منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06 Jul 2015, 12:32 AM
أبوأمامه محمد يانس أبوأمامه محمد يانس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 372
افتراضي وصف الحرب القائمة بين الشيطان وابن آدم من أعجب ما تقرأ في حياتك [ للعلامة ابن القيم رحمه الله]

باسم الله الرحمان الرحيم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أما بعدُ:

فهذه درة من الدرر الغوالي التي رصها العلامة ابن القيم رحمه الله رصاً في كتابه النافع الماتع الذي لم يكتب في الإسلام في بابه

مثله على حد علمي والله أعلم وهذا العقد هو الكتاب المعروف بـــ: ((لداء والدواء)) احببت أن أشارك إخوتي بها

عسى أن تنفعهم فتنبههم و تذكرهم بمكايد عدوّهم ليأخذوا حذرهم والله الهادي إلى سواء السبيل.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه المعروف بـــ الداء والدواء في معرض كلامه عن المعاصي وآثارها

على القلب ووصفه الحرب القائمة بين الشيطان وابن آدم ووصيته لجنوده وهو من أعجب ما قد تقرأ في حياتك :

فانظر الآن فيك إلى التقاء الجيشين واصطفاف العسكرين، وكيف تُدال مرةً، ويُدال عليك أخرى؟
أقبل ملِكُ الكفر بجنوده وعساكره، فوجد القلبَ في حصنه جالسًا على كرسي مملكته ، أمرُه نافذٌ في أعوانه، وجندُه قد حفّوا به، يقاتلون عنه، ويدافعون عن حوزته، فلم يمكنه الهجوم عليه إلا بمخامرة بعض أمرائه وجنده عليه. فسأل عن أخصّ الجند به وأقربهم منه منزلةً، فقيل له: هي النفس، فقال لأعوانه: ادخلوا عليها من مرادها وانظروا مواقع محبتها وما هو محبوبها، فَعِدُوها به، ومَنُّوها إيّاه، وانقشوا صورةَ المحبوب فيها في يقظتها ومنامها، فإذا اطمأنّتْ إليه وسكنتْ عنده فاطرحوا عليها كلاليب الشهوة وخطاطيفها، ثم جُرُّوها بها إليكم.
فإذا خامرتْ على القلب، وصارت معكم عليه، ملكتم ثغرَ العين والأذن واللسان والفم واليد والرجل، فرابطوا على هذه الثغور كلّ المرابطة. فمتى دخلتم منها إلى القلب فهو قتيل أو أسير أو جريح مثخَن بالجراحات. ولا تُخلوا هذه الثغور، ولا تمكّنوا سريّة تدخل منها إلى القلب، فتُخرجَكم منها. وإن غُلِبتم فاجتهدوا في إضعاف السريّة ووَهَنِها حتى لا تصل إلى القلب، وإنْ وصلتْ إليه ضعيفةً لا تغني عنه شيئًا.
فإذا استوليتم على هذه الثغور فامنعوا ثغرَ العين أن يكون نظرُه اعتبارًا، بل اجعلوا نظره تفرُّجًا واستحسانًا وتلهِّيًا. فإنْ استَرقَ نظرةَ عبرةٍ فأفسِدوها عليه بنظر الغفلة والاستحسان والشهوة ، فإنّه أقرب إليه، وأعلَق بنفسه، وأخفّ عليه. ودونكم ثغَر العين، فإنّ منه تنالون بغيَتكم، فإنّي ما أفسدتُ بني آدم بشيء مثل النظر، فإنّي أبذر به في القلب بَذْرَ الشهوة، ثم أسقيه بماء الأمنية، ثم لا أزال أعِدُه وأمنّيه حتى أقوّي عزيمته، وأقوده بزمام الشهوة إلى الانخلاع من العصمة.
فلا تهملوا أمر هذا الثغر، وأفسِدوه بحسب استطاعتكم، وهوّنوا عليه أمرَه، وقولوا له: ما مقدار نظرةٍ تدعوك إلى تسبيح الخالق، والتأمّل لبديع صنعته وحسن هذه الصورة التي إنّما خُلِقَتْ ليستدلّ بها الناظرُ عليه؟ وما خلق الله لك العينين سدىً، وما خلق هذه الصورةَ لِيحجُبها عن النظر!
وإن ظفرتم به قليلَ العلم فاسدَ العقل، فقالوا: هذه الصورة مظهر من مظاهر الحقّ ومجلىً من مجاليه، فادعوه إلى القول بالاتّحاد، فإنْ لم يقبل فالقول بالحلول العام أو الخاص. ولا تقنعوا
منه بدون ذلك، فإنّه يصير به من إخوان النصارى، فمُروه حينئذ بالعفّة والصيانة والعبادة والزهد في الدنيا، واصطادوا عليه الجهال. فهذا من أقرب خلفائي وأكبر جندي، بل أنا من جنده وأعوانه!

فصل
ثم امنعوا ثغر الأذن أن يدخل منه ما يُفسِد عليكم الأمرَ، فاجتهدوا ن لا تُدخِلوا منه إلا الباطلَ ، فإنّه خفيف على النفس تستحليه وتستملحه، وتخيّروا له أعذب الألفاظ وأسحرَها للألباب، وامزجوه بما تهوى النفوس مزجًا. وألقُوا الكلمة، فإنْ رأيتم منه إصغاءً إليها فزُجّوه بأخواتها. وكلّما صادفتم منه استحسان شيء فالْهَجُوا له بذكره.
وإيّاكم أن يدخل من هذا الثغر شيء من كلام الله أو كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو كلام النصحاء! فإن غُلِبتم على ذلك، ودخل من ذلك شيء ، فحُولوا بينه وبيّن فهمه وتدبّره، والتفكر فيه ، والعظة به، إمّا بإدخال ضدّه عليه، وإمّا بتهويل ذلك وتعظيمه، وأنّ هذا أمر قد حيل بين النفوس وبينه، فلا سبيل لها إليه، وهو حمل ثقيل عليها لا تستقِلّ به، ونحو ذلك؛ وإمّا بإرخاصه على النفوس وأنّ الاشتغال ينبغي أن يكون أهمَّ بما هو أعلى عند الناس، وأعزّ عليهم، وأغرب عندهم، وزبونه القابلون له أكثر. وأما الحق فهو مهجور، وقابله معرِّضٌ نفسَه للعداوة، والرائج بين الناس أولى بالإيثار، ونحو ذلك. فيُدخِلون الباطلَ عليه في كلّ قالب يقبله ويخِفّ عليه، ويُخرجون له الحقَّ في كل قالب يكرهه ويثقل عليه.
وإذا شئت أن تعرف ذلك فانظر إلى إخوانهم من شياطين الإنس، كيف يُخرِجون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب كثرة الفضول، وتتبّع عثرات الناس، والتعرض من البلاء لما لا يطيق ،
وإلقاء الفتن بين الناس، ونحو ذلك. ويُخرِجون اتّباعَ السنّة، ووصفَ الربّ تعالى بما وصف به نفسَه، ووصفه به رسولُه، في قالب التشبيه والتجسيم والتكييف.
ويسمون علوَّ الله على خلقه، واستواءَه على عرشه، ومباينتَه لمخلوقاته "تحيّزًا"، ويسمّون نزولَه إلى سماء الدنيا وقوله: "من يسألني فأعطيه" تحرُّكًا وانتقالًا، ويسمّون ما وصف به نفسَه من اليد
والوجه أعضاءً وجوارح، ويسمّون ما يقوم به من أفعاله "حوادث"، وما يقوم به من صفاته "أعراضًا". ثم يتوصلون إلى نفي ما وصف به نفسَه بنفي هذه الأمورًا ويُوهمون الأغمار وضعفاءَ البصائر أنّ إثبات الصفات
التي نطق بها كتابُ الله وسنةُ رسوله يستلزم هذه الأمورًا ويُخرجون هذا التعطيل في قالب التنزيه والتعظيم.
وأكثرُ الناس ضعفاءُ العقول يقبلون الشيِء بلفظٍ، ويردّونه بعينه بلفظ آخر! قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112]. فسمّاه "زخرفًا" وهو باطل ؛ لأنّ صاحبه يزخرفه ويزيّنه ما استطاع، ويُلقيه إلى سمع المغرور، فيغترُّ به.
والمقصود أنّ الشيطان قد لزم ثغرَ الأذن ، يُدخِل فيها ما يضرّ العبدَ ولا ينفعه، ويمنع أن يدخل إليها ما ينفعه، وإن دخل بغير اختياره أفسده عليه.

فصل
ثم يقول: قوموا على ثغر اللسان، فإنّه الثغر الأعظم، وهو قُبالة الملك ، فأجْرُوا عليه من الكلام ما يضرّه ولا ينفعه، وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه من ذكر الله تعالى، واستغفاره، وتلاوة كتابه، ونصيحة عباده، أو التكلّم بالعلم النافع. ويكون لكم في هذا الثغر أمران عظيمان لا تبالُون بأيّهما ظفرتم:
أحدهما: التكلم بالباطل، فإنّ المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم، ومن أكبر جندكم وأعوانكم.
والثاني: السكوت عن الحقّ، فإنّ الساكت عن الحقّ أخ لكم أخرس، كما أنّ الأولَ أخ لكم ناطق، وربما كان الأخ الثاني أنفع إخوانكم لكم. أما سمعتم قول الناصح: المتكلِّمُ بالباطل شيطان ناطق، والساكتُ عن الحقّ شيطان أخرس.
فالرباطَ الرباطَ على هذا الثغر أن يتكلّم بحق، أو يمسك عن باطل. وزيّنوا له التكلّمَ بالباطل بكلّ طريق. وخوّفوه من التكلم بالحق بكل طريق.
واعلموا يابَنيَّ أنّ ثغر اللسان هو الذي أُهلِكُ منه بني آدم، وأكُبُّهم منه على مناخرهم في النار، فكم لي من قتيل وأسير وجريح أخذتُه من هذا الثغر! وتعظيمها والتعجب منها، ويطلب من أخيه إعادتها.
وكونوا أعوانًا على الإنس بكل طريق، وادخلوا عليهم من كل باب، واقعدوا لهم كلّ مرصد. أما سمعتم قسمي الذي أقسمتُ به لربّهم حيث قلتُ: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)} [الأعراف: 16 - 17].
أو ما ترَوني قد قعدتُ لابن آدم بطرقه كلّها، فلا يفوتني من طريق إلا قعدتُ له بطريق غيره حتى أصيب منه حاجتي أو بعضَها. وقد حذّرهم ذلك رسولهم ، فقال لهم: "إن الشيطان قد قعد لابن آدم بطرقه كلّها، فقعد له بطريق الإِسلام، فقال: أتُسلِمُ وتذَر دينك ودين آبائك؟ فخالفه، وأسلم. فقعد له بطريق الهجرة، فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ فخالفه، وهاجر. فقعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد، فتُقتَلُ، فيُقسَم المال ، وتُنكح الزوجةُ! ".

وأوصيكم بوصيّة، فاحفظوها: لِينطِقْ أحدكم على لسان أخيه من الإنس بالكلمة، ويكون الآخر على لسان السامع، فينطق باستحسانها فهكذا فاقعُدوا لهم بكلّ طرق الخير. فإذا أراد أحدهم أن يتصدّق فاقعدوا له على طريق الصدقة، وقولوا له في نفسه: أتُخرج المال، فتبقى مثل هذا السائل، وتصير بمنزلته أنت وهو سواء؟ أوَ ما سمعتم ما ألقيتُ على لسان رجل سأله آخَرُ أن يتصدّق عليه، وقال: هي أموالنا، إنْ أعطيناكموها صرنا مثلكم.
واقعدوا له بطريق الحجّ، فقالوا: طريقه مخوفة مشقة، يتعرض سالكها لتلف النفس والمال.
وهكذا فاقعدوا له على سائر طرق الخير بالتنفير منها وذكر صعوبتها وآفاتها.
ثم اقعدوا على طرق المعاصي، فحسِّنوها في أعيُن بني آدم ، وزيِّنوها في قلوبهم، واجعلوا أكبر أعوانكم على ذلك النساء، فمن أبوابهن فادخلوا عليهم، فنعم العون هنّ لكم! ثم الزموا ثغر اليدين والرجلين فامنعوها أن تبطش بما يضرّكم أو تمشي فيه.
واعلموا أنّ أكبر عَونكم على لزوم هذه الثغور مصالحة النفس الأمّارة. فأعينوها واستعينوا بها، وأمِدّوها واستمدّوا منها. وكونوا معها على حرب النفس المطمئنة، فاجتهدوا في كسْرها وإبطالِ
قواها ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بقطع موادّها عنها. فإذا انقطعت موادّها، وقويت موادّ النفس الأمّارة، وأطاعت لكم أعوانُها، فاستنزِلُوا القلبَ من حصنه، واعزلوه عن مملكته، وولُوا مكانه النفس.
فإنّها لا تأمر إلا بما تهوَونه وتحبّونه ولا تجيئكم بما تكرهونه البتة، مع أنّها لا تخالفكم في شيء تشيرون به عليها، بل إذا أشرتم عليها بشيء بادرَتْ إلى فعله.
فإن أحسستم من القلب منازعةً إلى مملكته، وأردتم الأمنَ من ذلك ، فاعقدوا بينه وبيّن النفس عقدَ النكاح، فزيّنوها، وجمّلوها، وأرُوها إياه في أحسنِ صورةِ عروسٍ توجد، وقولوا له: ذُقْ طعمَ هذا الوصال والتمتعّ بهذه العروس، كما ذقتَ طعمَ الحرب، وباشرتَ مرارة الطعن والضرب. ثم وازِنْ بين لذة هذه المسالمة ومرارة تلك المحاربة، فدع الحربَ تضع أوزارها، فليست بيومٍ وينقضي، وإنّما هو حرب متّصل بالموت، وقواك تضعف عن حِراب دائم.
واستعينوا يا بنيّ بجندين عظيمين لن تُغلَبوا معهما:
أحدهما: جند الغفلة، فأغفِلوا قلوبَ بني آدم عن اللهِ والدارِ الآخرة بكلّ طريق، فليس لكم شيء أبلغ في تحصيل غرضكم من ذلك، فإنّ القلب إذا غفل عن الله تمكّنتم منه ومن أعوانه.
والثاني: جند الشهوات فزيّنوها في قلوبهم، وحسِّنوها في أعينهم.وصولوا عليهم بهذين العسكرين، فليس لكم في بني آدم أبلغُ منهما. واستعينوا على الغفلة بالشهوات، وعلى الشهوات بالغفلة، واقرنوا بين الغافلَين، ثم استعينوا بهما على الذاكر، ولا يغلب واحدٌ خمسةً، فإنّ مع الغافلَين شيطانَين، صاروا أربعةً، وشيطان الذاكر معهم.
وإذا رأيتم جماعةً مجتمعين على ما يضرّكم من ذكر الله أو مذاكرة أمره ونهيه ودينه، ولم تقدروا على تفريقهم، فاستعينوا عليهم ببني جنسهم من الإنس البطّالين،فقرّبوهم منهم، وشوّشوا عليهم بهم.
وبالجملة فأعِدّوا للأمور أقرانَها، وادخلوا على كل واحد من بني آدم من باب إرادته وشهوته، فساعدوه عليها، وكونوا عونًا له على تحصيلها. وإذا كان الله قد أمرهم أن يصبروا لكم، ويصابروكم، ويرابطوا عليكم الثغورَ؛ فاصبروا أنتم، وصابروا، ورابطوا عليهم الثغورَ، وانتهزوا فرصكم فيهم عند الشهوة والغضب، فلا تصطادون بني آدم في أعظم من هذين الموطنين!
واعلموا أنّ منهم من يكون سلطان الشهوة عليه أغلب، وسلطان غضبه ضعيف مقهور، فخذوا عليه طريق الشهوة، ودَعُوا طريق الغضب. ومنهم من يكون سلطان الغضب عليه أغلب، فلا تُخْلواطريقَ الشهوة عليه، ولاتعطّلوا ثغرَها ، فإنّ من لم يملك نفسه عند الغضب فإنه بالحرى أن لا يملكها عند الشهوة. فزوِّجوا بين غضبه وشهوته، وامزجوا أحدهما بالآخر، وادعوه إلى الشهوة من باب الغضب، وإلى الغضب من طريق
الشهوة.
واعلموا أنه ليس لكم في بني آدم سلاح أبلغ من هذين السلاحين.
وإنما أخرجتُ أبوَيهم من الجنّة بالشهوة، وإنما ألقيتُ العداوة بينأولادهم بالغضب. فيه قطعتُ أرحامَهم،
وسفكتُ دماءَهم، وبه قتل أحدُ ابنَي آدم أخاه.
واعلموا أنّ الغضب جمرةٌ في قلب ابن آدم، والشهوةَ نارٌ تثور من قلبه، وإنما تُطفأ النارُ بالماء والصلاة والذكر والتكبير ، فإياكم أن تمكِّنوا ابنَ آدم عند غضبه وشهوته من قربان الوضوء والصلاة، فإنّ ذلك يطفئ عنهم نارَ الغضب والشهوة. وقد أمرهم نبيُّهم بذلك، فقال: "إنّ الغضبَ جمرةٌ في قلب ابن آدم. أما رأيتم من احمرار عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحسَّ بذلك فليتوضأ". وقال لهم: "إنّما تُطفَأ النارُ بالماء . وقد أوصاهم الله أن يستعينوا عليكم بالصبر والصلاة، فحُولُوا بينهم وبيّن ذلك، وأنْسُوهم إياه، واستعينوا عليهم بالشهوة والغضب. وأبلغ أسلحتِكم فيهم وأنكاها: الغفلةُ، واتّباع الهوى. وأعظمُ أسلحتِهم فيكم وأمنعُ حصونهم: ذكرُ الله، ومخالفة الهوى. فإذا رأيتم الرجل مخالفَا لهواه، فاهربوا من ظله ، ولا تدنُوا منه.

والمقصود أن الذنوب والمعاصي سلاحٌ ومددٌ يُمِدُّ بها العبدُ أعداءه، ويعينهم بها على نفسه، فيقاتلونه بسلاحه، ويكون معهم على نفسه. وهذا غاية الجهل، وما يبلغ الأعداءُ من جاهلٍ ... ما يبلغ الجاهلُ من نفسه
ومن العجائب أن العبد يسعى بجهده في هوان نفسه، وهو يزعم أنّه لها مكرم. ويجتهد في حرمانها أعلى حظوظها وأشرفها، وهو يزعم أنه يسعى في حظّها. ويبذل جهده في تحقيرها وتصغيرها وتدسِيَتها، وهو يزعم أنّه يُعلِيها ويرفعها ويكبّرها! وكان بعض السلف يقول في خطبته: ألا رُبّ مهينٍ لنفسه وهو يزعم أنه لها مكرم، ومُذِلٍّ لنفسه وهو يزعم أنه لها مُعِزّ، ومصغّرٍ لنفسه وهو يزعم أنه لها مكبّر، ومضيّعٍ لنفسه وهو يزعم أنه مراع لحقّها. وكفى
بالمرء جهلًا أن يكون مع عدوه على نفسه، يبلغ منها بفعلًه ما لا يبلغه عدوُّه. والله المستعان.

انتهى كلامه رحمه الله رحمة واسعة ووفقنا الله للنصر في هذه الحرب إنه ولي ذلك والقادر عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله

المخامرة :هي الخيانة والله أعلم




انتقاء: أبو أمامة محمد يانس


التعديل الأخير تم بواسطة أبوأمامه محمد يانس ; 06 Jul 2015 الساعة 03:17 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013