الله المستعان، يقول الله سبحانه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(176)}[البقرة].
قال ابن القيم رحمه الله: [فشبه سبحانه من آتاه كتابه وعلمه العلم الذي منعه غيره، فترك العمل به، واتبع هواه وآثر سخط الله على رضاه، ودنياه على آخرته، والمخلوق على الخالق؛ بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات، وأوضعها قدرا، وأخسها نفسا، وهمته لا تتعدى بطنه، وأشدها شرها وحرصا، ومن حرصه أنه لا يمشي إلا وخطمه في الأرض يتشمم ويستروح حرصا وشرها، ولا يزال يشم دبره دون سائر أجزائه، وإذا رميت إليه بحجر رجع إليه ليعضه من فرط نهمته، وهو من أمهن الحيوانات، وأحملها للهوان، وأرضاها بالدنايا، والجيف القذرة المروحة أحب إليه من اللحم الطري، والعذرة أحب إليه من الحلوى، وإذا ظفر بميتة تكفي مائة كلب لم يدع كلبا واحدا يتناول منها شيئا إلا هر عليه وقهره لحرصه وبخله وشرهه، ومن عجيب أمره وحرصه أنه إذا رأى ذا هيئة رثة وثياب دنية وحال زرية نبحه وحمل عليه، كأنه يتصور مشاركته له ومنازعته في قولته، وإذا رأى ذا هيئة حسنة وثياب جميلة ورياسة وضع له خطمه بالأرض، وخضع له، ولم يرفع إليه رأسه...]. أعلام الموقعين.
|