منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 25 May 2016, 07:14 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي عبق مَكنوناتُ القلوب بصلاح السريرة في الحضرة والمغيب

بسم الله الرحمن الرحيم


عبق مَكنوناتُ القلوب بصلاح السريرة والعلانية في الحضرة والمغيب.

إن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه.
أمابعد:

لقد فاتنا السلف الصالح بأمر هام جدا ، وقد غفلنا عليه، بل تغافلنا عليه ، وهو أمر سهل ولا يحتاج إلى بذل مال أو قوة بدنية أو سفر من أجل تحقيقه ، بل هو مجاهدة للنفس و صلاح للباطن ومكنونات القلوب ، فيستوي السر مع العلانية في مراقبة الله ،فتدوم الطاعة في الحالتين فيكتب العبد من المخلصين الناجين، وأما إن قصر و أبطن الشر فبقدر ابتعاده يتشبه بخصال المنافقين ويكون من الخاسرين.
يقول الله تعالى : {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا }[سورة النساء 81]
ولذلك لابد أن تكون الطاعة في السر والعلانية متساوية ، لا من أجل مصلحة فلان أو رؤية الناس لك بأنك صالح أو مستقيم و يثنوا عليك خيرا فالله أعلم بأحوالك صغيرها و كبيرها سرها وعلانيتها.
يقول الإمام السعدي في تفسير هذه الأية :
ولا بد أن تكون طاعة الله ورسوله ظاهرًا وباطنًا في الحضرة والمغيب. فأما مَنْ يظهر في الحضرة والطاعة والالتزام فإذا خلا بنفسه أو أبناء جنسه ترك الطاعة وأقبل على ضدها، فإن الطاعة التي أظهرها غير نافعة ولا مفيدة، وقد أشبه من قال الله فيهم: { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } أي: يظهرون الطاعة إذا كانوا عندك. { فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ } أي: خرجوا وخلوا في حالة لا يطلع فيها عليهم. { بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ } أي: بيتوا ودبروا غير طاعتك ولا ثَمَّ إلا المعصية.إهـ
وقال تعالى : { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} سورة الطارق.
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى :
وعني بقوله : { يوم تبلى السرائر } يوم تختبر سرائر العباد , فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيا عن أعين العباد , من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها , وكلفه العمل بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
عن عبد الله بن صالح , عن يحيى بن أيوب , عن ابن جريج , عن عطاء ابن أبي رباح , في قوله : { يوم تبلى السرائر } قال : ذلك الصوم والصلاة وغسل الجنابة , وهو السرائر ; ولو شاء أن يقول : قد صمت وليس بصائم , وقد صليت ولم يصل , وقد اغتسلت ولم يغتسل .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر أي تظهر وتبدو ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال هذه غدرة فلان بن فلان".
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في تفسير هذه الأية :
وقوله : {يوم تبلى السرائر} أي تختبر السرائر ، وهي القلوب ، فإن الحساب يوم القيامة على ما في القلوب ، والحساب في الدنيا على ما في الجوارح ، ولهذا عامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنافقين معاملة المسلمين حيث كان يُستأذن في قتلهم فيقول : «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه» ، فكان لا يقتلهم وهو يعلم أن فلانًا منافق ، وفلانًا منافق ، لكن العمل في الدنيا على الظاهر ويوم القيامة على الباطن .
وم تبلى السرائر} أي تختبر وهذا كقوله : {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور . وحصل ما في الصدور} [العاديات : 9، 10] .
ولهذا يجب علينا العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح ، عمل الجوارح علامة ظاهرة ، لكن عمل القلب هو الذي عليه المدار ، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج يخاطب الصحابة يقول : «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ـ يعني أنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية والعياذ بالله ـ لا يتجاوز الإسلام حناجرهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية » .
قال الحسن البصري رحمه الله: (والله ما سبقهم أبو بكر بصلاة ولا صوم ، وإنما سبقهم بما وقر في قلبه من الإيمان ) ، والإيمان إذا وقر في القلب حمل الإنسان على العمل ، لكن العمل الظاهر قد لا يحمل الإنسان على إصلاح قلبه ، فعلينا أن نعتني بقلوبنا وأعمالها ، وعقائدها ، واتجاهاتها ، وإصلاحها ، وتخليصها من شوائب الشرك والبدع ، والحقد والبغضاء ، وكراهة ما أنزل الله على رسوله وكراهة الصحابة رضي الله عنهم ، وغير ذلك مما يجب تنزيه القلب عنه .أ.هـ
عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لاينظر الى أجسامكم
ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم (وأعمالكم).
[رواه مسلم]
قال الشيخ الالبانى رحمه الله تعالى : زاد مسلم وغيره فى رواية : (وأعمالكم) وهو مخرج فى ((غاية المرام فى تخريج الحلال والحرام)) (410)
وعلق الشيخ الألباني رحمه الله تعالى على هذه الزياة فقال : وهذه الزيادة هامة جدا ، لان كثيرا من الناس يفهمون الحديث بدونها فهما خاطئا ،فاذا أنت أمرتهم بما أمرهم به الشرع الحكيم من مثل اعفاء اللحية ، وترك التشبه بالكفار ،ونحو ذلك من التكاليف الشرعيه ، اجابوك بأن العمده على ما فى القلب ،وأحتجوا على زعمهم بهذا الحديث ، دون أن يعلموا بهذه الزياده الصحيحه الدالة على أن الله تبارك وتعالى ينظر ايضا الى أعمالهم ، فان كانت صالحه قبلها والا ردها عليهم كما تدل على ذلك عديد من النصوص كقوله عليه الصلاة والسلام (من أحدث فى أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )
والحقيقة أنه لايمكن تصور صلاح القلوب الا بصلاح الاعمال ، ولا صلاح الأعمال الا بصلاح القلوب . إهـ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : إذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر .[ الفتاوى 3/277]
قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر : " من أصلح سريرته فاح عبيرفضله وعبقت القلوب بنشر طيبه " . صيد الخاطر ص 286]
قال الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله :فالله الله في السرائر ، فإنه لا ينفع مع فسادها صلاح الظاهر والله جلّ وعزّ يقول : {والله يعلم ما يبيّتون} [ شريط رسالة إلى طالب العلم شرح عمدة الأحكام ].
قال الشاعر الزاهد أبو العتاهية :
إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ *** خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ مَا مضَى *** وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "التبيان في أقسام القرآن" عند قول الله تعالى :
﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴾ : وفي التعبير عن الأعمال "بالسر" لطيفة :
وهو أن الأعمال نتائج السرائر الباطنة ؛ فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاً ، فتبدو سريرته على وجهه نوراً وإشراقاً وحياء .
ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعاً لسريرته ، لا اعتبار بصورته ، فتبدو سريرته على وجهه سواداً وظلمة وشيناً .
وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته ، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته ، ويكون الحكم والظهور لها ) [ التبيان ص110 ]
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( القوة في العمل أن لا تؤخر عمل اليوم للغد، والأمانة ألاَّ تخالف سريرةٌ علانية، واتقوا الله عز وجل،فإنما التقوى بالتوقي،ومن يتق الله يقه) [سير أعلام النبلاء 2 / 572 ].
عن نعيم بن حمـاد قال: سـمعت ابن المبـارك يـقول: ( ما رأيـتُ أحدًا ارتفع مثـل مالك، ليس لهُ كثيرُ صلاة ولا صيام، إلاَّ أن تكون له سريرة) .[ سير أعلام النبلاء 8 / 97 ].
عن ابن عيينة- رحمه الله تعالى- قال : ( إذا وافقت السـريرة العـلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية فذلك الفضـل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور). [صفة الصفوة 2 / 234 ].
ويقول ابن القيم- رحمه الله تعالى- : ( فكل محبةٍ لغيره فهي عذابٌ على صاحبها، وحسرةٌ عليه، إلاَّ محبته، ومحبة ما يدعو إلى محبته، ويعين على طاعته ومرضاته، فهذه هي التي تبقى في القلب يوم تبلى السرائر).[ روضة المحبين ص280 ].
يقول العلامة بن عثيمين رحمه الله تعالى : ...فإذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير , وإن كانت الأخرى فقدت الخير كله , وقال الله عز وجل : (( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴿9﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ)) [ العاديات : 9 ,10 ] , فالعلم على ما في القلب .[ شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين].

أسأل الله أن يصلح لنا الباطن والظاهر و ينجينا يوم تبلى السرائر .

جمعه وكتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
الأربعاء 18 شعبان 1437 هجري.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد السلام جابر البسكري ; 25 May 2016 الساعة 08:12 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 May 2016, 09:21 PM
محمد طه محدة السوفي محمد طه محدة السوفي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 180
افتراضي

بارك الله فيك اخي ابو عبد السلام و نفع الله بما تكتب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 May 2016, 10:33 PM
أبو ياسر أحمد بليل أبو ياسر أحمد بليل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: ولاية سعيدة - الجزائر
المشاركات: 405
افتراضي

جزاك الله خيرا حبيبنا جابر على هذه النتف اللطيفة والأسطر النافعة أحسن الله إليك
يقول ابن الجوزي رحمه الله كما هو في صيد الخاطر : "فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله ، وعبقت القلوب بنشر طيبه فالله الله في إصلاح السرائر فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح الظاهر".
أنظر رحمني الله وإيَاك كلمات قليلة لكنها موعظة عظيمة قل من يعمل بها في زماننا هذا حيث المظاهر سيطرت على قلوب الكثيرين - إلا من رحم ربك -
اللهم أصلح حالنا يا رب العالمين
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 May 2016, 11:08 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاكما الله خيرا وشكرا على التعليق والمرور أخي محمد وأخي أحمد.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27 May 2016, 11:56 AM
أبوعبد الله مهدي حميدان السلفي أبوعبد الله مهدي حميدان السلفي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: الجزائر /باتنة /قيقبة
المشاركات: 590
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي جابر ، وجعل ما كتب في ميزان حسانتك ، ونسأله كذلك أن يصلح سرائرنا.
آمين آمين
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تزكية, رقائق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013