الصلاة قبل العصر فقط لكنه قال : " ركعتين " و هو
بهذا اللفظ شاذ عندي لأنه في المسند و غيره من هذا الوجه باللفظ المتقدم
" أربعا " . و كذلك في الطرق الأخرى عن أبي إسحاق كما تقدم .
و مثل هذا في الشذوذ أن بعض الرواة عن أبي إسحاق قال : " قبل الجمعة " بدل
" قبل الظهر " كما أخرجه الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد كما قال العراقي
و البوصيري في زوائده ( 72 / 1 ) ، و لم يتنبها لشذوذه ، كما نبهت عليه في
" سلسلة الأحاديث الضعيفة " . و الله أعلم .
فقه الحديث
-----------
دل قوله " يجعل التسليم في آخره " . على أن السنة في السنن الرباعية النهارية
أن تصلى بتسليمة واحدة ، و لا يسلم فيها بين الركعتين ، و قد فهم بعضهم من قوله
" يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين - و من تبعهم من المؤمنين
" أنه يعني تسليم التحلل من الصلاة . و رده الشيخ على القاري في " شرح الشمائل
" بقوله :
" و لا يخفى أن سلام التحليل إنما يكون مخصوصا بمن حضر المصلى من الملائكة
و المؤمنين . و لفظ الحديث أعم منه حيث ذكر الملائكة و المقربين و النبيين و من
تبعهم من المؤمنين و المسلمين إلى يوم الدين " .
و لهذا جزم المناوي في شرحه على " الشمائل " أن المراد به التشهد قال :
" لاشتماله على التسليم على الكل في قولنا : " السلام علينا و على عباد الله
الصالحين " .
قلت : و يؤيده حديث ابن مسعود المتفق عليه قال :
" كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على الله قبل عباده ،
السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل ، السلام على فلان ، فلما انصرف النبي
صلى الله عليه وسلم أقبل علينا بوجهه فقال : إن الله هو السلام ، فإذا جلس
أحدكم في الصلاة فليقل : التحيات لله ... السلام علينا و على عباد الله
الصالحين ، فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء و الأرض .... "
قلت : و هذه الزيادة التي في آخر الحديث ، تقطع بذلك ، فلا مجال للاختلاف بعدها
فهي صريحة في الدلالة على ما ذكرنا من أن الرباعية النهارية من السنن لا يسلم
في التشهد الأول منها . و على هذا فالحديث مخالف لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم
:
" صلاة الليل و النهار مثنى مثنى " .
و هو حديث صحيح كما بينته في "صحيح أبي داود (1172) و" الحوض المورود في زوائد منتقى ابن الجارود " رقم ( 123 ) يسر الله لنا إتمامهما ، و لعل التوفيق بينهما بأن يحمل حديث الباب على الجواز . و حديث ابن عمر على الأفضلية كما هو الشأن في الرباعية الليلية أيضا .
و الله أعلم . اهـ كلامه
|