منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 04 Oct 2015, 09:39 PM
أبو الحسن نسيم أبو الحسن نسيم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2015
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 390
افتراضي عنايةُ طالبِ العلمِ بالقرآنِ

عنايةُ طالبِ العلمِ بالقرآنِ


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، فهذه بعض المعاني تتعلق بكتاب الله عز وجل أسأل الله أن ينفع بها إنه جواد كريم.
1 _ مكانة القرآن عند طالب العلم عظيمة، فهو يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ولا يفتر عن ذلك، ومن العيب أن يهجر طالب العلم كتاب ربه، تلاوة وتدبرا وتعقلا، وكثير من طلبة العلم قد يعتني بجمع المسائل العلمية، والبحوث المنيفة، ويعطي وقتا كبيرا لها، ولكنه يهجر كلام الله سبحانه وتعالى، ويخشى أن يدخل في قوله تعالى {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان 30] فعلينا إخواني أن نعطي أوقاتا كثيرة لكلام ربنا.
2 _ من نعمة الله على عبده أن يحفظ القرآن الكريم، ومن أصعب الأمور إخواني -وفقكم الله- تثبيت هذا القرآن في الصدر؛ لأنه سريع التفلت من الإنسان ولقد ضرب له نبينا صلى الله عليه وسلم مثلا عظيما بالإبل في عُقُلها، وأنها إن لم تعاهد من صاحبها ما زالت تحاول التفلت،حتى تتمكن على حين غفلة من صاحبها من الفرار والشرود، وإذا فعلت ذلك يصعب بعدها العثور عليها، وهكذا القرآن إن لم يعتن به صاحبه بالمراجعة والتَّكرار انفلت منه وصعب عليه استرجاعه، ومن العلاج لهذا الأمر ما ذكره شيخنا الفاضل عبد الرزاق البدر حفظه الله من أن طالب العلم يحرص على ورد يومي يواظب عليه في سائر الأوقات من غير كلل ولا ملل، على اختلاف أشغاله وأوقاته، وقد كان سلفنا الصالح يعتنون بورد يومي لا يُفَرِّطون فيه، ويختمون القرآن في أسبوع [تحزيبهم للقرآن مجموع في قولهم فمي بشوق : الفاء للفاتحة-الميم للمائدة-الياء ليونس-الباء لبني اسرائيل-الشين للشعراء-الواو والصافات-ق لسورة قاف إلى آخر القرآن] ومن الأمور المعيبة التي ذكرها شيخنا عبد الرزاق حفظه الله أن طالب العلم يكون فوضويا في المراجعة من غير انضباط لبرنامج معين، فيومٌ لا يقرأ شيئا، وآخر يقرأ حزبا وثالث يقرأ حزبين من غير ضبط لورد يومي، فلا بد أن يكون اعتناء طالب العلم بالقرآن في كل وقت حتى تتكون ملكة لديه تمكنه من الاستدلال بالقرآن في أي موطن شاء، ومن تراجم النسائي في سننه في كتاب فضائل القرآن :
_ الأمر باستذكار القرآن.
_ نسيان القرآن.
_ القراءة عن ظهر قلب.
_ القراءة على الدابة (ويقاس عليه القراءة على السيارة وغيرها من الوسائل).
_ قراءة الماشي.
واستدل على كل ترجمة بأحاديث وهي بمجموعها تفيد معاني عظيمة من الاعتناء بكلام ربنا في كل الأحوال والأوقات، والله وحده هو المعين على هذا الأمر العظيم.
ولقد رأينا جميعا عناية الأستاذ الكبير الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله بمراجعة القرآن في المسجد النبوي، ويُذكر عن الشيخ عبد الله بن غديان رحمه الله قراءته الكثيرة للقرآن لاسيَّما في خروجه من الرياض إلى الطائف حيث كان يختم في تلك السَّفرة القرآن كاملا، ناهيك عن الإمامين الكبيرين ابن عثيمين وابن باز رحمهما الله، حين تلمس قوة الاستدلال بالقرآن وجمع الآيات الكثيرة في الموضوع الواحد مما ينبأ باعتناءٍ عظيم بالقرآن، وهكذا الشأن بالعلماء الربانيين لطلبة العلماء النجباء.
3 _ متى أقبل الطالب على هذه الطريقة في المراجعة وأدمن على تلاوة، اعتنى بجمع معاني القرآن بالتدبر والتعقل لها في المواضيع المختلفة، ومن الطرق المفيدة أن يجمع الطالب في كل ختمة موضوعا يجمع له الآيات لذلك، ولقد كان الشيخ العلامة الصالح محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كثير الحفاوة بهذا العلم العظيم، فقد كان يحث الطلاب والعوام في دروسه على جمع آيات التقوى وفوائدها من خلال آيات القرآن، وقد خرجت رسالة في هذا الصدد من تأليفه، ويمكن القول في كل باب من أبواب الخير من : توحيدٍ -كان الشيخ العلامة شيخ الإسلام ابن باز آية في جمع الآيات في المواضيع المختلفة من التوحيد والمتابعة وغيرها- وفقهٍ للأسماء والصفات، و فضائل العلم، وبيان عداوة الشيطان، وبراهين اليوم الآخر..إلخ.
4 _ من وصايا الإمام ابن عثيمين رحمه الله أن يحاول الطالب استنباط الفوائد من القرآن بنفسه ثم يعرض ذلك على العلماء -وهذا طبعا مع معرفةٍ واطلاع لكتب التفسير لا أن يخوض في تفسير كلام الله وهو جاهل بهذا العلم- وهي من الطرق العظيمة التي تُكوّن ملكة التفسير لدى طالب العلم، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله آية في هذا الباب، ومن وصاياه النافعة في هذا الباب أن يعنى بالاستنباط في المسائل المختلفة ولو دلت عليها السنة بوجه صريح، وتعليله رحمه الله بأن القرآن قطعي الثبوت والدلالة، فلا يمكن لأحد أن يعترض بخلاف السنة، وله أمثلة كثيرة في هذا الباب، ومن ذلك أنه استنبط من قوله تعالى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ} [البقرة 223] ذكر أن من فوائد الآية تكثير النسل، لأن الله سمى النساء حرثا، والأصل في المُزارع أن يُكثر من البذر وهكذا الزوج، مع أن السنة دلت على استحباب تكثير النسل إلا أن الشيخ يعتني باستنباط ذلك من القرآن، ونظائره كثيرة من تفسير الشيخ، والذي أنصح نفسي وإخواني أن نعتني بتفسيره؛ لأن كثرة سماع استنباطات الشيخ تكوّن هذه الملكة في التفسير.
5 _ الاعتناء بالعلوم التي تخدم فهم كلام الله تعالى، ولقد كان الإمام ابن عثيمين رحمه الله معتنيا بأنواع من العلوم يحسن التركيز عليها، ولا سيَّما في هذا الباب الشريف ومن ذلك :
أ _ القراءات المختلفة : فقدكان الشيخ رحمه الله يعطي لها العناية العظيمة، وقد كان له مصحف دوّن فيه القراءات السبع، وأخذا من كتاب (غيث النفع في القراءات السبع للصفاقسي )كان يذكر القراءة ويوجهها من جهة اللغة، وبيين أثر ذلك في الفهم، والقراءات باب عظيم من العلم يعين على الفهم واستنباط الفوائد الكثيرة المتعلقة بالأحكام والأخلاق والعقائد، ومن الكتب في هذا الباب كتاب الشيخ محمد بازمول حفظه الله في القراءات وأثرها في التفسير والأحكام.
ب _ الاعتناء بالنحو والصرف : برز هذا بوضوح في تفسير الشيخ من حيث الإعراب وذكر الكلمة من حيث الصرف والاستدلال بأبيات الألفية كثيرا.
ج _ الاعتناء بمتن اللغة : وذلك بابراز المعنى اللغوي و الاشتقاق.
د _ الاعتناء بمعاني الحروف : وقد كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كثير الحفاوة بهذا الباب الذي له أثره في فهم القرآن، وما من آية من الآيات إلا وللشيخ تنبيه على معنى من معاني الحروف، وربما استنبط فائدة من السياق بحرف من الحروف، ومن أمثلة ذلك في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} [النساء 56] وقوله بعدها {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّاِلِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ} [النساء 57] فذكر الشيخ أنه في مقام الكفر ذكر (سَوْفَ) وهذا من حلمه حتى يتوبوا لأنها تدل على مستقبل بعيد، فلم ييئسهم من التوبة، وأما في مقام الإيمان فذكر (السين) ليدل على الرجاء وأن الإيمان جزاءه معجل والجنة قريبة من المؤمنين، ومن حفاوة الشيخ بهذا الباب أنه لخص مغني اللبيب لابن هشام، وللشيخ العلامة محمد بن علي بن آدم الإثيوبي حفظه الله شرح ماتع على نظم شيخه عبد الباسط البُورَني الموسوم بمدني الحبيب لمن يوالي مغني اللبيب، وهو نظم مبارك لمغني اللبيب.
هـ _ الاعتناء بالوقف والابتداء : وهذا باب شريف من العلم يطلعك على أسرار عظيمة في القرآن، ومما ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن شيخه علامة القصيم ابن السِّعدي رحمه الله أنه كان كثير العناية بالوقف والابتداء، ومن نظر الشيخ الثاقب في هذا المجال أنه خالف ما يذكره علماء القراءة من الوقف في قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون] والشيخ يقف في قوله (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ) ثم يستأنف مبينا أن السياق يدل على وعيد وهو الوعيد لمن يصلي فكأن المستمع ينتظر وصف هؤلاء المصلين الذين توعدهم الله بهذا الويل، ثم يذكر الوصف الذي رُتب على الحكم، وهذا مما يَفُوت لو وصل القارئ، وهو باب شريف إخواني في الله يفتح أنواعا من الفهم لكلام ربنا.
6 _ الإعتناء بتناسب الآيات والسور وتناسب الكلمات : وهو علم مطلوب قال الشيخ محمد بن علي بن آدم الإثيوبي حفظه الله : "لأن تحته خفايا من الأسرار والأنوار التي يعود نفعها على القلوب السليمة".
كتبه : أبو الحسن نسيم
21 ذو الحجة 1436
04 أكتوبر 2015


التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسن نسيم ; 25 Jan 2016 الساعة 04:50 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04 Oct 2015, 10:38 PM
شعبان معتوق شعبان معتوق غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
الدولة: تيزي وزو / معاتقة.
المشاركات: 331
افتراضي

ما شاء الله، حقيقةً أعجبني الموضوع، كيف لا و هو متعلق بعنايةِ طالبِ العلمِ بالقرآنِ الكريم.
بداية مُوفَّقة إن شاء الله أخي نسيم جزاك الله خيرًا و بارك فيك.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05 Oct 2015, 12:22 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حيَّاك الله بين إخوانك أخي الكريم أبا الحسن؛ مرحبًا بك مفيدًا مستفيدًا.
مقال مفيدٌ نافع إذ ينبغي لكل طالب علم أن يصرف همته لكتاب الله تعالى؛ وقد زانه ما تخلَّله من كلام الأعلام وما كانوا عليه، فأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء، وأن يحفظ مشايخنا وعلماءنا ويرحم من مات منهم؛ وأسأله تعالى أن يزيدك من فضله وأن يوفقك لكلِّ خير.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05 Oct 2015, 05:12 PM
عبد القادر شكيمة عبد القادر شكيمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
الدولة: الجزائر ولاية الوادي دائرة المقرن
المشاركات: 315
افتراضي

مقال مختصر سديد، نافع مفيد، ننتظر منك المزيد، فجزاك الله خيرا

التعديل الأخير تم بواسطة عبد القادر شكيمة ; 05 Oct 2015 الساعة 05:14 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05 Oct 2015, 10:56 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي



مرحبا بكم بين إخوانكم، أسأل الله لكم التوفيق و السداد.
مقال سديد، فيه الذكرى لكل ذي لب رشيد، و جماله في اهتمامه بكلام رب العبيد، و ننتظر منك المزيد.
محبكم في الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تزكية, رقائق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013