إنَّها ـ والله ـ لمصيبةٌ عظيمةٌ، وبليَّةٌ كبيرة، وفاجعةٌ أقضَّتْ مَضاجعنا، وآلمت قلوبَنا، وأدمعت عيوننا، ما ألمَّ بإخواننا بمدينة «سرت» اللِّيبية، التي استحوذَ عليها شرارُ الخلق، أولئك الخوارج الذين منذ أن ظهرت نبتتهم الخبيثة، والمصائبُ والآلامُ تتوالى على أمتنا، ولقد حذَّر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّته أيَّما تحذير من شرِّهم وقبيح صنيعهم، وأنَّهم لا يتوانون ولا يتورَّعون في سفك الدِّماء المعصومة والإفساد في الأرض، حتَّى ظهرت هذه الطَّائفة الباغية منهم، فسارت على خطواتهم وتمادت وبالغت في البغي والظُّلم، وإلَّا فما ذنب هذه الثُّلة من شباب الأمَّة الموحِّدين الَّذين لا يُعرفون إلا باتِّباع السُّنَّة ولا يتميَّزون إلَّا بأخلاق نبيِّ الأمَّة، عزفوا عن الدُّنيا ولذَّاتها، وأطاعوا ربَّهم في ترك منكراتها ومحرَّماتها، فقرَّت بهم أعين والديهم، حتَّى جاء هذا اليوم الَّذي طالت فيه الأيادي المجرمة الآثمة فسفكت دماءهم، ولم تكتف بهذه الجريمة فصلبت أجسادهم الَّتي نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل أرواحهم في «حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ»(3)، ونحسبهم ممَّن يصدق فيهم قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم في هؤلاء المارقين: «شَرُّ قتلى تحت ظلِّ السَّماء، وَخَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مَنْ قَتَلُوهُ»(4).
وـ والله ـ إنَّ حزننا لهذا المصاب لعظيمٌ، ولكنَّنا لا نقول إلَّا ما يرضي ربَّنا، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، بل وإنَّنا نجد في قلوبنا ما يجده أهل هؤلاء الأبناء الَّذين نحتسبهم عند الله تبارك وتعالى، وبهذه المناسبة الأليمة نتقدَّم بالعزاء الصَّادق إلى أهلنا في مدينة «سرت» المكلومين المظلومين، ونقول ما قاله الخليفة الرَّاشد في حقِّ أسلاف هؤلاء البغاة: «قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا»(5)، بل تمادَوا وأسرفوا في بغيهم علينا، فنسأل الله تعالى أن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يكفيَ المسلمين شرَّهم، وأن يجنِّبهم فتنتهم.
كما نوصي إخواننا بالتَّآلف والاجتماع، والتَّواصي بالحقِّ والتَّواصي بالصَّبر، وأن يجتهدوافي بيان الحقِّ للنَّاس والدَّعوة إلى سبيله، لأنَّه السَّبيل الوحيد للتَّضييق على أهل الباطل والأهواء وكشف عَوَرِهم مصداقًا لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(6).
كتبه: ليلة الثلثاء 03 ذوالقعدة 1436
المشرف العام على منتديات التصفية والتربية السلفية
أزهر سنيقرة
الحاشية:
(1)- [البقرة:156].
(2)- «الصَّحيحة» (143).
(3)- «صحيح مسلم» (1887).
(4)- أخرجه أحمد في «المسند» (22151)، وغيره من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وهو صحيحٌ، له طرق عدَّة.
(5)- [أخرجه ابن أبي شيبة (37942)].
(6)- [آل عمران: 103]
التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 17 Aug 2015 الساعة 10:17 PM
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقكم يا أهل السنة لمحزونون
جزاكم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء، فقد سقطتم في ميدان الرجال مُقبلين غير مُدبرين، ودافعتم عن دينكم وأعراضكم بزهرة شبابكم
وحملتم أرواحكم على أكُفّكم غير آبهين لعيش طيب يرجوه أمثالكم من شباب الأمة
ووالله الذي أخزى كلاب النار وأذلّهم إنكم يا أهل السنة لأشد رهبة في قلوبهم من الله
ضاقت بهم السبل فلجؤوا إلى منارات الحق لعل أقدامهم تدرك النجاة
ولكن هيهات هيهات فلن تهنأ لكم معيشة يا عبيد البغدادي وأهل السنة على وجه البسيطة
وبارك الله في شيخنا ووالدنا أزهر القلب والأيادي على وقفته مع إخوانه أهل السنة في ليبيا الجريحة، وهي وقفة ستُنقش في صخرة التاريخ التي لا تزول.
التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 17 Aug 2015 الساعة 06:57 PM
لانقول إلا ما قال شيخنا ووالدنا المفضال: وـ والله ـ إنَّ حزننا لهذا المصاب لعظيمٌ، ولكنَّنا لا نقول إلَّا ما يرضي ربَّنا، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، بل وإنَّنا نجد في قلوبنا ما يجده أهل هؤلاء الأبناء الَّذين نحتسبهم عند الله تبارك وتعالى
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل أرواحهم في «حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ»، كما في الحديث الَّذي أخرجه الإمام مسلمٌ في «صحيحه» (1887)، ونحسبهم ممَّن يصدق فيهم قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم في هؤلاء المارقين: «شَرُّ قتلى تحت ظلِّ السَّماء، وَخَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مَنْ قَتَلُوهُ» [أخرجه أحمد في «المسند» (22151)، وغيره من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وهو صحيحٌ، له طرق عدَّة].
إنا لله وإنا إليه راجعون
جزى الله شيخنا خير الجزاء على هذه الكلمة الطيبة والتي توضح الأصل في المسلمين- بحق - وهو أنهم رحماء بينهم وأنهم كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وأما هؤلاء الخوارج الضلال فإنهم وإن فعلوا ما فعلوا فإنهم مهزومون بإذن الله. كما دل على ذلك الشرع، والتاريخ شاهد.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار.
اللهم تقبل من مات من إخواننا شهادء عندك وعليك بكلاب أهل النار وأرنا فيهم عظيم قدرتك.
و الله انا على فقد اخواننا لمحزونون و نقول كما قال الامام أيوب السختياني رحمه الله : "إِنَّهُ لَيَبْلُغُنِي مَوْتُ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، فَكَأَنَّمَا أَفْقِدُ بِهِ بَعْضَ أَعْضَائِي". [حلية الأولياء (٣/٩)]. هذا بموت الرجل الواحد فكيف و نحن قد فقدنا العشرات فانا لله و انا اليه راجعون .
لكن نبشر من بقي منهم بقوله صلى الله عليه و سلم :(( ... كلَّما خرجَ منهم قرنٌ قُطِعَ كلَّما خَرجَ منهم قرنٌ قُطِعَ - حتَّى عدَّها زيادةً على عَشرةِ مرَّاتٍ -كلَّما خرجَ منهم قرنٌ قُطِعَ حتَّى يخرُجَ الدَّجَّالُ في بقيَّتِهِم )) صححه أحمد شاكر (مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 11/88 )
و قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) [محمد:7/8]
نسأل الله عز و جل ان يفك أسركم و يجعل كيد الدواعش في نحورهم انه ولي ذلك و القادر عليه
إن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و لمصابكم يا أهل ليبيا لمحزونون
حفظك الله شيخنا و في هذا المقام نتذكر قوله -صلى الله عليه و سلم-"المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص.."
اللهم اكفنا شر الخوارج المارقين و احفظ بلدنا و سائر بلاد المسلمين.