04 Aug 2010, 12:21 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 28
|
|
من درر ابن القيم رحمه الله
قال ابن القيم رحمه الله:
و لما كان الشيطان على نوعين : نوعٍ يرى عيانا، و هو شيطان الإنس، و نوعٍ لا يرى، و هو شيطان الجن، أمر سبحانه و تعالى نبيه أن يكتفي من شر شيطان الإنس بالإعراض عنه، و العفو، و الدفع بالتي هي أحسن، و من شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه، و جمع بين النوعين في سورة "الأعراف"و سورة "المؤمنين" و سورة "فصلت" و الاستعاذة في القراءة و الذكر أبلغ في دفع شر شياطين الجن، و العفو و الإعراض و الدفع بالإحسان أبلغ في دفع شر شياطين الإنس. قال:
فما هو إلا الاستعاذة ضرعا *** أو الدفع لحسنى هما خير مطلوب
فهذا دواء الداء من شر ما يرى *** و ذاك دواء الداء من شر محجوب
فصل في الصدق
ومنها: عظم مقدار الصدق، و تعليق سعادة الدنيا و الآخرة، و النجاة من شرهما به، فما أنجى الله من أنجاه إلا بالصدق، و لا أهلك من أهلكه إلا بالكذب، و قد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة119).
وقد قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء و أشقياء، فجعل السعداء هم أهل الصدق و التصديق، و الأشقياء هم أهل الكذب و التكذيب، و هو تقسيم حاصر مطرد منعكس. فالسعادة دائرة مع الصدق و التصديق، و الشقاوة دائرة مع الكذب و التكذيب.
و أخبر سبحانه و تعالى: أنه لا ينفع العباد يوم القيامة إلا صدقهم، و جعل علم المنافقين الذي تميزوا به هو الكذب في أقوالهم و أفعالهم، فجميع ما نعاه عليهم أصله الكذب في القول و الفعل، فالصدق بريد الإيمان، و دليله، و مركبه، و سائقه، و قائده، وحليته، و لباسه، بل هو لبه و روحه. و الكذب : بريد الكفر والنفاق، و دليله، و مركبه، و سائقه، و قائده، وحليته، و لباسه، ولبه، فمضادة الكذب للإيمان كمضادة الشرك للتوحيد، فلا يجتمع الكذب و الإيمان إلا و يطرد أحدهما صاحبه، و يستقرّ موضعه، والله سبحانه أنجى الثلاثة بصدقهم، و أهلك غيرهم من المخلفين بكذبهم، فما أنعم الله على عبد بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذي هو غذاء الإسلام و حياته،و لا ابتلاه ببلية أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام و فساده، و الله المستعان.
من كتاب زاد المعاد.
|