إِذَا افْتَخَـرَ العِبَـادُ بِكُلِّ أَمْرِ *** وَظَنُّوا الفَخْرَ فِي مُلْكٍ وَقَصْرِ
وَسُلْطَـانٍ وَمَالٍ سَوْفَ يَفْنَى *** فَـلاَ يَبْقَـى لِزَيْـدٍ أَوْ لِعَمْرِو
فَأَخْبِـرْهُمْ بِأَنَّ الفَخْـرَ حَقًّـا *** بِعَبْـدِ المُحْسِـنِ العَبَّـادِ بَدْرِ
هُوَ الجَبَـلُ الأَشَمُّ بِلاَ مِـرَاءٍ *** شُمُـوخًا إِنَّمَا مِـنْ دُونِ كِبْرِ
تَصَدَّى شَارِحًا كُتُبًا عِظَامًا
(1) *** فَأَحْيَـا سُنَّـةً مِنْ بَعْـدِ هَجْرِ
وَذَكَّـرَنَا بِأَسْـلاَفٍ كِـرَامٍ *** كَأَحْمَدَ فِي العِـرَاقِ وَلَيْثِ مِصْرِ
وَحَمَّـادٍ وَيَحْيَى وَالـمَدِينِي *** وَإِسْحَـاقٍ وَشُعْبَةَ وَابْـنِ نَصْرِ
تَشَبَّهَ شَيْخُنَـا بِالقَـوْمِ سَيْـرًا *** فَكَـانَ بِأَرْضِ طَيْبَةَ مِثْـلَ بَدْرِ
يُنِيـرُ سَمَاءَهَا وَيَبُـثُّ عِلْـمًا *** غَـزِيـرًا فِـي مُثَـابَرَةٍ وَصَبْرِ
وَيَقْصِدُهُ العِطَاشُ لِنَيْـلِ عِـلْمٍ *** فَـيَسْقِيهِـمْ زُلاَلاً مِثْـلَ نَهْرِ
يُوَاسِـي مَنْ أَتَاهُ يُرِيدُ مَـالاً *** مِنَ الطُّلاَّبِ قَدْ أَمْسَى بِعُسْرِ
(2)
سَخِيُّ النَّفْسِ يُنْفِـقُ كُلَّ حِينٍ *** فَلَيْسَ الشَّيْخُ يَخْشَـى مَسَّ فَقْرِ
وَدُنْيَا النَّـاسِ طَلَّقَـهَا ثَلاَثًـا *** فَبَـانَتْ مِنْـهُ وَانْقَلَبَـتْ بِقَهْرِ
وَفَارَقَـهَا
(3) وَأَبْدَلَـهَا بِبَاقٍ *** فَمَا الفَـانِي لِمِثْلِ الشَّيْخِ يُغْرِي
أَصَبْتَ الحَقَّ يَا سَلْمَانُ
(4) لَمَّا *** جَزَيْتَ الشَّيْخَ فِي الدُّنْيَا بِشُكْرِ
(5)
فَحَقٌّ شُكْرُ أَهْلِ الفَضْلِ فِينَا *** فَكَيْـفَ بِعَالِـمٍ وَجَلِيـلِ قَدْرِ
فَهَـذِي عَاجِلُ البُشْرَى لِعَبْدٍ *** وَعِنْـدَ اللهِ يَلْقَـى كُـلَّ أَجْرِ
وَدِدْنَـا أَنَّ عُمْرَ الْمَرْءِ يُهْدَى *** فَنُهْـدِي الشَّيْخَ عُمْرًا بَعْدَ عُمْرِ
أَيَا رَبَّـاهُ فَلْتَحْفَظْـهُ وَانْفَـعْ *** بِعِلْمِ الشَّيْـخِ دَوْمًـا كُلَّ قُطْرِ
أبو ميمونة منوّر عشيش
أمّ البواقي -الجزائر-