02 Sep 2017, 10:14 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 10
|
|
إضاءات منهجيـة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فمن أصول أهل السنة والجماعة المقررة عندهم أصل الولاء والبراء، أي تولي المسلمين المؤمنين والتبري من المشركين الكافرين؛ ومن مسائل هذا الأصل قضية موالاة الكفار، وقد غلط كثير في هذا الباب مما جعلهم يكفرون شرائح كثيرة من المسلمين، وسبب هذا الفعل هو اللبس الواقع عندهم في التفرقة بين التولي والموالاة؛ إذ التولي وهو محبة الكفار لدينهم ونصرتهم ومظاهرتهم على المسلمين لأجل دينهم ممنوع ومنهي عنه وهو ردة منه.
وأما المولاة وهي ((الرُّكُونِ إِلَيْهِمْ وَالْمَعُونَةِ، وَالْمُظَاهَرَةِ، وَالنُّصْرَةِ إِمَّا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ، أَوْ بِسَبَبِ الْمَحَبَّةِ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ دِينَهُ بَاطِلٌ)) فهذه لا توجب كفرا ولكن صاحبها على خطر عظيم إذ هي من كبائر الذنوب.
هذا وقد ذكر الرازي في تفسيره أنواع المولاة وحكم كل نوع فقال:
((وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْمُؤْمِنِ مُوَالِيًا لِلْكَافِرِ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ رَاضِيًا بِكُفْرِهِ وَيَتَوَلَّاهُ لِأَجْلِهِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُصَوِّبًا لَهُ فِي ذَلِكَ الدِّينِ، وَتَصْوِيبُ الْكُفْرِ كُفْرٌ وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَبْقَى مُؤْمِنًا مَعَ كَوْنِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
ثانيها: الْمُعَاشَرَةُ الْجَمِيلَةُ فِي الدُّنْيَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ كَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ هُوَ أَنَّ مُوَالَاةَ الْكُفَّارِ بِمَعْنَى الرُّكُونِ إِلَيْهِمْ وَالْمَعُونَةِ، وَالْمُظَاهَرَةِ، وَالنُّصْرَةِ إِمَّا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ، أَوْ بِسَبَبِ الْمَحَبَّةِ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ دِينَهُ بَاطِلٌ فَهَذَا لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ إِلَّا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بِهَذَا الْمَعْنَى قَدْ تَجُرُّهُ إِلَى اسْتِحْسَانِ طَرِيقَتِهِ وَالرِّضَا بِدِينِهِ، وَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَا جَرَمَ هَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَقَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ)).
وقال الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين)) الآية
ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا وأنصارا توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك: فقد برىء من الله وبرىء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر))
قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ: ((مسمى الموالاة يقع على شعب متفاوتة، منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات)).
قال العلامة صالح آل الشيخ:
(( الموالاة باسمها العام تنقسم : إلى التولي وإلى موالاة .
أما التولي : فهو الذي جاء في قوله تعالى (( ومن يتولّهم منكم فإنه منهم )) [ المائدة 51 ] تولاه توليا ، التولي معناه محبة الشرك وأهل الشرك ، محبة الكفر وأهل الكفر ، أو نصرة الكفار على أهل الإيمان ، قاصدا ظهور الكفر على الإسلام ، بهذا الضابط يتضح معنى التولي؛ والتولي ـ كما ذكرت لكم ـ تولي الكفار والمشركين كفر أكبر.
القسم الثاني الموالاة : والموالاة المحرّمة من جنس محبة المشركين والكفار، لأجل دنياهم ، أو لأجل قراباتهم ، أو لنحو ذلك ، وضابطه أن تكون محبة أهل الشرك لأجل الدنيا فهذا محرم ومعصية ، وليس كفرا، دليل ذلك قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة )) [ الممتحنة 1 ] قال علماؤنا رحمهم الله تعالى : أثبت الله جلّ وعلا في هذه الآية أنه حصل ممن ناداهم باسم الإيمان اتخاذ المشركين والكفار أولياء بإلقاء المودة لهم ....)) شرح كتاب ثلاثة الأصول.
والله أعلــم.
|