20 Jan 2008, 05:58 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 17
|
|
بين كلام السلف و كلام الخلف
قال بعض السلف "إني لا أحمل هم الإجابة و لكن أحمل هم الدعاء"
و الناظر المتأمل في هذه الكلمة يجدها حوت معنى و فقها عظيما ،لأن هم الإجابة ليس إليك فالله عز و جل هو الذي تكلف بها و هو القائل: (و قال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داحرين) و قال أيضا: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) فالمؤمن القوي يدعو ربه و هو موقن الإجابة و يمتثل لأمر الله و أمر نبيه القائل عليه صلوات الله و سلامه "ادعوا الله و أنتم موقنون الإجابة ".لكن مكمن الصعوبة و مكمن الخطأ يقع في الشطر الثاني من الكلام و هو الدعاء ،ف""الدعاء هو أعظم العبادات و أهمها بل هو بوابة كل خير و أساس كل فلاح، قال نبينا عليه الصلاة و السلام كما في السنن من حديث النعمان بن بشير :"الدعاء هو العبادة." و تلا قوله تعالى(و قال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي) أي عن دعائي ،فالدعاء هو العبادة أي هو أعظم العبادات شأنا ،و أرفعها مكانة ، و أعلاها مقاما، و أكثرها عوائدا على العبد في دنياه و أخراه ،ولا غنى للعبد عن الدعاء ،و أعجز الناس كما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم و أبخلهم، أبخلهم في الدعاء""[1].
و الدعاء له شروط و آداب يجب على المسلم الإجتهاد في تحصيلها و تحصيل أسبابها و هي :
- أن يكون الداعي موحدا الله عز و جل في ربوبيته و ألوهيته و أسمائه و صفاته.
- أن بكون الدعاء مشروعا في أمر مشروع.
- أن يعتقد الداعي أن الله سبحانه هو القادر و حده على إجابة دعائه بجلب النغع و دفع الضر.
- محققا الداعي أن الله سبحانه هو القادر وحده على إجابة دعائه بجلب النفع و دفع الضر.
- محققا الداعي ركني الإخلاص و المتابعة.
- متوجها إلى الله وحده بضراغة و ابتهال.
- طيب المطعم و الملبس و المسكن و المكسب.
- غير معتد في الدعاء بإثم أو قطيعة رحم.
- غير مستعجل و لا مستبطئ الإجابة و لا قانط.
- مستفتحا الدعاء بالحمد و الثناء على الله تعالى كما هو أهله و الصلاة والسلام على النبي الكريم صلوات الله و سلامه عليه..
- متوسلا إلى الله بأسمائه و صفاته و بصالح الأعمال.
- آخذا بمجامع الدعاء و جمله.
- محسنا الظن بالله تعالى.[2]
""و الأدعية و التعوذات بمنزلة السلاح و السلاح بضاربه ،لا بحده فقط.فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ،و الساعد ساعد قوي و المانع مفقود حصلت به النكاية في العدو .و متى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير،فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه و لسانه في الدعاء،أو كان ثم مانع من الإجابة ،لم يحصل الأثر.""[3]
و لهذا قيل لابن عباس "إن اليهود يقولون نحن لا نوسوس في الصلاة"قال:فما يصنع الشيطان بقلب خرب.
فكن على رعاية بهذا الجانب و تذكر ما قاله أحد السلف:"تأملت الخير فإذا أبوابه كثيرة ووجدت أن ذلك كله بيد الله فأيقنت أن الدعاءمفتاح كل خير".
فالسعيد من أدرك أهمية الدعاء و علق عليه فلاحه، و اجتهد في تحقيق شروطه و أسبابه. فهذا بعض ما تضمنته هذه الكلمة الجليلة من هذا العالم الجليل ،""و لعلها قطرة من بحر بحسب أذهاننا الواقفة، و قلوبنا المخبطة، و علومنا القاصرة ،و أعمالنا التي توجب التوبة و الإستغفار،و إلا فلو طهرت منا القلوب و صفت الأذهان و زكت النفوس و خلصت الأعمال و تجردت الهمم للتلقي عن الله و رسوله، لشاهدنا من معاني كلام الله وأسراره و حكمه ما تضمخل عنده العلوم، و تتلاشى عنده معارف الحق، و بهذا تعرف قدر علوم الصحابة و معارفهم رضي الله عنهم، و أن التفاوت الذي بين علومهم و علوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل ،و الله أعلم حيث يجعل مواقع فضله و من يختص برحمته""[4]
فليكن كلامنا قليل ككلام السلف، فكلام السلف قليل كثير البركة و كلام الخلف كثير قليل البركة،و لايحسن هذا إلا من سار على دربهم و ارتوى من نبعهم و تشبه بأخلاقهم وأعمالهم.
[1]فقه الدعاء للشيخ عبد الرزاق البدر.
[2]انظر "تصحيح الدعاء "و "الوابل الصيب" و "الجواب الكافي" لمزيد تفصيل.
[3]الجواب الكافي
[4]إعلام الموقعين
|