الداعية الحكيم وقصة الغلاف المنزوع

[عثمان بوشايبة]

الداعية الحكيم وقصة الغلاف المنزوع

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فقد وقفت على قصة من القصص التي حدثت للشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله مع أحد شيوخه في الهند في كتاب من كتب التراجم المعاصرة التي أنصح طلاب العلم بها ألا وهو كتاب علماء ومفكرون عرفتهم لمحمد المجذوب قال فيه المؤلف تحت عنوان الداعية الحكيم : ... فهو يعرف كيف يلامس القلوب دون أن يجرحها ،فيحقق من النجاح مالا يحلم به الجفاة القساة الذين يملكون الإخلاص والعلم،ويفقدون الروية والتلطف! ولا أنسى هنا ذلك الخبر الذي كان يحدث به تلاميذه ليروضهم على الحلم والحكمة في سلوكهم ،لتصحيح انحرافات الناس، إذ يقص عليهم نبأ أحد شيوخه الذي كان يتلقى عليه العلم في إحدى مدارس الهند، فلا يمر به ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب إلا صب عليه سياط غضبه ، ثم يختم ذلك بالتضرع إلى الله أن ينقذ الإسلام والمسلمين من شر دعوته إلى يوم الدين...حتى ليكاد يجعل من ذلك ورده يقول الشيخ عبد الله القرعاوي: ولم يكن معقولا أن أواجه الرجل بأي اعتراض على فكرة يمتلئ صدره وصدور سامعيه إيمانا بها...لذلك عمدت إلى الحيلة، فأخذت كتاب التوحيد تأليف الإمام محمد بن عبد الوهاب ، ونزعت عنه غلافه الذي يحمل اسمه ، ثم تركته على منضدة الشيخ دون أن يعلم مصدره...وشاء الله أن يقرأ الشيخ ذاك الكتاب ويستوعبه بدقة،فراح يبدي به إعجابه ويسأل عن مؤلفه العظيم ...حينئذ أعلنت له الواقع ، فما كان من الرجل إلا أن قال : لقد ظلمنا هذا المصلح كثيرا، ولا نجد كفارة لما أسلفنا إلا أن ندعو له مقدار ما دعونا عليه.
من فوائد القصة:
1- الإخلاص من أعظم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتصف بها.
2- ينبغي للداعية أن يعتني بصفة التوكل على الله و إعتماد القلب عليه مع الأخذ بالأسباب النافعة.
3- على الداعية أن يصبر على أذية الآخرين ويحسن إليهم خاصة إذا كان لهم فضل عليه.
4-على الداعية أن يتقي الله عزوجل وان يكون صادقا في أقواله وأفعاله.
5-ينبغي للداعية أن لاييأس ولايتسرع في إطلاق الأحكام على الآخرين ويحرص على عطفهم ورحمتهم ومحبة الخير لهم ويحذر من أن يكون عونا للشيطان عليهم.
6- ينبغي للداعية أن يحب الخير للناس ويدخل السرور عليهم.
7- على الدعاة خاصة العاملين في سلك المؤسسات الخيرية أن يحاولوا طباعة بعض الكتب بأسماء مستعارة بعد إذن أصحابها فإن وسائل الإعلام بشتى أنواعها قد شوهت سمعة كثير من الأعلام والله المستعان . حتى أصبح عامة الناس بمجرد أن يقرأ على أغلفة بعض الكتب تأليف الإمام المجدد بن عبد الوهاب ينفر ويظن أن بائعي هذه الكتب وهابية ولو علموا ما في كتب الإمام من علم غزير وفوائد جمة ما حرموا أنفسهم هذا الخير العظيم.