منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07 Jul 2014, 07:20 PM
عبد الصمد سليمان عبد الصمد سليمان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 139
افتراضي جني الثمار اليانعة بترك الدراسة في الجامعة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه، وبعد:
اعلموا رحمكم الله أن هذه الأبيات التي بين أيديكم والتي أرجو أن تكون نافعة لكم؛ لها مناسبة دعت إليها، وقصة استدعتها، يمكنكم إن شاء الله جل وعلا الاطلاع على قصتها، بعد الفراغ من قراءتها، فأقول:
بشرى خيـــر أن ترى *** رجلا ترك الجــــامعة
تَرَكَ الدنيــــا خلفه ***تَرْكَ ظِبَــــاءٍ مُسرعة [1]
وأحسن فعلا إنهـــــا *** ليست فيهــــا منفعة
تريد حقــــا أن ترى*** فيهـــــا دررا ماتعة
لكنك حقـــا لن ترى *** إلا صورا خــــادعة
عُلُومك فيهــا لن تكون *** إلا سمومــا نـــاقعة
وشيخك فيهــا لن يكون *** أبدا شمســــا ساطعة
لأن علــومه إنمـــا *** علــــوم قوم ضائعة
زميلك فيهــا لن يكون *** إلا خُـــدعةَ خـادعة
فكيف تسلـــم حينها *** وفيهــــا أفاع قابعة
تريد نهشك كلهــــا *** فَرُدَّ كيدهــــا خانعة
ببعدك عنهـــــا إنها *** ترجوا رضــاك، مُخادعة
فليــــت عميرا يصبر *** حتى ينســــى اللاذعة
ويغـــدوا سِلْمًا سَالمِاً *** من شر تلك الفـــاجعة
رب، إلهــــي، احمه *** وارزقه نفســــا قانعة
أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان
كُتبت يوم:
السبت 1 المحرم 1433 هـ / 26- 11-2011 م


قصة هذه الأبيات:
اتصل علي أحد إخواننا الطيبين المحبين للعلم كما أحسبه والله حسيبه ولا أزكيه على الله سبحانه.
قلت: اتصل علي ليطلعني على أبيات نظمها، أو على مشثورة [2] شثرها كما يحلو له أن يسميها، لأطلع عليها وأبدي له رأيي في سبكها ومسبوكها، فلما اطلعت عليها، وقرأت بحضرته غالب أبياتها، علمت منه ومنها أنه سَبَكَهَا في توديع الجامعة التي كان يدرس فيها، وقرر أخيرا أن يتخلى عنها لأسباب ذكر لي بعضها.
وبما أني لست بالمتخصص في الشعر وقرضه، ولا في الأدب وفنونه، لم أرى نفسي أهلا للتعليق على مشثورته، لا من ناحية اختراعه لتسميتها، ولا من ناحية ابتداعه في مسماها، حتى ولا من ناحية الكلام على مضمونها والذي توقفت عند بعض جمله وكلماته، ولكن يحتاج التعليق على ذلك كله إلى معرفة غرضه وقصده، حتى يحسن مني أن أُقره وأُوافقه، أو أُخالفه وأُسدده، وبانتظار ذلك الشرح منه لأبياته، يبقى التعليق على المضمون، مجرد تخرص وظنون، لا يليقان بمسلم مأمون.
ومع إيبائي للتعليق على مشثورته إلا أني تجاوبا معه أردت أن أكتب له نصيحة أشجعه فيها على ما أقدم عليه، وأحمد له ما خلص إليه.

1- ولهذا كتبت له أبياتا جاء في أولها بيان استبشاري خيرا بتركه للجامعة حيث قلت:
بشرى خيـــر أن ترى*** رجلا ترك الجــــامعة
واعلم أن الاستبشار بترك أحد الإخوان للجامعة ليس هو لبغض العلم وأهله، ولا لازدراء السعي في تحصيله، وإنما هو لما يوجد في هذه الجامعات من الشرور والفتن، والأحقاد والإحن، التي لا تكاد تخلوا منها جامعاتنا في هذا الزمن، ومن هنا يعلم سبب الاستبشار وأنه تجنب ما في هذه الجامعة من أخطار، وأما لو خلت مما ذكر لكان الاستبشار بدخولها والصبر على تحصيل العلم فيها، كحال الجامعة الإسلامية بالمملكة العربية السعودية وما كان على نسقها وسمتها ودَلِّهَا.

2- ثم لما كنت أعلم أن أخانا عمر حفظه الله سبق له وأن ترك الجامعة مفارقا لها، مخلفا وراءه الشر الذي رآه فيها، لكنه وللأسف الشديد لم يصبر على تركها وعاود الرجوع إليها، لما يوجد من مغريات فيها تدعوا مبغضها وكارهها إلى مداراتها [3] ، نصحته بالبيت الثاني وهو:
تَرَكَ الدنيــــا خلفه *** تَرْكَ ظِبَــــاءٍ مُسرعة
وحاصل هذا البيت أن أنبهه إلى أن الذي تركه هو مجرد دنيا فانية، وشهادة زور مغرية، وأن تركه لها لا يعني أنه لن يحصل علما، ولن يكون متمكنا منه ملما، لأن الشهادة الحقَّة أن يشهد لك علمك في المحافل، وليس شهادة جامعية أنت لها حامل، وعن المشهود لك به فيها عاطل، ولذلك نصحت له بأن يكون تركه لها في هذه المرة تركا لا رجعة فيه، وباتا لا تراجع يفسده ويلغيه، وشبهته بترك الظبي لظله الذي إذا نفر من شيء لم يرجع إليه، كما جاء في المثل السائر.

3- ثم زدت في إقراره على ما فعل، وتشجيعه على ما صنع وعمل بالبيت الثالث وهو:
وأحسن فعلا إنهــــا*** ليست فيهــــا منفعة
بأن استحسنت فعله وصوبت عمله، وذكرت أنه لا داعي يدعوه إلى بقائه فيها، لأنه لا منفعة بين جنباتها، والمقصود بإنكار وجود منفعة فيها، إنكار وجود منفعة تربو على مفاسدها تجعلنا نقدم جلبها على دفع أضدادها، وإلا ففيها منافع ولكننا إذا قابلناها بأضدادها صارت كعدمها.

4- ثم انطلاقا من البيت الرابع بدأت أُذكِّرُه وأَذْكُرُ له بعض المفاسد التي توجد فيها، والتي تربوا على منافعها، فكانت كالتالي:
تريد حقــــا أن ترى*** فيهــــا دررا ماتعة
لكنك حقـــا لن ترى*** إلا صورا خـادعة

والمغزى من هذين البيتين بيان أن الداخل إليها، ممن يقصد إدراك جواهر العلم فيها [4] ، فيتمتع متعة روحية بتحصيلها والحصول عليها، لن يجد إلا صُورَ العلم الخادعة، دون حقائقه الماتعة النافعة، ذلك أن الموجود فيها اليوم من علوم القوم: ليس هو العلم الذي يثمر العمل فتسعد به النفوس، ولا هي المعرفة التي تذهب الملل وتطرب القلب والعقل ولا كتطريب الزجاجة والكؤوس، بل الموجود اليوم: صورته صورة العلم، وحقيقته مرة كمرارة العلقم، نسأل الله أن يحفظ ويسلِّم.

5- ثم بعد أن أشرت إلى أن الباحث عن جواهر العلم لن يجدها في هذه الجامعات، بل سيجد بدلها صورا خادعات، ذكرت له في البيت التالي نوع العلوم التي سيجدها فيها:
عُلُومك فيهــا لن تكون*** إلا سمومــا نـــاقعة
فالعلم كما هو معروف منه ما هو نافع ومنه ما هو غير نافع، وهذا التقسيم ما له من دافع، لأن الكتاب والسنة يدلان عليه، والواقع يقره ويثبته بل يبينه ويوضحه ويجليه، والعلوم التي تدرس الآن في الجامعات، وتلقن للطلاب والطالبات، من جنس النوعين المذكورين والقسمين المعلومين.
ذلك أن منها الضار المحض، الذي يجب أن يجتنب ويرفض، وأن لا يطلع عليه أحد فيمرض، كمثل: القانون والفلسفة والمنطق وغيرها، مما يتضرر الإنسان بأخذها وتعلمها، فصار العلم لمن كانت هذه الفنون من تخصصه سما ناقعا يضره ولا ينفعه ويشقيه ولا يسعده.
وأما ما سوى ذلك من علوم نافعة في أصلها، كعلوم الشريعة على اختلاف أنواعها [5] ، وعلوم الآلة الموصلة إليها والمساعدة على تدبرها وفهمها [6] ، فهي نافعة في ذاتها، لكنها قد تكون غير نافعة لصاحبها، لأسباب نذكرها ونجملها:
1- إذا كانت من علوم الشريعة النافعة، المأخوذة من مصادرها الجامعة [7] ، ولم تورث صاحبها عملا، فإنها تصير حينئذ حجة عليه لا له كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:" وَالْقُرْآنُ حَجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ" رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري، ومن المعلوم والمقطوع به أن جامعاتنا لن تعطيك علما نافعا، ولو فرضنا أنها تكسبك إياه، فلن تكسبك ثمرته المبتغاة، ودُلني على جامعي واحد ممن درس الشريعة فضلا عمن درس غيرها من العلوم صار عابدا زاهدا مقبلا على طاعة ربه غير مدبر، مكتسبا ذلك من علم الجامعة الشفاهي منه والمحرر؟، فصار العلم لمن كان هذا هو حاله سما ناقعا يضره ولا ينفعه ويشقيه ولا يسعده.
2- وكذاك إذا طلب هذه العلوم النافعة وهو يقصد من وراء طلبها منفعة دنيوية:كالوظيفة الإدارية، أو المنزلة الاجتماعية، أو تحسين الوضعية المالية، أو غير ذلك، فإنه يكون حينها ممن جعل الأعلى في خدمة الأدنى، والنفيس الكامل في خدمة الخسيس السافل، وممن يسخر لذات الأرواح لتحصيل لذات الأشباح، وفي هذا ما فيه من الاحتقار للعلم الذي عظمه الله، والازدراء للمعرفة التي رفع قدرها الإله، وإذا كان على هذا الحال، صارت دراسته عليه وبالا في الحال والمآل، ومما يجدر الإشارة إليه أن معظم من يدخل جامعاتنا اليوم وللأسف الشديد هذا هو حالهم، وهذه هي بغيتهم، فصار العلم لمن كان هذا هو حاله سما ناقعا يضره ولا ينفعه ويشقيه ولا يسعده.
3- وإذا كانت من علوم الآلة التي هي وسيلة لتدبر الكتاب والسنة، وفهم ما فيهما من حكمة ولله الحمد والمنة، فقد يحصلها الطالب، ويستكثر منها الراغب، ولكنه لا يطلبها لهذه الغاية المعلومة، ولا من أجل هذه الخطة العظيمة المرسومة، وإنما يطلبها لدنيا يصيبها أو يطلبها لشخصها وذاتها، وفي كلا الحالتين قد يترتب عليها من الأضرار ما الله به عليم، وإليك الإشارة إلى بعضها من غير تعميم:
- أنه يتعمق فيها حتى يقول في كتاب الله ما يغير معناه كفعل المؤولة والمبدلة فإن كثيرا منهم على علم عظيم بالآلة من نحو وصرف وبيان وأصول فقه وغيره، وبعضهم والعياذ بالله قد يجرئه تعمقه فيها على الطعن في كتاب الله رأسا، وما يرى في فعله ذلك بأسا، بسبب ظنه السيئ فيه، وبسبب تعاظمه بفنه وتعاليه [8] نسأل الله السلامة والعافية، فصار العلم لمن كان هذا هو حاله سما ناقعا يضره ولا ينفعه ويشقيه ولا يسعده.
- ومنها أن ينهل القليل اليسير من هذه العلوم، ومع ذلك يصاب بداء خطير معلوم، ألا وهو داء الكبر والتعالم، الذي يهدي إلى كل قول سيء ظالم، وبخاصة بعد أن يحصل الشهادة، فيظن نفسه أنه قد أعطي السيادة، التي يصول بها ويجول، ويقول ما شاء أن يقول، فيخوض فيما يعلم وما لا يعلم، ويقول فيما لو سئل عنه الجهبذ الخريت لسكت ولم يتكلم، أو كما قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:" يفتي في وقت أضيق من بياض الميم، أو من صدر اللئيم، بما يتوقف فيه شيوخ الإسلام، وأئمته الأعلام" وكثير من خريجي جامعاتنا على هذه الشاكلة، ووالله إنها لمعضلة، وكما قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
هذا وإنـي بعد ممتحـــن بأر ... بعة وكلهـم ذوو أضغـان
فظ غليـظ جـاهل متمعلم ... ضخم العمامة واســع الأردان
متفيهق متضلع بالجهــل ذو ... ضلـع وذو جلح من العرفـان
مزجى البضاعة في العلوم وإنه ... زاج من الإيهـام والهذيــان
يشكو إلى الله الحقوق تظلما ... من جهـله كشكاية الأبدان
من جاهل متطبب يفتــــي الورى ... ويحيل ذاك على قضـا الرحمان
ومثل هذا العلم الذي يلحق صاحبه بالمتكبرين والمتعالمين هو سم ناقع يضره ولا ينفعه ويشقيه ولا يسعده.

6- ثم بعد ذلك ذكرت له نوع المدرسين الذين يدرس عليهم، ويتلقى العلم عنهم، وأنهم ليسوا من المشايخ المعتمدين، ولا من العلماء العاملين الربانيين، الذين يستفيد الطلاب منهم، ويتربون على أيديهم، في البيتين التاليين وهما:
وشيخك فيهـا لن يكون*** أبدا شمســــا ساطعة
لأن علــومه إنمـــا ***علــــوم قوم ضائعة

والبيت الأول تظهر فيه نوعية المشايخ الذين يُقصدون لتحصيل العلم على أيديهم، وأخذ المعرفة بالجلوس إليهم، ممن لا تجد في جامعاتنا شبها لهم، ولا حتى من يقاربهم ويدانيهم، وهم العلماء العاملون بعلمهم، المربون عليه بالقول والفعل غيرهم، فالطالب عندهم يتعلم من قولهم ويستفيد أيضا من سمتهم وهديهم ودلهم، من أمثال وأشبال من ذكرت في مشثورتك وسميت في منظومتك: كالحسن البصري وابن دينار ومالك والفضيل والأعمش والشعبي وأحمد وغيرهم ممن وصفت بالشموس الساطعات وحق لك ذلك، فإنهم كانوا كذلك، لأن الشمس اجتمعت فيها خصال: فهي تنير لنفسها، وتنير الطريق لغيرها، وتعين على نماء ما تمسه بأشعتها من الكائنات الحية التي لا تنمو إلا بدفئها، وكذلك علماؤنا قد توفرت فيهم الخصال نفسها: فهم ينيرون لأنفسهم فيعملون بِعِلمِهِم، وينيرون الطريق لغيرهم بتعليمهم وتثقيفهم، وأما تدفئتهم لهم فبتربيتهم على ما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم، وأظنك معي في أنه لا يمكن أن يكون مشايخ الجامعات اليوم من هذا الصنف، ولا على هذا الوصف، إلا فيما شذ ونذر [9] ولا شك أن القاعدة لا تبنى على الشاذ والناذر لا حكم له.
وأما البيت الثاني ففيه ذكر سبب عدم كون أساتذة الجامعات اليوم من الشموس الساطعات، وهو أن علومهم إنما هي علوم ضائعات، لأقوام سلكوا فيها سبلا مختلفات، خرجت بهم عن الطريق المستقيم والهدي القويم، وإليك بيان ذلك بإذن الحكيم العليم:
أ- فمن أساتذة الجامعات في هذه السنوات الخداعات [10] من يدرس القوانين الوضعية، ومنهم من يدرس الفلسفة اليونانية والعلوم الكلامية، وغيرها مما هو في حكم الشريعة الإسلامية من العلوم الضارة الضائعة؛ التي يجب على المسلم أن ينأى عنها، ويربأ بنفسه أن ينهل منها.
ب- ومن أساتذة الجامعات في هذه السنوات الخداعات من يدرس العلوم الشرعية، ولكن للأسف الشديد يتبنى فيها مناهج دعوية تناقض الدعوة السلفية، كالصوفية الضائعة، والعقلانية المائعة، والحركية الحماسية الجائعة، وغيرها مما تعتبر من المناهج الضائعة التي يجب على المسلم أن ينأى عنها، ويربأ بنفسه أن ينهل منها.
ت- ومن أساتذة الجامعات في هذه السنوات الخداعات من يدرس علوم اللغة العربية، كالنحو والصرف والعروض والبلاغة وغيرها، ولكنه يتبنى فيها طرق المنحرفين من الأدباء الذين تنكروا لماضيهم وتراثهم؛ بسبب تفلتهم ومجونهم، وسعيهم وراء تحقيق شهواتهم، أو بسبب إلحادهم وشكهم في دينهم، أو بسبب ضعف شخصياتهم وانبهارهم بقوة عدوهم؛ الذي يسيرون خلفه، ويتبعون أثره، ولو كان في ذلك ضياع دنياهم وآخرتهم، وغيرهم [11] ممن تعتبر علومهم من العلوم الضائعة، التي يجب على المسلم أن ينأى عنها، ويربأ بنفسه أن ينهل منها.
- ثم مع هذه العلوم الضائعة التي يربون الناس عليها فإنك لن تجد فيهم غالبا - وللأسف الشديد - من يحسن أن يقول كما قال أبو عمرو بن العلاء البصري أحد القراء السبعة رحمه الله وأجزل له المثوبة:" ما نحن فيمن مضى، إلاّ كبقل في أصول نخل طوال".
- ثم اعلم رحمك الله أن الشهادة والمناصب لا تجعل من هؤلاء الأساتذة الجامعيين علماء مبرزين، وكما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى:" والمنصب والولاية لا يجعل من ليس عالمِاً مجتهدًا، عالمِاً مجتهدًا، ولو كان الكلام في العلمِ والدينِ بالولاياتِ والمنصب؛ لكان الخليفة والسلطان أحق بالكلام في العلمِ والدينِ، وبأن يَسْتَفْتِيه النَّاسُ، ويرجعوا إليه فيما أُشكل عليهم في العلمِ والدينِ، فإذا كان الخليفةُ والسلطانُ لا يَدَّعِي ذلك لنفسه، ولا يلزم الرَّعيَّة حكمه في ذلك بقول دون قول إلا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن هو دون السلطان في الولاية أولى بأن لا يتعدى طورَه....".

7- ثم بعد ذكر نوع الأساتذة الذين يؤخذ العلم عنهم، أردفت بذكر نوع الزملاء الذين سيزاملهم ويرافقهم في البيت التالي:
زميلك فيهــا لن يكون *** إلا خُـــدعةَ خـادعة
مما لا شك فيه ولا ريب يعتريه أن دخول الجامعات، يستلزم مخالطة قاصديها من الطلاب والطالبات، ومزاملتهم من غير تفريق بينهم بالجنس والذات، لأن من معاني اسم الجامعة اليوم أنها تجمع بين المختلفات والمتناقضات، بل وحتى بين ما الجمع بينه يورث المشكلات والمعضلات، ومن ذلك جمعها بين الذكور والإناث؛ وبخاصة الشباب التائه من المراهقين والمراهقات، وبناء على هذا فزمالة الجامعة، مجرد خدعة خادعة، وبيان ذلك ما يلي:
أ- فمن توهم أنه يمكنه مزاملة امرأة، من غير أن يصاب في دينه بمصيبة، فهو واهم متبع في ذلك لخادعة تخدعه [12] ، ومغرورة تغرر به، ألا وهي نفسه التي بين جنبيه، وعدوه الأكبر الذي يجب عليه أن يحذر منه، لأن مخالطة النساء داء ما بعده داء، ومرض خطير يستعصي علاجه على مهرة الأطباء، فإذا كان النظر إليهن سهم من سهام إبليس، فما بالك بمخالطتهن التي لا تروق إلا للفسقة المفاليس، أو لمن ذهبت رجولته فصار من المخنثين المناحيس.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يتكلم على خطورة النظر إلى النساء في كتابه النفيس الموسوم بالجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي:
"... وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم، وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم، مطلع عليها، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر، جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج، فإن الحوادث مبدأها من النظر كما أن معظم النار مبدأها من مستصغر الشرر، ثم تكون نظرة ثم تكون خطرة ثم خطوة ثم خطيئة، ولهذا قيل من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات فينبغي للعبد أن يكون بواب نفسه على هذه الأبواب الأربعة، ويلازم الرباط على ثغورها، فمنها يدخل عليه العدو فيجوس خلال الديار، ويتبر ما علوا تتبيرا.
فصل
وأكثر ما تدخل المعاصي على العبد من هذه الأبواب الأربعة، فنذكر في كل واحد منها فصلا يليق به.
فأما اللحظات فهي رائد الشهوة ورسولها، وحفظها أصل حفظ الفرج، فمن أطلق نظره أورده موارد الهلاك، وقد قال النبي:" يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية" [13] .... وقال:"غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم" [14] ، وقال:"إياكم والجلوس على الطريق" قالوا: يا رسول الله! مجالسنا ما لنا بد منها. قال:"فإن كنتم لابد فاعلين فأعطوا الطريق حقه". قالوا: وما حقه؟ قال:"غض البصر وكف الأذى ورد السلام" [15] ، والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصبر عزيمة جازمة فيقع الفعل ولابد، ما لم يمنع منه مانع، وفى هذا قيل الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده، ولهذا قال الشاعر:
كل الحوادث مبـداها من النظر ... ومعظم النــار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها ... كمبلغ السهم بيــن القوس والوتر
والعبد ما دام ذا طـرف يقلبه ... في أعين الغيد موقوف علي الخطر
يسر مقلته مـا ضر مهجته ... لا مرحبــا بسرور عــاد بالضرر
ومن آفاته أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات، فيرى العبد ما ليس قادرا عليه ولا صابرا عنه، وهذا من أعظم العذاب أن ترى ما لا صبر لك عنه ولا عن بعضه، ولا قدرة لك عليه، قال الشاعر:
وكنتَ متى أرسلت طرفك رائدا ... لقلبك يوما أتعبتــك المنــاظر
رأيت الذي لا كلــه أنت قــادر ...عليه ولا عن بعضه أنت صابر
..... ومن العجب أن لحظة الناظر سهم لا يصل إلى المنظور إليه حتى يتبوأ مكانا من قلب الناظر، ولي من قصيدة:
يا راميا بسهام اللحـظ مجتهدا ... أنت القتيل بما ترمـي فلا تصــب
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له ... أحبس رسولك لا يأتيك بالعطب
وأعجب من ذلك أن النظرة تجرح القلب جرحا، فيتبعها جرح على جرح، ثم لا يمنعه ألم الجراحة من استدعاء تكرارها، ولي أيضا في هذا المعنى:
ما زلــت تتبع نظرة فـــــي نظـرة ... في أثر كـــل مليحة ومليـح
وتظن ذاك دواء جرحك وهو في ... التحقيق تجريح علي تجريح
فذبحت طرفك باللحاظ وبالبكا ... فالقلب منك ذبيـــح أي ذبيح
وقد قيل: إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات" انتهى المقصود من كلامه رحمه الله بنوع من الاختصار.
ب- ومن قال كما يقولون: أنه يمكن أن تكون بين رجل وامرأة علاقة بريئة، فقولته جريئة، وآثارها التي تنبني عليها وخيمة سيئة، وهذه المقولة من المقولات التي تدعوا للفساد، ويصطاد بها أعداء الفضيلة فرائسهم من الشباب أيما اصطياد، ومما لا شك فيه شرعا وواقعا أن هذه المقولة مجرد خدعة [16] اخترعها أعداء الفضيلة والدين، من المنحلين والزائغين، ليخدعوا بها الأغرار الناشئين، ويلبّسوا بها على من لا علم له بالدين، وهذا شأن غالب الجامعيين، من الذكور والإناث أجمعين.
ت- ومن ظن أن زمالة الرجال منهم سالمة العواقب، فقد أخطأ في ظنه لأن طبع الطلاب الغالب، ليس هو طبع القرين المأمون الجوانب، وإنما هو طبع المنافس المغالب، الذي يحسد ويحقد، ويخاصم فيعاند، ولا يرضى بحصول خير لقرينه المجتهد المجاهد، فنسأل الله السلامة ممن هذا هو حاله، وهذه هي طباعه، وإذا كان علم الدين لا يخلو من مثل هؤلاء الزملاء، فما بالك بالجامعيين الذين ابتلي غالبهم بكل داء وبلاء؟.
وكما قال الشاعر:
وَتَرَى الْقَرِينَ مُضْمِـــرًا لِقَرِينِهِ ... حَسَدًا وَحِقْدًا فِي غِنَاهُ وَفَقْرِهِ
وَلَرُبَّ طَالِبِ رَاحَةٍ فِي نَوْمِهِ ... جَاءَتْهُ أَحْلَامٌ فَهَـامَ بِأَمْرِهِ
ولعلك لن تجد في الجامعات من الزملاء إلا من كان على شاكلة من حذر منهم المنتصر بن بلال الأنصاري حيث قال:
اجعل قرينك من رضيت فعاله ... واحذر مقارنة القرين الشائن
كم من قرين شـــائن لقرينه ... ومهجن منه لكــل محـاسن
فإذا ظننتَ أنك واجدٌ في الجامعات من هو على خلاف هذا الحال، فقد طلبت المحال، ومنتك نفسك بما هو مثل الخيال، وخادعتك خداع الثعلب المحتال، فاحذر خداعها فإنها مخادعة.

8- ثم بعد ذلك نصحته صراحة بتركها، والابتعاد عنها، لأنه لن يسلم من شرّها إلا بمفارقتها، وجاء ذلك في الأبيات التالية:
فكيف تسلـــم حينها***وفيهـا أفاع قــابعة
تريد نهشـك كلهـا *** فَرُدَّ كيدها خانعة
ببعدك عنهـا إنها *** ترجوا رضاك، مُخـادعة

ففي البيت الأول والشطر الأول من البيت الثاني سألته عن كيفية السلامة من شرها، وفيها من الأفاعي الخطيرة، والهوام المنتشرة الكثيرة، ما هي قابعة في أماكنها، وخانسة في محالها، مكشرة عن أنيابها، تريد نهش كل من يقترب منها ويدنو من مظانها، مشيرا بسؤالي هذا إلى صعوبة السلامة من ذلك، لانعدام المخارج والمسالك.
ولأجل هذا نصحته في الشطر الثاني من البيت الثاني برد كيدها حتى تصير خاضعة له، خانعة بين يديه، وذلك بوسيلة عظيمة، وطريقة حكيمة، قلّ من استعملها ولم ينجح، وجعلها سلاحه مع كل خطر ولم يفلح، ألا وهي طريقة البعد عن المضار، بتجنب كل ما هو خطير وضار، وهي وسيلة شرعية، وطريقة سنية، جاءت في الأحاديث النبوية [18] ، والآثار السلفية [19] .
ثم نبهته في الشطر الثاني من البيت الثالث على نوع من أنواع مكايدها، وطريقة من طرق مكرها وخداعها، وهي ما تظهره له من ملاينة وملاطفة ترجو من ورائها أن يرضى عنها، ويلين بدوره معها، حتى يصبح وهو لا يشعر ألعوبة في يدها، ودمية تحركها كيفما يحلو لها، فهي مُخَادِعَة ترجو خداعه، تلاطفه وتلاينه مُخَادَعَة له.
ولا يتم رد هذا الكيد منها إلا بالبعد عنها، بعدا يجعلها تخنع بين يديه، وتخضع معترفة بقدره وفضله، لأن الحسناء الجميلة التي ترنو فتنة غيرها بحسنها، إذا رُدت وصُدت، ذَلت وخَضعت، وعَلمت أن من الرجال، من يصعب فتنتهم على كل حال.

9- ثم تمنيت ورجوت أن يتحلى المقصود بالأبيات، بالصبر الذي يذلل كل العقبات، فقلت له:
فليـــت عميـرا يصبر***حتى ينسـى اللاذعة
ويغـدوا سِلْمًا سَالمِاً***من شر تلك الفـاجعة

وبما أن البعد عنها، لا يتم إلا بالصبر على فراقها، تمنيت أن يصبر المقصود بهذه القصيدة، على فراقها حتى تغدو عنه بعيدة، منسية الفكر عن القلب طريدة، لأنها تُميل القلوب إليها، وتسبيها بزخرفها ورونقها، فقلَّ من يستطيع أن يتركها ويتخلص من آثارها وتأثره بها، إلا بصبر تطول مدته ولو شقت على النفس مرارته، وبقلب لا يحن إلى مألوفه ولو تأذى بفراقه وتركه.
ثم شبهتها إمعانا في الوصية بتركها والبعد عنها ـ في آخر الشطر الثاني من البيت الأول ـ بالحية التي تلذع من اقترب منها بسمها فتهلكه، وبالنار التي تلذع من دنا من لهبها فتحرقه، وبالحب الذي يلذع قلب الهائم به فيؤلمه.
ثم لما نصحته بفراقها والإمعان في البعد عنها بينت له بعض الفوائد المترتبة على ذلك وهي:
1- أن يغدو سلما: والسلم ضد الحرب [19] أي معناه أن يغدو مسالما ليس له عدو يحاربه، ومن المعلوم مما تقدم أن الداخل للجامعة اليوم لن يسلم من عدو يحاربه رغما عنه، وشرير يدفع شره بما أمكنه، ولذلك من ابتعد عنها صار سلما لأعدائه الماكثين فيها.
2- أن يغدو سالما: أي سالما من شرورها ومصائبها، والمهلكات التي فيها، وقد تقدم ذكر الكثير من ذلك فلا حاجة لنا في إعادته، وتنغيص القلوب بتذكره، والله المستعان.

10- ثم ختمت هذه القصيدة بدعاء دعوت به لأخينا وهو:
رب ، إلهـي ، احمهِ*** وارزقه نفسـا قانعة
ولا شك أن مما يملكه الإنسان لإخوانه، ويستطيعه تجاههم في كل أحواله، أن يدعو الله لهم بما فيه صلاحهم في دنياهم وأخراهم، ولهذا ختمت قصيدتي هذه بالدعاء لأخينا عمر بما رأيته مناسبا للمقام، متوسلا بربوبية الله [20] وألوهيته [21] وأسمائه وصفاته [22] أن يحمي أخانا من كل ما هو ضار، سواء كان في الجامعة أو في غيرها من البقاع والأقطار، وأن يرزقه نفسا قانعة ترضى بما فيه رضى الله، وتكتفي بما يوافق شريعة الإله، فجمعت له بين سؤال حصول المطلوب المرغوب [23] والنجاة من المخوف المرهوب [24] . والله الموفق لا رب سواه.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان
اليوم الذي كتبت فيه هذه الرسالة:
12 من شهر الله المحرم 1433 هـ / 7 ـ 12 ـ 2011م



[1]- إشارة إلى المثل السائر: "تركه ترك الظبي ظله" وذلك أنه إذا نفر من شيء لم يرجع إليه أبداً.
[2]- هذا اسم يطلقه من وجهت له هذه الرسالة على نوع من القصائد يكتبها وله وجهة نظر فيها.
[3]- وأعتقد أن الإغراء الوحيد الذي جذب أخانا إلى عرين الأسد الاستزادة من العلم و الأدب فكما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"منهومان لا يشبعان: طالب علم
وطالب دنيا" رواه البزار من حديث ابن عباس و غيره من حديث غيره و صححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير رقم 6624.
[4]- وإلاّ فغالب من يدخل اليوم إليها إنما يقصد بدخولها ما يترتب على نيل شهادتها من دنيا يكسبها، ومكانة ومنزلة يُعَظَّمُ بها.
[5]- و هي التي تسمى بعلوم المقاصد و هي التي تنقسم إلى قسمين:
أ- القسم الأول: علم العقيدة و ما يتعلق بها من المسائل و الأحكام و على رأسها التوحيد.
ب- القسم الثاني: و هو علم الفقه و ما يتعلق به من المسائل و الأحكام و من أهمه و على رأسه فقه العبادات.
[6]- و هي التي تسمى بعلوم الوسائل:
و هي سائر العلوم المساعدة على الوصول إلى تفهم العلم الشرعي و هي كثيرة : علم أصول الفقه ، و القواعد الفقهية ، النحو ، الصرف ، البيان و غيرها.
[7]- و هي الكتاب و السنة إذا لم يتعرضا لتحريف المحرفين من الغلاة المتشددين أو المقصرين المميعين و جامعاتنا مملوءة بمثل هؤلاء المخرفين المحرفين لتدريس الطلبة الناشئين علوم
الشريعة و الدين، فقل لي ـ بالله عليك ـ و الحالة هذه كيف تكون العلوم فيها نافعة و قد حرفت معاني مصادرها و إن لم تحرف و الحمد لله ألفاظها و مبانيها لحفظ الله لها.
[8]- كمثل من سمي بعميد الأدب العربي زورا و بهتانا وهو طه حسين ومن كان على شاكلته من الشاكين المتعالين.
[9]- كمثل مشايخنا الذين يدرسون في الجامعات وعلى رأسهم الشيخ محمد علي فركوس حفظ الله الجميع.
[10]- إشارة إلى الحديث الذي رواه ابن ماجة في سننه وصححه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة رقم 1887 وفي غيرها من حديث:
أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة ؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة".
[11]- مثل طه حسين و من على شاكلته و طريقته العرجاء و الله المستعان.
[12]- و هذا إشارة إلى ما جاء في البيت من قولي: خدعة خادعة، و الخادعة هنا هي نفسك التي بين جنبيك كما هو موضح أعلاه.
- رواه الإمام أحمد في مسنده بألفاظ مختلفة ومنها:
[13]عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ:" يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ" ورواه غير الإمام أحمد وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب رقم 1902.
[14]- روى هذا الحديث الطبراني والبغوي رحمهما الله:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة : إذا حدث أحدكم فلا يكذب و إذا ائتمن فلا يخن و إذا وعد فلا يخلف وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم" وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير 2105.
[15]- رواه البخاري ومسلم بألفاظ مختلفة.
[16]- وهذا إشارة إلى ما جاء في البيت من قولي: خدعة خادعة، والخادعة هنا هي الطائفة التي تزين هذا الاختلاط بمثل هذه المقولة.
[17]- كالحديث الذي رواه أبو داود وغيره: عن أبي الدهماء قال سمعت عمران بن حصين يحدث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث به من الشبهات هكذا قال" وصححه العلامة الألباني رحمه الله في المشكاة وغيرها.
[18]- كالحديث الذي رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: عن أَبِي إِدْرِيس الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ".
[19]- كما قال الشاعر: أشاعوا لنا في الحيِّ أشنع قصةٍ ... وكانوا لنا سِلْما فصاروا لنا حَربا
[20]- عند قولي: رب.
[21]- عند قولي: إلهي.
[22]- عند قولي: رب إلهي فإن فيهما إثبات اسم الرب واسم الإله لله جل وعلا وكذلك إثبات صفات الكمال كلها لله لأنه لا يكون ربا وإلها إلا من اتصف بصفات الكمال كلها.
[23]- أي بقولي: وارزقه نفسا قانعة.
[24]- أي بقولي: رب، إلهي احمه.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الصمد سليمان ; 10 Jul 2014 الساعة 12:52 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08 Jul 2014, 12:07 AM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي

تمتعت بهذا المقال؛ لغة راقية، وأسلوب بديع، مع توصيف بليغ، فجزاك الله خيرا أخي.

يبقى أن في بعضه شيئا من النظر، فإن ما ذكرته من الآفات حق وصدق، لكن منها ما ليس مختصا بالجامعة، والصادق في طلبه للعلم، والصائن لنفسه ودينه، يسعه ترك وتجنب ما ذكرت من الآفات.

وقد شاهدنا في الجامعة من استفاد من سنينه التي أمضاها فيها أيما استفادة، منهم من حفظ القرآن، وهنالك عرفنا وتعرفنا على مشايخنا مشايخ السنة، ممن يدرس فيها أو زارنا في الإقامات، وتعرفنا على إخوان لنا ممن لا نبغي عنهم بدلا، فإن فيهم الطالب المجد، والمستفيد المحصل، وفيهم من نحسب عندهم صلاحا وتقوى، وفيهم أهل الصدق والأخلاق العالية وفيهم وفيهم.

ثم إن ما تتيحه الجامعة من التفرغ والصحبة التي تعين على تحصيل العلم ما قد لا يوجد في غيرها.

وإن من إخواننا من لم يعرف المنهج والسلفي واستقام عليه إلا في الجامعة.

وأما شأن الشهادات فرب قتيل بين صفين، الله أعلم بنيته، فمن استعان بها على مرضاة الله والتفرغ للعلم والدعوة، فنعما هي، وما سوى ذلك من الأغراض الدنية فليس مختصا ذلك بالجامعة، وقد قال العلامة تقي الدين الهلالي -رحمه الله- أنها في هذا الزمان بمثابة جواز السفر، فمن عدمها صعب عليه شأن الدعوة والتفرغ لها، إن سلم من أن لا يسمع له ولا يعبأ لقوله.

زد أن هذه المناصب التي تخول الدعوة إلى الله على بصيرة ونشر العلم الصحيح إن لم تشغل بالحق وأهله شغلت بالباطل وأهله، وقامت سوق الجهل والبدع نافقة.

هذا وليس الأمر تهوينا من شأن المنكرات والمحاذير الواقعة في الجامعات، لكن اللبيب الفطن أدرى بنفسه، وقد يصلح الواحد ما لا يصلح غيره، والله أعلم.

التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 08 Jul 2014 الساعة 01:46 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08 Jul 2014, 06:19 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

بوركتم على ما أفدّتم.

الجامعة الإسلامية ببلدنا فيها إيجابيات وفيها سلبيات.

و من استغل إيجابياتها فقد افلح وانجح

ومن وقع في سلبياتها فقد خاب ومكانه برح.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08 Jul 2014, 06:49 PM
عبد الصمد سليمان عبد الصمد سليمان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 139
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي في الله مهدي البجائي
أولا: بارك الله فيك على تعليقك وحسن ثنائك الذي لست بأهل لشيء منه أسأل الله الصلاح والسداد في القول والعمل والنية.
أما بالنسبة لتعليقك فأقول لك أخي الكريم أن كل ما ذكرتَه من الفوائد التي وجدتها أنت وبعض إخوانك، واستفدت منها أنت وبعض من كان معك من خلانك، فهي داخلة في المنافع التي لم أنكرها، ولم أجحد وجودها، وإنما الذي دندنتُ حوله وأردتُ أن أُذكر به إخواني محذرا لهم منه؛ هو الشر العظيم الذي يوجد في هذه الجامعات، والذي يربو بكثير على ما فيها من منافع قليلات، ومن المعلوم عند كل من درس شيئا من القواعد الفقهية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وكما قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في منظومته:
الدين جاء لسعادة البشر***ولانتفاء الشر عنهم والضرر
فكل أمر نافع قد شرعه***وكل ما يضرنا قد منعه
ومع تساوي ضرر ومنفعة*** يكون ممنوعا لدرء المفسدة
هذا مع التساوي يمنع منه فما بالك إذا ربت المفسدة على المنفعة؟ ومما لا شك فيه أن مفسدة الدراسة في الجامعات أعظم من المصلحة المرجوة من ورائها وهذا الذي قال به كبار العلماء والأئمة في هذا الزمن وعلى رأسهم الإمام الألباني رحمه الله.
أما بالنسبة لموضوع الاستعانة بالشهادة على الدعوة إلى الله فأنا أسأل أخانا كم عدد الجامعيين المتخرجين بالشهادات العليا استعانوا بالشهادة على الدعوة إلى الله؟ لاشك أن العدد قليل وقليل جدا، وأنا أعتبر ذلك بمن أعرف من الجامعيين الذين تخرجوا من الجامعة وهم الآن على أصناف منها:
صنف تخرج من الجامعة واتجه إلى التجارة أو الأعمال الحرة كما يسمونها لأنه لم يجد عملا بشهادته الجامعية يبيحه له الشرع وهؤلاء كثر في مدينتنا وغيرها.
وصنف تخرج من الجامعة واتجه للعمل بشهادته في الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة وفيها ما فيها من الاختلاط والخلوة وغير ذلك مما أفتى كثير من علمائنا بعدم جوازه.
وأفضل الأصناف من تخرج من الجامعة ثم بعد شق الأنفس توظف إماما، أو معلم قرآن، أو مدرسا في معهد لتخريج الأئمة، وهذا الصنف هو الذي يمكن أن يقال فيه أنه استعان بشهادته على الدعوة إلى الله، إذا كان صادعا بالحق لم يصبح بسبب الوظيفة التي احتلها، مداهنا لمن بيده عزله عنها، حتى يصل إلى درجة السكوت عن الحق إن لم ينطق بالباطل لأجل بقائه فيها، وهذا الصنف - مع ما فيه - قليل وقليل جدا، فهل نسوغ للناس أن يدخلوا الجامعة التي فيها من الشر ما فيها؛ من أجل مصلحة لا نتحقق وقوعها؟، وحتى لو تحققنا وقوعها فهي قليلة لا يغامر العاقل بدينه من أجلها، والله أعلم.
ثم أبادر وأقول أنا لا أنكر أهمية الشهادة في هذا الزمن ولكنني أنكر أن تصير غاية في ذاتها نركب الصعب والذلول من أجلها.
ثم إن الشهادة ليست شرطا في الدعوة إلى الله فكم من عالم لا شهادة له ملأت دعوته الأفاق، ونفع الله به خلقا كثيرا، كما أرغم به أنوف أصحاب الشهادات ممن يخالف دعوة الحق التي جاء النبي صلى الله عليه وسلم بها، كأمثال الإمام الألباني رحمه الله.
دعنا ممن صارت لهم دعوة ومراكز علمية يأوي إليها الطلبة من كل حدب وصوب لتلقي العلم النافع وقد نفع الله بهم غاية النفع وهم ليسوا من أصحاب الشهادات ولا ممن درسوا في الجامعات.
وأخيرا الغاية لا تبرر الوسيلة كما هو مقرر عند علماء الدعوة السلفية حفظ الله الأحياء منهم ورحم الله أمواتهم وأعلى درجتهم في عليين.
وأخيرا أقول إن غالب ما ذكرتَ في تعليقك لو أنك رجعت أخي في الله بارك الله فيك للمقالة لوجدت جوابه واضحا بينا والحمد لله.
ثم اعلم رحمك الله أن هذا الذي قلته في المقالة ما هو إلا رأي كونته من كلام العلماء الذين اقتنعت بقولهم، وأقنعتني أقوالهم ودلائلهم وبراهينهم، والله أعلم.
أخوك في الله: أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08 Jul 2014, 07:02 PM
أبو عبد الرحمن العكرمي أبو عبد الرحمن العكرمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: ولاية غليزان / الجزائر
المشاركات: 1,352
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن العكرمي
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الصمد , و للاستفسار فقط على أي بحر كتبت أبياتكم .

على أن في مضمون الأبيات من التعميمات ما لا يبلق بتاتا , كانتفاء وجود المشايخ النافعين و الأصحاب الصالحين , فو الله ما قويت استقامتنا إلا و نحن في الجامعة , بين خيرة الإخوة من النصحة البررة , فلما فارقناها فارقنا الجد و النشاط

هذا و قد كنت في جامعة لا علاقة لها بعلوم الشرع , فتخصصي في هندسة البناء , وعاينت ما عاينت من خير و بركة , فكيف بالإخوة الذين درسوا في معاهد الشريعة و لقوا فيها من المشايخ السلفيين ما وفقهم الله له ؟!


و من جرب الأحياء الجامعية تجربتي عرف معرفتي و الله الموفق

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن العكرمي ; 08 Jul 2014 الساعة 07:04 PM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08 Jul 2014, 07:20 PM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الصمد وحفظك الله.

أما ما كان عندي فقد أدليت به.

ثم تقديرك هذا للمصالح والمفاسد أخي الكريم؛ فلو كان يسلَّم لك ابتداء لما كتبت ما كتبت، والواقع يشهد أنه إنما بقوم بشطر كبير من عبئ الدعوة وتعليم الناس خرِّيجو الجامعة بدءا من بعض مشايخنا -حفظهم الله- وتثنية بالطلبة المجدين من أئمة المساجد وغيرهم، والله أعلم.

وبوركت أخي العكرمي على التعليقة، وما ذكرته هو ما يقوله كثير أو أكثر الطلبة الذين جربوا الأحياء الجامعية.

التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 08 Jul 2014 الساعة 07:27 PM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09 Jul 2014, 11:24 AM
أبو عبد الله مصطفى براهمية أبو عبد الله مصطفى براهمية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2014
المشاركات: 13
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي عبد الصمد على ما قدمت ووفقك الله لما فيه خيري الدنبا والآخرة
ولي بارك الله فيك تنبيه على قولك " أن أكتب له نصيحة أشجعه فيها على ما أقدم عليه، وأبارك له ما خلص إليه. "
فقد قال الشيخ صالح آل الشيخ في كتاب كفاية المستزيد بشرح كتاب التوحيد :
" فالتبرك: هو طلب الخير الكثير وطلب ثباته وطلب لزومه, تبرَّك يعني طلب البركة، والنصوص في القرآن والسنة دلّت على أنَّ البركة من الله جل وعلا، وأن الخلق لا أحد يبارك أحدا وإنما هو جل وعلا يبارك قال سبحانه «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ»[الفرقان:1]؛ يعني عَظُم خير من نزل الفرقان على عبده وكثر ودام وثبت، «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»[الملك:1]، وقال سبحانه»وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ»[الصافات:113]، وقال «وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا»[مريم:131]، فالذي يُبارك هو الله جل وعلا، فلا يجوز للمخلوق أن يقول باركتُ على الشيء أو أبارك فعلكم؛ لأن لفظ البركة ومعنى البركة، إنما من الله؛ لأن الخير كثرته وثباته ولزومه إنما هو من الذي بيده الأمر. "

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله مصطفى براهمية ; 10 Apr 2016 الساعة 06:39 AM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09 Jul 2014, 12:01 PM
عبد الصمد سليمان عبد الصمد سليمان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 139
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
أولا: بارك الله في الإخوة المعلقين وجزاهم الله عني كل خير.
ثانيا: لا زال تعليق الإخوة بارك الله فيهم يدور في فلك إثبات وجود الخير الذي عاينوه، وعاشوه، وأحسوا به، وهذا بلا مؤاخذة يا إخوتاه ليس هو بيت القصيد كما يقولون؛ لأنني ما نفيت وجود الخير فيها؛ ولا حصوله لبعض إخواننا بين جنباتها، وإنما غاية ما حاولته أنا في مقالتي هو تحذير من تبلغهم تلكم المقالة من الشر العظيم الذي يوجد في الجامعات، ويربو بكثير على الخير الذي ينال فيها قلة قليلة من الطلاب والطالبات، والذي لا يليق بالمحذر أن يذكره ولو كان عالما بوجوده لأنه يضعف حينئذ تحذيره.
ثم يا إخوتاه اعذروني بارك الله فيكم إنما أنظر أنا إلى أصل المسألة بأكملها، وأنتم تنظرون إلى حالات شاذة تحفظ ولا يقاس عليها، والحكم لا يبنى على مثل هذه العينات الجامعية التي انتفعت، وإنما على الجامعة الأم التي آوت وجمعت.
وحتى أقرب لكم وجهت نظري - والتي أذكركم أن مبناها على فتاوى كبار أئمة هذا الزمن رحم الله ميتهم وحفظ الحي منهم- أضرب لكم أمثلة وهي:
المثال الأول: الإقامة في بلاد الكفر:
مما لا يخفى عليكم أن الإقامة في بلاد الكفر محرمة، وأن علماء السنة يحذرون المسلمين منها، وينهونهم عنها، وهم يسلكون في سبيل إقناع الناس بوجوب البعد عنها؛ مسالك عدة منها:
أن يذكروا الشرور التي تمتلئ بها، وتنتشر في نواحيها، وتمثل خطرا على دين المقيم بها، ولا يذكرون عند تحذيرهم شيئا من الخير الذي يوجد فيها، مع أنه موجود وقد يحتج به بعض من وجده وعايشه على أنه لا بأس من البقاء فيها، وهذه بعض العينات من أولئك المحتجين:
منهم من يقول وهو صادق فيما يقول: أنا ما عرفت المنهج السلفي واستقمت عليه إلا في هذه الديار.
ويقول آخرون وهم صادقون فيما يقولون: ما تعرفنا على كثير من العلماء وطلبة العلم إلا في هذه الديار؛ حيث كانوا يأتون عندنا ويقيمون الدورات العلمية التي نفعتنا.
ويقول آخرون وهم صادقون فيما يقولون وهم ممن هاجر إلى ديار الإسلام والآن هم معنا: أصدقكم القول يا إخوتاه والله لقد كنت في ديار الكفر أكثر اجتهادا وتمسكا بالسنة وحرصا على الاستقامة مني اليوم في بلاد الإسلام.
ويقول آخرون ويقول.....
وكما قلت لكم هؤلاء كلهم إن شاء الله أهل صدق وهم مصدقون فيما يقولون ولكن هل يبنى الحكم على هذه العينات التي انتفعت، أم على أصل المسألة وهي الإقامة في بلاد الكفر وفيها من الشر ما فيها.
ثم هناك تنبيه ينبغي أن يذكر في مثل هذه المسائل أقوله لإخواني الكرام بارك الله فيهم ونفع الله بهم وهو: إذا وجد في مثل هذه الأماكن الموبوءة مثل الجامعات ومثل بلاد الكفر من انتفع وحصل له الخير فكم عدد من تضرر وحصل له الشر أليس العدد أكثر وأكثر؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب عاد الأمر إلى قواعد أهل العلم التي بنوا عليها أقوالهم ومنها: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
المثال الثاني: آلة التلفاز:
مما لا يخفى على الجميع أيضا أن آلة التلفاز محرمة، وأن علماء السنة أفتوا بتركها، والبعد عنها، وتنزيه البيوت منها، وما ذلك إلا لعظم الخطر الذي يوجد فيها، وكبير أثرها في إفساد أديان وأخلاق العباد، وهم عندما يتكلمون عليها تحذيرا منها يذكرون الشر الذي اشتملت عليه، وملئت به، ولا يذكرون شيئا من الخير الذي يكون فيها، ويبث بين الفينة والفينة على شاشتها، مع أنه موجود وقد يحتج به من أحس به وانتفع في حياته بسببه:
فقد تجد فيهم من يقسم بالله وهو صادق أنه ما عرف السنة واستقام على الدين إلا بسبب بعض البرامج التي شاهدها في التلفاز، وقد يسمي لك بعضها، بل وأسماء بعض الدعاة الذين تأثر بهم، وانتفع غاية النفع بمتابعة برامجهم.
ومنهم من يقول وهو صادق فيما يقول: أنني والحمد لله لا يكاد ينقطع الذكر من بيتي من الصباح إلى المساء، وذلك لوجود هذه القنوات الفضائية التي تبث الخير؛ من قرآن يتلى، وسنة تروى، ودروس للعلماء وفتاوى لا تنقطع على مدار الساعة.
ومنهم من يقول وهو صادق فيما يقول: أنا أبنائي شخصيا قد استفادوا من برامج هذه القنوات الهادفة وقد يسمي لك بعضها ويذكر ما استفاده أبناؤه منها.
ومنهم ومنهم .....
ولكن أعود وأقول: هل يبنى الحكم على هذه العينات التي انتفعت، أم على أصل المسألة وهي مشاهدة التلفاز وفي هذه المشاهدة من الشر ما فيها.
ثم إذا وجد من انتفع بالتلفاز حقيقة فكم عدد من تضرر به؟
يا إخوتاه أحوالكم هذه مسلمة لكم، وأنا لا أنكرها أو أجادلكم فيها، ولكنني أتكلم في أمر آخر لا ينبغي أن تغفلوا عنه، وتغمضوا الطرف عن وجوده؛ ألا وهو الشر العظيم الموجود بين جنباتها، والذي أردت أن أحذر في مقالتي هذه منه؛ ببيان بعض وجوهه وصوره، ولم أذكر الخير مع علمي بوجوده لأن ذكر الخير في أثناء التحذير من الشر يضعفه.
أما بالنسبة للأخ العكرمي خاصة جزاه الله خيرا والذي قال أن في الأبيات تعميمات لا تليق بتاتا، كانتفاء وجود المشايخ النافعين والأصحاب الصالحين، فجوابه أخي الكريم بارك الله فيك هو:
لو تمعنت أخي في التعليقات التي تلت الأبيات لعلمت المقصود من التعميمات ومثاله أنني قلت والحمد لله:
وشيخك فيهـا لن يكون*** أبدا شمسا ساطعة
لأن علـومه إنمـــا*** علــــوم قوم ضائعة
والبيت الأول تظهر فيه نوعية المشايخ الذين يُقصدون لتحصيل العلم على أيديهم، وأخذ المعرفة بالجلوس إليهم، ممن لا تجد في جامعاتنا شبها لهم، ولا حتى من يقاربهم ويدانيهم، وهم العلماء العاملون بعلمهم، المربون عليه بالقول والفعل غيرهم، فالطالب عندهم يتعلم من قولهم ويستفيد أيضا من سمتهم وهديهم ودلهم، من أمثال وأشبال من ذكرت في مشثورتك وسميت في منظومتك: كالحسن البصري وابن دينار ومالك والفضيل والأعمش والشعبي وأحمد وغيرهم ممن وصفت بالشموس الساطعات وحق لك ذلك، فإنهم كانوا كذلك، لأن الشمس اجتمعت فيها خصال: فهي تنير لنفسها، وتنير الطريق لغيرها، وتعين على نماء ما تمسه بأشعتها من الكائنات الحية التي لا تنمو إلا بدفئها، وكذلك علماؤنا قد توفرت فيهم الخصال نفسها: فهم ينيرون لأنفسهم فيعملون بِعِلمِهِم، وينيرون الطريق لغيرهم بتعليمهم وتثقيفهم، وأما تدفئتهم لهم فبتربيتهم على ما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم، وأظنك معي في أنه لا يمكن أن يكون مشايخ الجامعات اليوم من هذا الصنف، ولا على هذا الوصف، إلا فيما شذ ونذر ( وهنا قلت في الحاشية: كمثل مشايخنا الذين يدرسون في الجامعات وعلى رأسهم الشيخ محمد علي فركوس حفظ الله الجميع) ولا شك أن القاعدة لا تبنى على الشاذ والناذر لا حكم له.
إذا أنت تلاحظ أنني استثنيت من يخرج عن القاعدة العامة ممن لا يدخل فيها ومع ذلك لا تبنى عليه القاعدة لقلة عدده والله أعلم.
ولأخي العكرمي أقول أيضا: إن الأحياء الجامعية شيء والجامعة شيء آخر ولابد من التفريق.
وأخيرا أقول لإخواني الكرام بارك الله فيكم، وشكر الله لكم حرصكم، واعلموا إخواني أني ما قلت إلا الذي أدين الله به، وأعلم أنني مسؤول يوم القيامة عنه، والكل مسؤول على ما يلفظ ويقول، وهذا هو الذي اعتقده وأدين الله به.
والله أسأل أن يصلح أحوالنا، ويغير ما حل بنا، وأن يجعل لنا المخارج الشرعية التي تنفعنا في دنيانا وأخرانا، وليس القصد هو التضييق على الناس وإنزال الحرج بهم؛ وإنما المقصود نصحهم بما يقربهم من ربهم، ويرضيه سبحانه وتعالى عنهم، ولو كان في ذلك فوات بعض ما يعتقدونه من مصالحهم.
والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكتب أخوكم المحب لكم: أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09 Jul 2014, 12:46 PM
أبو أمامة حمليلي الجزائري أبو أمامة حمليلي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الدولة: مدينة أبي العباس غرب الجزائر
المشاركات: 409
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أمامة حمليلي الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو أمامة حمليلي الجزائري
افتراضي

بارك الله في الإخوة الأفاضل ، أمتعتمونا أمتعكم الله في جنَّته ، نسأل الله أن يحفظ الشباب السلفي .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09 Jul 2014, 01:57 PM
أبو همام وليد مقراني أبو همام وليد مقراني غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 748
افتراضي

بارك الله فيكم إخواني على هذه المناقشة الرائعة
و أضم صوتي إلى صوت أخي عبد الصمد
فكم من أخ سلفي دخل إلى الجامعة و خرج منها إما إخواني أو جزأري أو مميع و أقل الأحوال متعالم
فالعبرة ليست بالقلة القليل التي استفادت من مخالطة الطلبة و المشايخ السلفيين
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 09 Jul 2014, 02:26 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي عبد الصمد! فقد أعطيت الموضوع حقه، وبينت خطرا تغافل عنه الكثير من أهل السنة! ممن ابتلاهم الله بهذه المصيبة!!
وحزني على إخواننا الذين ضيعتهم الجامعات فحلقوا لحاهم وتركوا الصلاة وانغمسوا في فتنة النساء! وأسفي على عشرات المتخرجين ممن عرفناهم بالطلب و الاجتهاد هم الآن منهمكون بالتجارة! ليس لهم أي اهتمام بدعوة الناس.
أعيد وأكرر : جزاك الله خيرا وبارك الله في كتاباتك

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 09 Jul 2014 الساعة 02:29 PM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 10 Jul 2014, 12:50 AM
عبد الصمد سليمان عبد الصمد سليمان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 139
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ أبي عبد الله مصطفى براهمية حفظه الله ونفع به
أقول بارك الله فيك على الفائدة وجزاك الله خيرا على الإفادة وأنا أصلحتها عندي ووضعت مكانها وبدلا عنها كلمة "أحمد" فصارت "وأحمد له ما خلص إليه" والفضل بعد الله جل وعلا لك أخي الكريم فبارك الله فيك وأجزل لك المثوبة.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 10 Jul 2014, 02:14 AM
أبو عبد الرحمن العكرمي أبو عبد الرحمن العكرمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: ولاية غليزان / الجزائر
المشاركات: 1,352
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن العكرمي
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الصمد و وفقنا الله جميعا للخير , و لا ريب و لا شك أن من سلم من الشر و لم ينغمس فيه خير ممن دخله و لربما داخله , فأصابه من فحيحه و صديده ما أصابه و لو خرج بعدها ناجيا

فنسأل الله أن يصلح أحوالنا و الله يبارك فيك مجددا
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10 Jul 2014, 07:23 AM
أبو حذافة صدام زميت الجزائري
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

!!!
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 10 Jul 2014, 02:38 PM
وسيم قاسيمي وسيم قاسيمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 209
إرسال رسالة عبر Skype إلى وسيم قاسيمي
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الصمد فقد ذكرت أمورا واضحة جليلة وقد كان الكثير يقولون لي لما تنصح الإخوة بعدم الدخول للجامعة وأنت قد دخلتها فأقول لهم دخولي لها ليس معناه أني أحببت الدخول إليها أو أردت الدخول إليها والسلامة من فتنتها ليس معناه أنه ليس فيها فتنة، فالكثير يدخل للكنائس للزيارة والاستطلاع ويقرؤون الإنجيل ولا يتأثرون به ويبقون مسلمين ولكن ليس معناه أن نقول أن هذا الأمر محمود، فنحن دخلنا الجامعة ودرسنا فيها ورأينا أمورا لا تحمد عقباها أوذينا في ديننا وفي منهجنا كنا في بعض الأحيان يخوفنا الأساتذة بأننا إن لم نفعل أمر مخالف للشرع أنهم سيقصوننا والحمد لله أننا ثبتنا، وما ذكره الأخ العكرمي صحيح أن الإقامة طيبة حتى إني حتى بعد خروجي من الجامعة لم أدخلها ولكن الإقامة أصبحت وكأني فرد منها لا يمكنني التخلي عنها لما وجدته من أخوة فيها وما وجدناه من أحبة وأخلاء وما وجدناه من طلب للعلم والحث على الحلقات والحرص عليها.
فيجب علينا التفريق بين الأمرين فالجامعة أمر والإقامة أمر آخر.
وما ذكره أخي أبا معاذ محمد مرابط مهم أيضا لأن الكثير من الإخوة شغلوا عن الدعوة بالاهتمام بالدنيا. نسأل الله العفو والعافية
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, مسائل, نظم, جامعة, فقه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013