منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04 Jul 2015, 12:29 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي خزانة تُحف العناية بكتاب "البداية والنِّهاية" (2) (فوائد متعلِّقة بكتاب الله تعالى)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعدُ:

فأتابعُ بحول الله تعالى وقوَّته سائلا منه الإعانة ترتيب وجمع الفوائد الَّتي ذكرها الحافظ –رحمه الله- كما سبقت الإشارة إلى هذا في فاتحة السِّلسلة؛ ولا يزال الكلام في الفوائد المتعلِّقة بكتاب الله تعالى، وقد أدرجت بعض الفوائد الزَّوائد في محالِّها وميَّزت بين المقول والمنقول بكلمة "قلت" وقد أشار إلى استعمال هذه الكلمة لهذا الغرض الطُّوفي –رحمه الله- في خاتمة "شرحه على مختصر الرَّوضة".

· أول من قاس إبليس! وبيان فساد قياسه!

«...وقال في الآية الأخرى: ﴿ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين﴾[الأعراف: 11-12].

قال الحسن البصري: قاس إبليس، وهو أول من قاس. وقال محمد بن سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس. رواهما ابن جرير.

ومعنى هذا، أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم، فامتنع من السجود له، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود، والقياس إذا كان مقابلا بالنص كان فاسد الاعتبار؛ ثم هو فاسد في نفسه، فإن الطين أنفع وخير من النار، فإن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق، ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخ فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له...».[1/ 169].

· الاستطراد من الشَّخص إلى الجنس

«...قال تعالى: ﴿هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون﴾[الأعراف: 189-190].

فهذا تنبيه أوَّلا بذكر آدم، ثم استطرد إلى الجنس، وليس المراد بهذا ذكر آدم وحواء بلْ لما جرى ذكر الشخص استطرد إلى الجنس، كما في قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين﴾[المؤمنون: 12].

وقال تعالى: ﴿ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين﴾[الملك: 5] ومعلوم أن رجوم الشياطين ليست هي أعيان مصابيح السماء، وإنما استطرد من شخصها إلى جنسها.

قلت: ومثله ما ذكره –رحمه الله- في تفسيره (5/ 241) عند قوله تعالى: ﴿أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا﴾[مريم: 58] فقال: هؤلاء النبيون –وليس المراد هؤلاء المذكورين في هذه السورة فقط، بل جنس الأنبياء عليهم السلام، استطرد من ذكر الأشخاص إلى الجنس- ﴿الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم﴾ الآية.

وأفادني الشيخ خالد حمودة –حفظه الله- أنَّ من أمثلته كذلك قوله تعالى: ﴿إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا﴾[الأحزاب: 72]، وقوله تعالى: ﴿والله خلقكم من تراب ثمَّ من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير﴾ [فاطر: 11] في عود الضَّمير في قوله تعالى: ﴿ولا ينقص من عمره﴾ على الجنس لا على العين، كما في قولهم: «عندي درهم ونصفه» أي: ونصف آخر، وانظر "تفسير ابن كثير"(6/ 538) ففيه ما ذكر.

والله أعلم.

· اتِّباع الحقِّ الظَّاهر دون رويَّة مدح ورفعة لا ذم وذلَّة!

قال الله تعالى حاكيا عمَّن كذَّب نوحا عليه السَّلام ولم يتبعه وتنقص متَّبعيه: «﴿فقال الملأ الذين كفروا من قوله ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين﴾[هود: 27]. تعجبوا أن يكون بشرا رسولا، وتنقصوا بمن اتبعه ورأوهم أراذلهم، وقد قيل: إنهم كانوا من أقياد الناس وهم ضعفاءهم. كما قال هرقل: وهم أتباع الرسل. وما ذاك إلا لأنه لا مانع لهم من اتباع الحق. وقولهم: ﴿بادي الرأي﴾ أي: بمجرد ما دعوتهم استجابوا لك من غير نظر ولا روية، وهذا الذي ذموهم به هو عين ما يمدحون بسببه، رضي الله عنهم، فإن الحق الظاهر لا يحتاج إلى روية ولا فكر ولا نظر، بل يجب اتباعه والانقياد له متى ظهر، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحا للصديق: «ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له كبوة، غير أبي بكر، فإنه لم يتلعثم»، ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة أيضا سريعة من غير نظر ولا روية، لأن أفضلية على من عداه ظاهرة جلية عند الصحابة رضي الله عنهم ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته فتركه وقال: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» رضي الله عنه»[1/ 252-253].

قلت: وما نثره ابن كثيرٍ –رحمه الله- في هذا الموضع هو من الدُّرِّ الذي يحسن التقاطه والزِّيادة عليه وصفُّه في مقالٍ بهيٍّ مفيدٍ.

· وصف الشَّكور، وبم يكون؟!

قال الله تعالى -في وصف عبده نوح عليه السلام- : ﴿إنَّه كان عبدا شكورا﴾ [الإسراء: 3]. قيل: إنه كان يحمد الله على طعامه، وشرابه، ولباسه، وشأنه كله.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو أسامة، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها»، وكذا رواه مسلم، والترمذي، والنسائي من حديث أبي أسامة.

والظاهر أنَّ الشكور هو الذي يعمل بجميع الطَّاعات القلبية والقولية والعمليَّة، فإنَّ الشُّكر يكون بهذا وبهذا، كما قال الشاعر:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
[1/ 276].

· خاتمة آية مناسبة لقراءتين

«...كما قالوا: ﴿سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين﴾[الشعراء: 136].

أما على قراءة فتح الخاء فالمراد به اختلاق الأولين أي: إن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك، وأخذته من كتب الأولين. هكذا فسره غير واحد من الصحابة، والتابعين.

وأما على قراءة ضم الخاء واللام فالمراد به الدين أي: إن هذا الدين الذي نحن عليه إلا دين الآباء والأجداد من أسلافنا، ولن نتحول عنه ولا نتغير ولا نزال متمسكين به.

ويناسب كلا القراءتين الأولى والثانية قولهم: ﴿وما نحن بمعذبين﴾[الشعراء: 138].[1/ 292].

· خطأ من قال: إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء!

قال تعالى: ﴿إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر﴾[القمر: 19]. أي: في يوم نحس عليهم، مستمر عذابه عليهم، ﴿تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر﴾[القمر: 20].

ومن قال: إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء، وتشاءم به لهذا الفهم فقد أخطأ وخالف القرآن، فإنه قال في الآية الأخرى: ﴿فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات﴾ [فصلت: 16]، ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات، فلو كانت نحسات في أنفسها لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشئومة، وهذا لا يقوله أحد، وإنما المراد في أيام نحسات أي: عليهم.[1/ 299].

· عاد الأولى والثَّانية!

«ذكر حديث عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا قط حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم، وقالت: كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا؛ رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال: يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذبقوم نوح بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا» . وهكذا رواه مسلم، عن هارون بن معروف، وأخرجه البخاري، وأبو داود من حديث ابن وهب. فهذا الحديث كالصريح في تغاير القصتين، كما أشرنا إليه أولا. فعلى هذا تكون القصة المذكورة في سورة الأحقاف خبرا عن قوم عاد الثانية، وتكون بقية السياقات في القرآن خبرا عن عاد الأولى، والله أعلم بالصواب»[1/ 303].

قلت: وقد ذكرتها مع ما يتعلق بكتاب الله تعالى لبيان أن القصَّة في "سورة الأحقاف" على تقريره –رحمه الله- في عاد الثَّانية الذين بقوا بعد هلاك الأولى، بخلاف باقي السياقات في القرآن، ومن أراد بسط المسألة فلراجع الأصل.

· السِّرُّ في قرن الله تعالى بين ذكر عاد وثمود في كتابه

أشار الحافظ –رحمه الله- إلى أنَّ الله تعالى كثيرًا ما يقرن في كتابه بين ذكر عاد وثمود كما في سورة براءة، وإبراهيم، والفرقان، وسورة ص، وسورة ق، والنجم، والفجر.

وذكرته للشيخ خالد حمودة –حفظه الله- فقال: "الظاهر لأنَّهما عربيتان، متقاربتان في الزَّمان، وأُهلكتا بهلاك متقارب".

وقد أحالني الشَّيخ نور الدين يطو –حفظه الله- على كتاب "دعوة التوحيد"(ص120) للشيخ هراس –رحمه الله- فوجدت فيه ما يلي بعد أن ذكر ما أشار إليه ابن كثير –رحمه الله-: «...مما يدل على أن الأمتين "عاد وثمود" كانتا متقاربتين في الزمان، وأن ثمود كانت على علم بما جرى لأسلافهم عاد من العذاب والنَّكال» ففيه فائدة أخرى؛ وذكر لي أنَّ شيخنا الوالد أبا عبد المعزَّ-حفظه الله- نصحه بالكتاب.

فتحصَّل أنَّ الأسباب التي اقترنا من أجلها أربعة:

1-أنهما عربيتان.

2-أنهما متقاربتان في الزمان.

3-أنهما أهلكتا بهلاك متقارب.

4-أنَّ ثمود كانت على علم بما جرى لأسلافهم عاد من العذاب والنكال.

والله أعلم.
فتحي إدريس
16/رمضان/1436

يتبع إن شاء الله.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04 Jul 2015, 03:21 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا فتحي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07 Jul 2015, 07:43 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وجزاك الله خيرًا أخي الحبيب أبا سهيل، مسرورٌ بمتابعتك وتعليقاتك.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فوائد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013