منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01 Dec 2013, 02:29 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي إشكال قديمٌ في أصول (سنن التِّرمذي)

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله حق حمده، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
أما بعد:


فقد أخرج التِّرمذي في سننه (97) حديث ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة ـ وهو ورَّادٌ، سُمِّيَ في بعض طرق الحديث عند ابن ماجة وغيره ـ عن المغيرة بن شعبة قال: «وضَّأت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخفَّين وأسفلهما».

وهذا الحديث نصَّ أئمَّة العلل: عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وأبو داود والدَّارقطني وغيرهم على أنَّ ثورًا لم يسمعه من رجاء، لأنَّ ابن المبارك روى عنه ـ أي عن ثورـ أنَّه قال: حدِّثت عن رجاء عن كاتب المغيرة عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ذكر ذلك الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي فيما حكاه الحافظ ابن حجر في التَّلخيص (1/430)، ورواه ابن حزم في المحلَّى بإسناده إلى ابن المبارك (2/114 ـ المنيريَّة).
فالحديث عندهم معلول بعلَّتين: الانقطاع بين ثور ورجاء، والإرسال.
ولمَّا أخرج التِّرمذي هذا الحديث في سننه علَّق عليه بقوله: «وهذا حديثٌ معلول، لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمَّدا عن هذا الحديث فقالا: «ليس بصحيح، لأنَّ ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة، مرسلٌ عن النَّبي ، ولم يذكر فيه المغيرة».
وهذا النَّقل عنه أبي زرعة والبخاري مشكل، لأنَّ فيه أن محلَّ الانقطاع ليس بين ثور ورجاء، ولكن بين رجاء وكاتب المغيرة.
والظَّاهر أنَّه في الأصول القديمة للسُّنن، ولذلك اعتمد عليه بعض من جاء بعد التِّرمذي فذكر الانقطاع في هذا الموضع الثَّاني أي: بين رجاء وكاتب المغيرة، ومنهم الحافظ أبو علي الطُّوسي (المتوفى سنة 312) صاحب المستخرج على سنن الترمذي المسمَّى بـ"مختصر الأحكام" فإنَّه قال فيه (1/299): "أمَّا ما حدَّث به الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة ... فإنَّه يُقال: هذا حديث لا يصحُّ، لأنَّ ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة، مرسلٌ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه المغيرة".
وقد بيَّن الحافظ ابن حجر في "النَّكت على ابن الصَّلاح" (1/421) أنَّ من عادة الطوسي أن ينقل عبارة التِّرمذي بعينها، لكنَّه لا ينسبها إليه، ولكن يقول: "يقال كذا" كما صنع هنا، وهذا يدلُّ على أنَّ كلمة التِّرمذي هذه على هذا الوجه قديمة في كتابه، لأنَّ الطُّوسي معاصر للتِّرمذي لكن لمَّا تأخرت رحلته عن رحلته فاته بعض عوالي شيوخه كقتيبة وغيره.
وقد مال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لسنن التِّرمذي (1/164) إلى توهيم التِّرمذي في حكايته عن أبي زرعة والبخاري وقال: "وأنا أظنُّ أن الترمذي نسي فأخطأ فيما نقله عن البخاري وأبي زرعة".
ويظهر أنَّ الدكتور بشَّار عواد لم يعِ مقصود الشَّيخ أحمد شاكر فحكى كلامه في تحقيقه على السُّنن أيضًا (1/143) وعقَّب عليه بقوله: "إنَّ جهابذة أهل الحديث ـ أبو زرعة والبخاري وأحمد وأبو داود والمصنِّف ـ قد حكموا بانقطاعه وإرساله معا، ولا أدري كيف فهم الشيخ كلامهم على غير هذا، فحينما قال ابن المبارك: "حُدِّثث عن كاتب المغيرة مرسل عن النَّبي صلى الله عليه وسلم"، هو حكم واضح بانقطاعه وإرساله".
وهذا اعتراض من لم يفهم مراد الشَّيخ شاكر رحمه الله فإنَّه يُسلِّم أنَّهم حكموا بانقطاعه وإرساله معا لكن ينبِّه إلى الفرق بين الحكاية عن أبي زرعة والبخاري المثبَتةِ في السُّنن، وبين ما هو ثابت في رواية ابن المبارك وما نصَّ عليه أحمد وأبو داود وغيرهما من موضع الانقطاع، فحكاية التِّرمذي تقتضي أنَّ الانقطاع بين رجاء و كاتب المغيرة، أمَّا كلام غيرهما فعلى أنَّ الانقطاع بين ثور ورجاء، وهو الصَّواب.
نعم، كلام الشَّيخ شاكر في تقوية الحديث مدخول، وقد أحسن الدُّكتور في نقضه، لكنَّه لم يتنبَّه إلى موضع الإشكال في كلام التِّرمذي، والله أعلم
أما أنا فأستبعد أن يكون الخطأ من التِّرمذي، ويظهر لي أن الأقرب أن يكون الخطأ ممَّن بعد التِّرمذي ممَّن روى عنه السُّنن أو ممَّن نسخها، وأنَّ أصل كلام التِّرمذي: "عن ثور قال: حُدِّثت عن رجاء عن كاتب المغيرة، ثمَّ قالا: مرسلٌ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم".
والَّذي يدلُّ على أنَّ هذا أقرب الاحتمالين ـ أعني أن يكون الخطأ ممَّن بعدَ التِّرمذي ـ، ويُبعد الوهم عنه أمران:
الأوَّل: كلام التِّرمذي نفسه في كتاب العلل الكبير (برقم: 97ـ ترتيب أبي طالب القاضي) فإنَّه قال: "سألت محمَّدًا عن هذا الحديث فقال: لا يصحُّ هذا, روي عن ابن المبارك عن ثور بن يزيد قال: حُدِّثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النَّبي ﷺ مرسلًا، وضعَّف هذا، وسألت أبا زرعة فقال نحوًا ممَّا قال محمَّدُ بن إسماعيل".
وفي هذا النَّقل أنَّ التِّرمذي حكى عن البخاري وأبي زرعة ما هو موافقٌ لتعليل غيرهما من الأئمَّة وما هو مطابق لما رواه ابن المبارك عن ثور.
نعم، يمكن أن يكون التِّرمذي كتبه صوابًا في العلل، وتطرَّق إليه الخطأ حال وضع السُّنن، لكن إذا دار الأمر بين توهيمه على جلالته، وتوهيم من بعده لا سيَّما وقد جاء عنه على الصَّواب فتوهيم من بعده أقرب، اللَّهم إلا إذا اتَّفق رواة السنن كلُّهم أو بعضهم على حكايته عن التِّرمذي على الخطأ فيتعيَّن حينئذ أن يكون الوهم منه، وهذا ما لم أتحقَّقه لأنَّ الَّذي بين أيدينا من روايات الجامع هي رواية المحبوبي، وقد اطَّلعت منها على صورةِ نسخةٍ خطيَّة عتيقة، هي أصحُّ نسخة وصلت إلينا وأوثقها، و هي نسخة الكروخي المحفوظة بالمكتبة الوطنية بباريس، فرأيت ما فيها مطابقًا لما في المطبوع، والله أعلم.
ثم إنِّي رأيت الإمام الحافظ أبا الفتح ابن سيد النَّاس تنبِّه في شرحه على التِّرمذي (خ/ل220/ب) إلى الاختلاف بين ما في السُّنن وما في العلل فقال: "زعم أبو زرعة والبخاري أنَّ "حُدِّثت" سقطت بين رجاء بين حيوة وكاتب المغيرة، كما رواه الترمذي عنهما وهو سقوط غير الأول (يعني غير السقوط بين ثور ورجاء الذي أشار إليه أحمد وأبو داود)، ويمكن سقوطهما معًا، والَّذي وجدته في جامع التِّرمذي كما ذكرته، وفي كتاب العلل له في سؤاله البخاري وأبا زرعة وجوابهما له سقوط "حُدِّثت" بين ثور ورجاء بن حيوة كما هو عند أبي داود وأحمد".

واحتمال كون السَّقط في موضعين يُشكل عليه أنَّ البخاري وأبا زرعة أحالا على رواية ابن المبارك، ورواية ابن المبارك إنَّما فيها السَّقط بين ثور ورجاء مع الإرسال على ما تقدَّمت حكايته عن ابن مهدي ورواية ابن حزم في المحلَّى، فانحصر الحال بين أن يكون وهمًا من التِّرمذي أو من النَّاقل عنه، وتقدَّم أحد أمرين ممَّا يرجح الاحتمال الثَّاني.
الأمر الثَّاني: أنَّ ابن القيم ذكر في "حاشية سنن أبي داود" (1/281ـ مع عون المعبود) أربع علل لهذا الحديث، ولم يذكر من تلك العلل الانقطاع بين رجاء وكاتب المغيرة، بل حكى كلام التِّرمذي ليستدلَّ به على الإرسال، ووقع النصُّ في نقله هكذا: "قال التِّرمذي سألت أبا زرعة ومحمَّدًا عن هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح، لأنَّ ابن المبارك روى هذا الحديث عن ثور عن رجاء، قال حُدِّثت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم"، فليس فيه عن رجاء قوله: "حُدِّثت عن كاتب المغيرة".
لكنَّه رجع بعد ذلك (1/284) وجعل علَّة الحديث أن ابن المبارك رواه عن ثور عن رجاء قال: "حُدِّثت عن كاتب المغيرة" ، كما هو في سنن الترمذي، ثمَّ حكى عن بعض الحفَّاظ أنه قال: "أخطأ الوليد بن مسلم في هذا الحديث في موضعين: أحدهما أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة، وإنَّما قال: حُدِّثت عنه، والثَّاني أنَّ ثورًا لم يسمعه من رجاء".
وهذا لا يكون إلا على اعتبار أن النَّقل عند هذا الحافظ المذكور ـ ولعلَّه يعني أبا محمد ابن حزم ـ كالَّذي عندنا في مطبوعات السُّنن.
هذا، وقد حكى شيخنا يوسف الدَّخيل رحمه الله في كتابه "سؤالات التِّرمذي للبخاري" (1/305) عن شيخه محمد أمين المصري رحمه الله احتمال أن يكون وهمًا من التِّرمذي أو أن يكون النُّساخ مِن بعده أخطأوا، قال: "وقد أشار إلى ذلك ابن الصَّلاح وغيره، وأكَّدوا على كل باحث بأن يُعنى عناية دقيقة بأن تكون النُّسخة الَّتي بين يديه من جامع التِّرمذي مصحَّحة".
قلت: وكلام ابن الصَّلاح في ذلك متعلِّق باختلاف النُّسخ في حكم التِّرمذي على الأحاديث ما بين "حسن صحيح" أو "حسن صحيح غريب" ونحو ذلك من الأحكام، لكن الشَّيخ محمد أمين استشفَّ منه ما هو أكثر من ذلك، فإنَّه إن وقع الخلل في هذه فلا يُستبعد أن يقع في كلامه الآخر كهذا المثال الَّذي نحن فيه.
والله تعالى أعلى وأعلم.


خالد حمُّودة
28/1/1435


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 05 Dec 2013 الساعة 08:05 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01 Dec 2013, 06:40 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

بارك الله فيك على هذه الفائدة القيمة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01 Dec 2013, 11:12 PM
مصطفى قالية
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله أخي الفاضل خالد على ما تتحفنا به من بحوث، تنشط بها بها العقول، وتحفز بها النفوس.
وقد كانت النتيجة التي توصلت إليها أن الوهم والخطأ أقرب التصاقا بمن نقل عن الترمذي، وعللت لذلك جزاك الله خيرا.
وقد أعجبني تحرير الشيخ الفاضل يوسف الدخيل رحمه الله لهذه المسألة وأعجبتني النتيجة التي توصل إليها، وفيها أن الأقرب تصحيح الروايتين وعدم تخطئة أحد، بمعنى أن الانقطاع ثابت في الموضعين: بين ثور ورجاء، وبين رجاء وكاتب المغيرة.
ولا يشكل عليه رواية ابن المبارك كما تفضل أخي الكريم ، فإن غرض أبي زرعة والبخاري كان التنبيه على علة الإرسال لا الانقطاع.
ولجمال بحث الشيخ الفاضل يوسف رحمه الله أنقل الشاهد منه بنصه، وهو في كتابه النافع الماتع: سؤالات الترمذي للبخاري حول أحاديث في جامع الترمذي (1/305) وما بعدها
(قال الدكتور محمد أمين المصري المشرف السابق رحمه الله: "يمكن أن يكون الخطأ من نقل الترمذي ومعنى ذلك أننا نرجح ما رواه الأكثرون، ويمكن أن يكون الترمذي نقل أيضاً كما نقل الآخرون، ولكن النساخ من بعده أخطأوا، وقد أشار إلى ذلك ابن الصلاح وغيره، وأكدوا على كل باحث بأن يعنى عناية دقيقة بأن تكون النسخة التي بين يديه من جامع الترمذي مصححة".
وأنا أقول: أنه يمكن تمشية ذلك لولا أني رأيت ابن القيم ذكر أن بعض الحفاظ قال: "أخطأ الوليد بن مسلم في هذا الحديث في موضعين:
أحدهما: أن ثورا لم يسمعه من رجاء.
الثاني: أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة، وإنما قال: "حدثت عنه".
ولا شك أن هذا الذي ذكر عن بعض الحفاظ يجمع بين القولين المختلفين، ويقضي على الاختلاف، فيكون لا منافاة بين كلام أحمد، وأبي داود، والدارقطني، وبين ما نقله الترمذي عن البخاري وأبي زرعة، بل يكون كل فريق من الفريقين ذكر موضعاً من الموضعين اللذين أخطأ فيهما الوليد التي اعتنت رواية ابن المبارك ببيانها.
قال الدكتور محمد أمين المصري رحمه الله: "كلام ابن القيم ينقذ الترمذي من الوهم، ولكن إذا أخذنا بكلامه فرواية ابن المبارك يكون فيها انقطاع في موضعين بين ثور ورجاء وبين رجاء وكاتب المغيرة، ومعنى هذا: أن الرواية التي ذكرها البخاري وأبو زرعة بنقل الترمذي قد قصرت، وكذلك الرواية التي نقلت برواية أحمد تكون قد قصرت أيضاً" اهـ
وحتى نبني أمورنا على التأكد والتثبت قبل تخطئة شيء وقبول شيء آخر يخالفه، رأيت لزاماً على الرجوع إلى المصادر؛ لأقف بنفسي عن كثب فأتعرّف هل سمع رجاء من كاتب المغيرة أولا؟ ومعنى هذا -في نظري- أنه إذا لم يسمع منه تكون رواية البخاري وأبي زرعة بنقل الترمذي لها نصيب من القبول وربما يقال: لا سبيل لنا إلى تخطئة الترمذي وإلصاق الوهم به، وبرجوعي إلى شيء من تلك المصادر وجدت العلائي ينقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: "لم يلق رجاء بن حيوة ورّاداً يعني كاتب المغيرة".
قال العلائي: وكذلك ذكر الترمذي عن البخاري وأبي زرعة عقب حديث رجاء عن ورّاد كاتب المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر الحديث، ونقل كلام البخاري وأبي زرعة عليه الذي حكاه عنهما الترمذي.
كما نجد ابن حجر في "تهذيب التهذيب" بعد أن نقل ذلك عن أحمد قال: "وكذا حكى الترمذي عن البخاري وأبي زرعة"اهـ.
فاتضح أنَّ لما ذكره الترمذي عن البخاري وأبي زرعة نصيباً من الصحة والصواب.

التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى قالية ; 01 Dec 2013 الساعة 11:39 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02 Dec 2013, 02:32 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أهلا بكم شيخ مصطفى، سررت بمشاركتك وإفادتك.
كنت قد اطَّلعت على ما اختاره شيخنا يوسف الدخيل رحمه الله، ولمَّا لم أرتضه كرهت أن أذكره ثم أنقضه قضاءً لحقِّ المشيخة عليَّ، وما دمت قد أفدت به فما بدٌّ.
أما المانع من تصويب ما ذهب إليه رحمه الله فهو نص الترمذي نفسه في كتابه الآخر، فالمؤلف نفسه يحكي لفظ المسؤولَيْن: أبي زرعة والبخاري، وهما قد أجاباه بجواب واحد بلا شك، فمن غير المعقول أن يحكيه في كتاب على وجه وفي كتاب آخر على وجه آخر، بل المعهود أن يحكي الجواب كلَّه، وليس ينتقي منه هنا شيئا وهنالك شيئا، فيكون يذكر جوابهما في كتابين وينقل عنهما في كلِّ كتاب علَّة لا ينقلها في الآخر.
ثم إنَّه قد عُلم من تصرف الترمذي أن الحديث إذا كان في الجامع ثم ذكره مرة أخرى في العلل فإن الكلام عليه في الكتابين يكون واحدا، وقد نبه إلى ذلك أبو طالب القاضي في أول ترتيبه للعلل، وهمَّ من أجل ذلك أن يُسقط من كتاب العلل كل حديث ورد ذكره في الجامع، وهذا نصُّ كلامه (ص20): "ولقد كان يتجه أن يسقط من كتاب العلل كل ما هو مذكور في الجامع حتى لا يذكر فيه إلا ما ليس في الجامع، غير أنا كرهنا أن نسقط منه شيئا فتركناه على ما هو عليه، فربما يجيء الباب ويكون فيه الحديث الذي في ذلك الباب من الجامع بنحو الكلام الذي تكلم عليه في الجامع بلا مزيد على ذلك".
فهذا تنصيص على المطابقة بين ما يتكلم به الترمذي على الحديث في الكتابين.
إضافة إلى ما تقدَّم من أن الجواب واحد والسائل واحد، فيتعذَّر حمله على الموضعين.
وشيء ثالث مهم، وهو أنهما في جوابهما أحالا على ورواية ابن المبارك على موافقة لما في كتاب العلل مخالفة لما في الجامع.
فهذه الأمور الثلاثة تمنع من تصحيح الكلامين، ويتعين أن يكون الصواب هو ما في العلل، وما في الجامع فخطأ من الترمذي أو ممن بعده وهو الأقرب، والله أعلم.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 07 Dec 2013 الساعة 11:23 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02 Dec 2013, 09:10 PM
مصطفى قالية
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل خالد فقد أوضحت وأبنت.
وهنا أقول أعجبني توضيح تلميذ الشيخ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02 Dec 2013, 10:14 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

جزاك الله خيرا أيها الفاضل أستاذ خالد على هذه الفائدة التي تساوي رحلة لكن لمن يعرف قدرها.
تستحق التثبيت.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03 Dec 2013, 07:52 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظك الله شيخ مصطفى، أسأل الله أن يزيدك فضلا على فضل.
ومرحبا بك أستاذ مراد، شكر الله تشجيعك لأخيك.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03 Dec 2013, 12:33 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مراد براهيمي مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا أيها الفاضل أستاذ خالد على هذه الفائدة التي تساوي رحلة لكن لمن يعرف قدرها.
تستحق التثبيت.
نعم أخي مراد هو الآن مثبت كما طلبت
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04 Dec 2013, 10:39 AM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي

مداخلة مبتدئ

في أول الأمر كنت أميل إلى ما نقله الشيخ مصطفى عن الشيخ يوسف الدخيل -رحمه الله- لكن بعد تأملي القاصر ظهر لي أن ما ذكره الشيخ خالد أقرب إلى الصواب لأمور-زيادة على ما ذكر- منها:
أن من عادة أهل هذا الشأن وأئمته أن يتفقوا ويتوارد كلامهم على ذكر نفس العلل وقد يستأنس في هذا بما حكاه أبو زرعة الرَّازي ، وسأله رجل : " ما الحجَّة في تعليلكم الحديث " ؟ قال :" الحجَّة أن تسألني عن حديث له علَّة ، فأذكر علته . ثم تقصد أبا حاتم فيعلله ، ثم تميِّز كلام كلٍ مِنَّا على ذلك الحديث ، فإن وجدَّت بيننا خلافاً في علته ، فاعلم أنَّ كلاً مِنَّا تكلَّم على مراده ، وإن وجدَّت الكلمة متَّفقة فاعلم حقيقة هذا العلم " . قال : ففعل الرجل فاتفقت كلماتهم . فقال : " أشهد أن هذا العلم إلهام "
ويتفرع عن هذا:
أن الإمام أحمد -وهو من ذكر عدم سماع رجاء بن حيوة من ورّاد كاتب المغيرة- لم يذكر تلك العلة وكذلك غيره ويبعد أن لا يكونوا على علم بهذا، بل الدارقطني الذي جمع أزمة ما قيل قبله في علل الحديث ، كما قال عنه الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث: "وقد جمع أزمة ما ذكرناه كله الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك، وهو من أجل كتاب، بل أجل ما رأيناه، وضع في هذا الفن لم يسبق إلى مثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بشكله رحمه الله وأكرم مثواه."، ذكر تلك العلتين فقط.

وهذا قد يكون لأسباب منها أنهم إنما ذكروا ما خالف فيه الوليد بن مسلم ومن تبعه ما رواه عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك، وغالب مدار التعليل هو حول أوهام الثقات، فهم اكتفوا بذكر العلل التي وضحتها الطريق الأخرى وهذا متبع في التعليل إذ إنما تعرف العلل بتتبع الطرق.

وأنهم أغفلوا ذكر الانقطاع بين رجاء بن حيوة وكاتب المغيرة لوضوحه عند أهل هذا الشأن، أو اكتفاء بما تقدم إذ العلة القادحة الواحدة تكفي في تضعيف الحديث فكيف باثنتين.

وأخيرا -وهذه لطيفة- أن من أدب العالم والمتعلم أن لا يكرروا السؤال أو الجواب لغير حاجة فكون الترمذي سأل البخاري وأبا زرعة مرتين أو أجابوه مرتين خلاف الأصل، وخاصة إذا أضيف إليه ما تقدم.والله أعلم

التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 05 Dec 2013 الساعة 10:16 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04 Dec 2013, 11:00 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

اقتباس:
بارك الله فيك على هذه الفائدة القيمة
بارك الله فيك أخي بلال.
اقتباس:
وهذا قد يكون لأسباب منها أنهم إنما ذكروا ما خالف فيه الوليد بن مسلم ومن تبعه ما رواه عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك، وغالب مدار التعليل هو حول أوهام الثقات، فهم اكتفوا بذكر العلل التي وضحتها الطريق الأخرى وهذا متبع في التعليل إذ إنما تعرف العلل بتتبع الطرق.
وأنهم أغفلوا ذكر الانقطاع بين رجاء بن حيوة وكاتب المغيرة لوضوحه عند أهل هذا الشأن، أو اكتفاء بما تقدم إذ العلة القادحة الواحدة تكفي في تضعيف الحديث فكيف باثنتين.
كلام متين نفع الله بك.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013