الحمد للّٰه والصلاة والسلام على رسول اللّٰه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ؛
( فَرْنَسَةُ المَرأة ) :
إذا قرأ القارئ هذه الجملة لم يَشُكَّ - أول وهلة - في لفظها وأنها نِسبة إلى البلد الأجنبي ( فرنسا ) ، ثم يهجم على المعنى بأنه ما يقوم به دعاة التغريب من استدراج للمرأة المسلمة وسَوْقٍ لها إلى طُرق الرذيلة من عُري وتبرج واختلاط مشين بالرجال ، ودعوة إلى التحلل من كل خَلَّة كريمة تحفظ عرض المسلم وتصون شرفه من كل الأدناس .
و لكن العجيب أنها كلمة أصيلة فصيحة من عمق لغة العرب ، استوقفني بديع رَسمِها ، فهجم ظني على حَلْيِ وَسمِها ، فلم أجدني إلا مُؤتَدِما بِدَسْمِها :
جاء في القاموس المحيط :
« وفَرْنَسَةُ المرأةِ حُسْن تدبيرها لأمور بيتها » [ مادة فرس ]
ما أجمل هاته الفَرنَسَة كيف ترقرق لفظها وعَذُب ، إذ بها رعاية البيوت ، وقيام بوظيفة سامية دونها كل وظيفة جرتنا بها الحضارة الغربية إلى مهاو وخيمة ونتائج أليمة .
فليس للمرأة المسلمة اتباع نظم الغرب لتكون دمية إغراء و وسيلة إغواء تنهار بسببها قيم ومبادئ حث عليها ديننا الحنيف صَونًا للمرأة وحفاظًا على فطرتها اللينة أن يخدشها سُرَّاق الفضيلة ونَهَّاشو الأعراض .
وإن صيانة المرأة المسلمة لهو واجب ديني عظيم حث عليه ربنا سبحانه كما في قوله :
« وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » [ الأحزاب ٣٣ ]
وفي قوله تعالى :
« وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن » [ الأحزاب ٥٣ ]
في الآيتين وقاية بعد وقاية وطهارة بعد طهارة .
وقاية وصيانة للمرأة بالاستتار والاحتجاب عن كل أجنبي ولو عند التعامل المباح معه نتيجتها طهارة للقلوب .
وصيانة أخرى بالقرار في البيوت وترك ما كانت عليه نساء الجاهلية من تبرج ، ينتج عنها أيضا طهارة أخرى .
فديننا يأمر بما فيه الطهر والعفاف وينهى عن كل أسباب العهر والاستخفاف ، ولكن كما قيل ؛
تعدو الذئابُ على من لا كلاب له *** وتَتَّقي مَربِضَ المُستأسِدِ الحامي
ورحم اللّٰه صدى الإمام القحطاني حين قال :
إن الرجال الناظرين إلى النِّسا *** مثل الكلاب تطوف باللُّحمانِ
إن لم تَصُنْ تلك اللحومَ أُسودُها *** أُكِلت بلا عوضٍ ولا أثمانِ
فهيا بنا معاشر الأحبة نسعى في إعانة المرأة المسلمة إلى فَرْنَسَة صحيحة لتكون قدوة مليحة بها قوام الدنيا والدين .
اللّٰهم جملنا بسترك ورُحماك ، واهدنا سبيل طاعتك وتقواك ، واجعلنا من الفائزين برؤيتك ورضاك ، آمين آمين .
وصلِّ اللّٰهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه أبو يحيى عمر البسكري
ليلة الخميس ١٤ شعبان ١٤٣٨ هـ