منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 20 Feb 2017, 07:18 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي سلسلة مخازي الصوفية: الحلقة الثانية: تجلي الإله في صورة امرأة

سلسلة مخازي الصوفية:
الحلقة الثانية:
تجلي الإله في صورة امرأة.
يكني بعض مدعي مذهب التصوف عن الذات الإلهية بأسماء النساء، ويذكرون ذلك في أشعارهم ويتغزلون بهذه الأسماء في الحب الإلهي، ويعلنون أن مقصودهم بذكر الحب حب الله، ونظرية الحب الإلهي عند الصوفية هي أن الله تعالى ذكره يتجلى في مخلوقاته حتى لا يحب سواه؛ فكل ما في هذا العالم محبوب؛ وأعظم وأكمل تجلي للإله عند المتصوفة هو تجلي الله في صورة امرأة، كليلى عند ابن عليوة المستغانمي، وحواء، ولبنى وبثية وعزة عند ابن الفارض.
ولا شك أن ذلك من وحي الشيطان، وتلاعبه بهذه الرعية الطيعة التي وجد فيها من الجرأة على الله ما لم يتفق له.
ولكي تتصور مقدار الجراءة والفحش الذي يقع فيه القوم، تعالى معي لترى قول ابن الفارض في تائيته:

ففي النشأة الأولي تراءت لآدم *** بمظهر حوا قبل حكم النبوة
وتظهر للعشاق في كل مظهر *** من اللبس في أشكال حسن بديعة
ففي مرة لبنى وأخرى بثينة *** وآونة تدعى بعزة عزت.
يزعم ابن الفارض أن ربه ظهر لآدم في صورة حواء، ولقيس في صورة لبنى ولجميل في صورة بثينة، ولكُثَيِّر في صورة عزة.
ويقول:

ولسنَ سِوَاها لا ولا كُنَّ غيرهَا *** وما إنْ لها، في حُسْنِها، مِنْ شَريكَة
خشي ابن الفارض أن يتوهم أحد في ربه أنه يغاير حقيقته، أو تتباين صفاته، وهو يتجلى مرة بعد مرة في صورة غانية، أو أن يظن أن هؤلاء الغانيات لبنى، بثينة، عزة تغاير حقائقهن حقيقة ربه في شيء ما، خشي ابن الفارض ذلك فاستدرك على الأوهام بما يحيلها يقينا في أنوثة ربه، فقال: ولسنَ سِوَاها لا ولا كُنَّ غيرهَا، وهكذا صدق فيهم قول الله: ﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا﴾[النساء:117](1).
وهكذا عند ابن عليوة المستغانمي فالإله عنده هو ليلى كما في ديوانه، فانظر إليه وهو يقول:

دنوت من حي ليلى *** لما سمعت نداها
يا له من صوت يحلو*** أودُّ لا يتناهى
رضت عني جذبتني*** أدخلتني لحماها
أنستني خاطبتني*** أجلستني بحذاها
قربت ذاتها مني*** رفعت عني رداها
أدهشتني تيهتني*** حيرتني في بهاها
أخذت قوسي ووزني*** لكي نتبع غناها
فإذا ما كان مني*** غير أني سجدت لها
أخذتني ملكتني*** غيبتني في معناها
حتى ظننتها أني ***وكانت روحي فداها
بدلتني طورتني ***وسمتني بسماها
جمعتني فردتني*** لقبتني بكناها
قتلتني مزقتني*** خضبتني بدماها
بعد قتلي بعثتني*** ضاء نجمي في سماها
أين روحي أين بدني*** أين نفسي و هواها
قد بدا منها لجفني*** ما قد مضى من خفاها
تالله ما رأت عيني*** و لا شهدت سواها
جمعت فيها المعاني*** سبحان الذي أنشأها
يا واصف الحسن عني ***هاك شيئا من سناها
خذا مني هذا فني*** لا تنظر فيه سفاها
ما كذب القلب ***عني إذا باح بلقاها
إذا كان القرب يفني*** أنا الباقي ببقاها(2).
ويقول:
حسبي من حبيب أتى *** متصل به شفاها
لنا منه نور يسنى *** قد ضاءت منه جباها(3).

هل عرفت من هي ليلى في شعر هذا العارف بالله والدال عليه المعرف به؟ هل كانت في أول أمرها سوى لعوب من بنات الهوى، ثم كانت في آخرها معه سوى سفاكة للدماء، ثم يكشف الحجاب عنه ويقسم بالله على دعواه أنها (الوجود الواحد) عنده وعند أصحابه من دعاة وحدة الوجود؟(4).
أما عند محي الدين بن عربي فأعظم شهود للحق بزعمه في النساء بل وأكمله، وأعظم الوصلة عنده هي النكاح، قال كما في فصوص الحكم: ««فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، وحنت إليه حنين الشيء إلى وطنه، فحببت إليه النساء، فإنَّ الله أحب من خلقه على صورته، وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية، فمن هناك وقعت المناسبة والصورة أعظم مناسبة وأجلها وأكملها، فإنها زوج أي شفعت وجود الحق، كما أن هناك المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا، فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه، فحبَّب إليه ربه النساء، كما أحب الله من هو على صورته، فما وقع الحب إلا لمن تكوّن عنه، وقد كان حبه لمن تكوّن منه، وهو الحق، فلهذا قال (حبب) ولم يقل (أحببت) من نفسه، لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقاً إلهيا، ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أُمِرَ بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة. فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك، فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما كان شهودا في منفعل عن الحق بلا واسطة، فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل؛ لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة؛ فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء، لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين، وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح، وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته، ليخلفه، فيرى فيه نفسه فسواه وعدله ونفخ فيه من روحه، الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق..»(5).
وهناك كلام أقبح من القبح في فصوص الحكم وكذا في الفتوحات المكية لم أستطع نقله لشناعته واكتفيت بهذا فهو كاف لبيان ضلال هذه الطائفة الظالمة فنسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا على الحق وأن يفضح هؤلاء المجانين على رؤوس الأشهاد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


-يتبع مع مخازي أخرى-


====

(1): من كلام الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله، انظر: هذه الصوفية (ص32).
(2): ديوان ابن عليوة (ص30-31).ط. الرابعة. المطبعة العلاوية بمستغانم
(3): ديوان ابن عليوة (ص33). ط. الرابعة. المطبعة العلاوية بمستغانم
(4):صراع بين السنة والبدعة للشيخ أحمد حماني (1/232).
(5): فصوص الحكم لابن عربي (ص216- 217).


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 20 Feb 2017 الساعة 07:20 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013